استضافة مصر للدورة الثانية عشرة للمنتدى الحضرى له دلالات اقتصادية ومفاهيم سياسية، ومعان كثيرة جدا، ويعكس مدى أهمية القاهرة بصفتها الدولة صاحبة الرؤية الثاقبة ومقر الأمن والأمان والإستقرار. فليس سهلا على الأمم المتحدة أن تختار دولة لعقد مثل هذا المؤتمر المهم، إلا إذا كانت تدرك تماما مدى الأمن والأمان والإستقرار وعمليات التنمية الواسعة التى تحياها مصر.
يعد انعقاد المنتدى الحضرى العالمى فى القاهرة حدثًا بالغ الأهمية لعدة أسباب أولها يجذب المؤتمر أنظار العالم إلى جهود مصر فى مجال التنمية الحضرية المستدامة، ويعكس الثقة الدولية فى قدراتها التنظيمية.
ثانيها يمثل المؤتمر منصة مثالية لعرض المشاريع القومية التى نفذتها مصر فى مجال التنمية العمرانية، مثل المدن الجديدة ومشروعات تحسين جودة الحياة. وثالثها يوفر المؤتمر فرصة لتبادل الخبرات والمعارف بين الخبراء والمسئولين الحكوميين من مختلف الدول، مما يساهم فى تطوير حلول مبتكرة للتحديات الحضرية. ورابعها يعزز المؤتمر التعاون الدولى فى مجال التنمية الحضرية، ويساهم فى بناء شراكات قوية بين الدول. خامسها يساهم المؤتمر فى دعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما تلك المتعلقة بالمدن والمستوطنات البشرية. وسادسها يحدد المؤتمر الأولويات التى يجب التركيز عليها فى مجال التنمية الحضرية على المستويين الوطنى والدولي. باختصار، يعد المؤتمر الحضرى العالمى فى القاهرة خطوة مهمة نحو بناء مدن مستدامة وشاملة، وتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
لقد ناقش المؤتمر التحديات الحضرية المُلحة كأزمة الإسكان وتغير المناخ وآليات حشد الجهود المحلية لمواجهتها
وشهد حوارات رفيعة المستوى لتسريع تنفيذ أجندة المدن الجديدة وأجندة 2030 للتنمية المستدامة فقد شهد إطلاق تقرير المدن العالمية الرائد 2024 حول المدن والمناخ.
وقد اطلع العالم على الجناح المميز لمصر فى سابقة هى الأولى منذ عشرين عاما داخل أفريقيا تحت شعار «كل شيء يبدأ محليًا.. لنعمل معًا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة»، وذلك بمشاركة وفود أممية ودولية رفعية المستوي، ليوجه أنظار العالم صوب مصر وتجربتها التنموية الحديثة ولبحث معالجة قضية التحضر العالمى وإيجاد حلول لأزمة الإسكان العالمية.
استقبلت القاهرة آلاف الوفود المشاركة من ممثلى الحكومات الوطنية والإقليمية والمحلية والأكاديميين وقادة الأعمال ومخططى المدن والمجتمع المدني، لمناقشة التحديات الحضرية الملحة التى تواجه العالم اليوم، وحشد المجتمع الدولى للتركيز على الدور المهم الذى تلعبه الجهود المحلية فى معالجة التحديات العالمية مثل أزمة الإسكان وتغير المناخ، فضلاً عن الأزمات والصراعات الحضرية لقائمة فى ظل انتقال سكان العالم، باستمرار وبسرعة إلى المدن. واطلع العالم على أجندة 2030 للتنمية المستدامة فى مصر وأجندات عالمية أخري، وإطلاق تقرير المدن العالمية الرائد 2024 حول المدن والمناخ.
يعكس إقامة هذا الحدث فى مصر، الدور الريادى والإستراتيجى للبلاد على المستويين الدولى والإقليمى كمركز للتنمية والتحضر والسلام، ويعد دلالة على التطور الذى قامت به الدولة المصرية منذ ثورة 30 يونيو وحتى الآن من خلال المشروع الوطنى الذى يعمل من خلاله الرئيس السيسى فى النهوض بملف التنمية الحضرية والعمرانية المتكاملة، كونها من أوائل الدول التى تبنت الأجندة الحضرية الجديدة، ونفذت العديد من المشروعات القومية والعمرانية الضخمة من مدن الجيل الرابع ومشروعات تحسين جودة الحياة وتطوير المرافق والبنية التحتية، والتى انعكست بشكل إيجابى على حياة المواطنين وعززت من صورة مصر الحضرية كوجهة أساسية للسائحين ومقصد للرقى والسلام بمنطقة الشرق الأوسط.
وقد أشادت التقارير الدولية، بنجاح الدورة الجديدة للمنتدى على أرض مصر فى توحيد جهود الأطراف المشاركة وزيادة الوعى حول التحضر المستدام من خلال المناقشات، وتبادل الدروس المستفادة، ومشاركة أفضل الممارسات والسياسات الجيدة لجعل المدن أكثر استدامة وشمولاً، والتعريف بالفرص المتاحة لعقد اجتماعى متجدد يمكن من خلاله تحقيق توازن بين حقوق السكن والعدالة الاجتماعية، والتأكيد على أهمية التكيف المحلى والتخفيف والمرونة لضمان ازدهار المناطق الحضرية فى المستقبل التى تواجه ظروفًا مناخية غير مسبوقة.
فى هذا الإطار استغلت القيادة السياسية المصرية هذا الحدث العالمى الكبير فى عقد لقاءات على هامش المنتدي، بين الرئيس عبد الفتاح السيسى وبين رؤساء عدد من الدول العربية لبحث الأزمات التى تتعرض لها هذه الدول، وعلى رأسها لقاءات الرئيس مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس والتأكيد مجددا على أهمية عدم تصفية القضية الفلسطينية وضرورة وقف الحرب الإسرائيلية البشعة، وضرورة تفعيل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وضرورة إنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.. وكذلك جاء لقاء الرئيس السيسى مع رئيسى مجلسى السيادة الرئاسى فى كل من اليمن والسودان، ليؤكد من جديد على دور مصر المحورى والمهم فى ضرورة تفعيل الحل السياسى الشامل للقضاء على حالة الإقتتال والإرهاب داخل كل من اليمن والسودان، وأهمية التأكيد على ضرورة وحدة وسلامة الأراضى اليمنية والسودانية، والترحيب مجددا بكل الحلول السياسية الشاملة لوقف حالة القتال العنيف الدائرة فى البلدين الشقيقين.