فرضت علينا الأحداث والصراعات فى المنطقة وما تموج به من خراب ودمار ونزيف فى الأرواح والدماء أن ندرك ما نحن فيه من نعمة وأيضاً جدوى المسار الذى اخترناه عن قناعة وإيمانا وقوة وقدرة نحن أكثر الشعوب التى تعرف معنى الحروب وتكلفتها الباهظة والثمن الذى تدفعه لذلك هذا درس وتجربة خضناها أكثر من مرة وبعد أن تحققت أهدافنا واستعدنا أرضنا وكرامتنا اخترنا السلام والبناء والتنمية والتعمير فى ذات الوقت لا نخشى ولا نخاف من الحرب لكننا لا نسعى إليها وهى آخر خياراتنا إذا تعرض الوطن وأمنه القومى للاعتداء، الانتهاك، لكن يظل السلام هو خيارنا الاستراتيجي.. لذلك أعددنا العدة وبنينا القوة والقدرة وامتلكنا الإرادة لحماية هذا السلام.
فى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاح المنتدى الحضرى العالمى الثانى عشر الذى استضافته القاهرة توقفت أمام صورتين متناقضتين بين مصر التى تبنى وتعمر وتخوض معركة التنمية وبين دول ومدن تتهاوى بالكامل بسبب الدمار والخراب والقتل وحرب الابادة التى تشنها قوى الشيطان التى اختارت الغطرسة والهدم للحجر والبشر.
الحقيقة اننا نعيش فى عالم يتصارع ويتحارب وفى منطقتنا التى ابتليت بسرطان خبيث هو الكيان الصهيونى الذى هو سبب الخراب والدمار ونزيف الدماء.. لذلك يضرب بلا رحمة أو أخلاق أو انسانية، ينسف ملامح ومظاهر الحياة فى غزة يقتل شعبا أعزل وبرئ، يمعن فى قتل المدنيين والأطفال والنساء ولم تعد غزة إلا مجرد اطلال وأشلاء لا حياة فيها لكن أهلها يصنعون الحياة بصمود اسطورى عشقا فى وطن يبحث ويقاتل من أجل ألا يفني، يظل مرسوما بدماء الشهداء ومحفورا فى قلوب الشعب الفلسطينى الصابر والصامد.
وفى لبنان قتل ودمار وخراب بلا رحمة، قرى تتهاوى ومدن تدمر بفعل الشيطان الصهيونى الذى يتلذذ بالقتل والإبادة والحصار والتجويع.
و كانت ومازالت رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى نموذجا ملهما لمن أراد البقاء والبناء.. فالتجربة المصرية انطلقت على مسارين وفى وقت متزامن، الأول بناء القوة والردع حتى لا تتكرر مخاطر وتهديدات كادت تتسبب فى ضياع هذا الوطن، الثانى هو اطلاق أكبر عملية بناء وتنمية وتعمير فى تاريخ مصر مرتكزة على اصلاح شامل فى كافة المجالات والقطاعات.
الحقيقة ان البناء والتنمية والتعمير والعمران فضيلة تجسد الخير فى أسمى معانيه والانسانية فى أرقى صورها وهى أيضاً قيمة أخلاقية تعلى من شأن الأمانة وتصونها، ونجح الرئيس السيسى فى كلمته فى افتتاح المنتدى الحضرى العالمى فى رسم ملامح الفارق بين ما يدور فى المنطقة من خراب ودمار ونزيف للدماء وهدم المجتمعات والمدن والمساكن وبين ما يجرى فى مصر من نهضة عمرانية وتنموية خلال السنوات الماضية تعكس عظمة الأمن والاستقرار وخيار السلام وعدم السعى إلى الصراعات التى تهدم وتدمر ولا تبنى وتعمر لذلك رسم الرئيس السيسى صورة عبقرية رغم تباينها بين من يخربون ويدمرون ويقتلون وبين من يبنون ويعمرون والهدف هو احياء النفس، خلق حياة كريمة آمنة مستقرة للإنسان وليس الدمار والخراب وارهاب الناس وقتلهم وإبادة الأطفال والنساء، فتلك أفعال الشيطان الصهيوني.
مصر التى ترفع راية السلام وتدعو له وتطالب به وتؤكد على أهمية الكف والتوقف عن اذكاء الفتن والصراعات والتدمير والتخريب وتدعو إلى الحوار والتفاوض تمد يد الخير والدعم والمساعدة تطالب بحقوق الدول النامية فى الأمن والاستقرار والبناء والتنمية والتمويل العادل والشراكة العادلة مع القوى الكبرى هى من تساعد وتدعم وتساهم فى البناء والتعمير فى كل من يطلب منها.
ما بين مشاهد الخراب والدمار والبناء والتعمير، عبرت كلمة الرئيس السيسى بشكل رائع عن حقيقة ما يجرى فى المنطقة وملامح ملحمة التنمية مصر نجنى ثماره كشعب اصطف خلف قيادته ووعى جيدا محاولات الهدم فأجهض كل المخططات والحملات، لذلك نتوقف أمام عبارات كثيرة فى كلمة الرئيس السيسى تعكس الفارق الكبير بين مسار البناء والتنمية والتعمير وبين مسار الهدم والتدمير الذى تقوده قوى الشر.
الرئيس قال فى كلمته تأتى هذه النسخة من المنتدى فى وقت حاسم يواجه فيه العالم أزمات دولية متلاحقة وحروبا لها تداعيات مدمرة على المدن والتجمعات السكانية وعلى كل مناحى الحياة بها وهو ما يستدعى حشد الجهود والإرادة السياسية لإحلال السلام ووقف النزاعات والصراعات وتركيز الجهود على مجالات التنمية وإعادة الإعمار والبناء إذ يستحيل البدء فى أى خطوات جادة لمواجهة التحديات الحضرية فى مجتمعات تعانى من الحروب والاقتتال والنزوح والمجاعة والمرض.
فى المقابل استعرض الرئيس السيسى عوائد السلام والأمن والاستقرار والحكمة فى اختيار هذا المسار، قائلاً: رغم ما يحيط بنا من أزمات حققت مصر فى السنوات الماضية انجازات كبيرة فى مجال العمران والتنمية الحضرية بما يخدم استراتيجية 2030 وعرض الرئيس جزءا بسيطا من هذه الانجازات تتسق مع موضوع وأهداف المنتدى الحضرى مثل مبادرة حياة كريمة لتطوير الريف المصرى والمناطق العشوائية ومبادرة تكافل وكرامة لدعم الأسر الفقيرة والأكثر احتياجا ومبادرة سكن لكل المصريين التى تعد أكبر مشروع اسكان اجتماعى موجه لمحدودى الدخل فى مصر والعالم بأسرة وإنشاء جيل جديد من المدن يتبنى معايير الاستدامة والذكاء الرقمى على رأسها العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة ضمن 22 مدينة أخرى تم بناؤها بشكل متزامن فى مختلف محافظات الجمهورية وتدشين مشروعات تطوير العشوائيات والمناطق غير المخططة وغير الآمنة وتحديث وسائل النقل والمواصلات واطلاق الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية والاستراتيجية الوطنية للتحضر للأخضر تهدفان إلى تعزيز الجهود الوطنية القائمة فى مجالات التحضر استنادا إلى المعايير الدولية للاستدامة والشراكة.. هذه ثمار الحكمة والسلام عن قوة وإيمان.. وفارق كبير بيت التدمير والتعمير.
تحيا مصر