لا أحد بلا معصية أو ذنب.. فشياطين الجن والإنس تحيط بنا من كل جانب طوال الوقت، وتزين لنا المعاصي، وتغرينا بارتكاب كثير من الذنوب والآثام.. وهنا لا ينبغى أن نيأس أو نتمادى فى ارتكاب المعاصى اعتقادا بأن الله لن يغفر لنا ذنوبنا ولن يخلصنا من آثامنا.
تعلمنا من كتاب الله وتوجيهات رسولنا الخاتم أن الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده فى كل أحوالهم حتى ولو كانوا من عتاة العاصين، وهو عزوجل يفتح لنا باب الأمل، ويرفض كل صور نشر اليأس والإحباط فى نفوس الناس، فلا واسطة تقف حائلا بين العبد وربه.
قد يعرض الإنسان العاصى ويتمادى فى غيه ومعصيته ويرفض نداءات الله المتكررة بالتوبة والإنابة له سبحانه.. لكن الباب فى كل الأوقات يظل مفتوحا، ويظل نداء الخالق لعباده: «وهو الذى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات»، بل ينادى الخالق عباده من شدة حرصه على قربهم منه يطلب منهم التوبة من الذنوب فيقول: «وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون»، فالله سبحانه يخبرنا هنا أنه لا فلاح فى الدنيا ولا نجاة فى الآخرة بدون توبة صادقة.. فالتوبة يجب أن تكون توبة خالصة لوجه الله بلا نفاق وهذه التوبة سماها القرآن «نصوحا» حيث يقول الحق سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا «، ثم يحدد لهم شروط قبول تلك التوبة فى آية معجزة شملت ما شرحه علماؤنا فى مصنفات كثيرة حيث يقول سبحانه: «وإنى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى فالتوبة إذن لا بد أن يتبعها إيمان يقيني.. ثم عمل صالح يداوم عليه صاحبه، ثم هداية دائمة مستمرة.
>>>
بعيدا عن عالم الفن والفنانين.. صدمت خلال الأيام الماضية لكلمات غير مسئولة وغير منضبطة بضوابط شرعية صدرت من بعض أدعياء التدين- وهم أجهل خلق الله بالدين- عن الفنان الراحل حسن يوسف ورميه هو وزوجته السيدة شمس الباردوى بسوء ظن لا يليق إلا بهؤلاء الذين فقدوا كل معانى الإنسانية.. ويكفيهما ما ردت به الجماهير عليهم بالفطرة السوية عبر مواقع التواصل، ونسأل لهؤلاء من الذين سيطرت عليهم شياطين الجن والإنس بالهداية والصلاح والكف عن رمى الناس سواء رحلوا عن عالمنا أو ما زالوا يعيشون بيننا بالباطل.
لقد تعلمنا من ديننا أن لكل ذنب توبة وأن الله عز وجل يحب التوابين، وهو القائل جل شأنه» إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين» وعلى كل مسلم أن يدرك أن التوبة سبب مباشر للفلاح دنيا وآخرة، يقول تعالي: «وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون»، وهى كذلك سبب لدخول الجنة والنجاة من النار يقول تعالي: «فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا»، كما أنها سبب فى دعاء الملائكة للتائبين قال تعالي: «الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين امنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم»
والسؤال الذى يفرض نفسه هنا هو: إذا كانت توبة الإنسان سبباً فى فرح الله تعالي.. فلماذا لا نداوم على إسعاد خالقنا بالإكثار من التوبة؟
>>>
عن شروط التوبة النصوح يقول د. شوقى علام مفتى الجمهورية: أهم شروط التوبة التى عددها العلماء أربعة: الندم بالقلب، وترك المعصية فى الحال، والعزم على ألا يعود الإنسان إلى مثلها، وأن يكون ذلك حياء من الله تعالى لا من غيره؛ فإذا اختل شرط من هذه الشروط لم تصح التوبة، وقد أضاف بعض العلماء ان من شروط التوبة الاعتراف بالذنب وكثرة الاستغفار.
ولذلك لا يكفى فى التوبة قول القائل: قد تبت، حتى يظهر منه خلاف ما كان عليه، فإن كان جاحدا لتعاليم دينه رجع إليه مؤكدا صدق إيمانه، مظهرا شرائعه، وإن كان من أهل المعاصى ظهر منه العمل الصالح، وابتعد عن أهل الفساد والأحوال التى كان عليها، وهكذا يظهر عكس ما كان عليه.
وعن طبيعة الذنوب التى يقبل الله توبة عباده منها وشروط ذلك قال د.علام: الذنوب التى يرتكبها الإنسان وتكون منها التوبة.. إما أن تكون حقا لله أو للآدميين، فإن كانت حقا لله كترك الصلاة مثلا فإن التوبة لا تصح منه حتى يجتهد قدر طاقته فى قضاء ما فات منها، وهكذا إن كان ترك صوماً أو تفريطا فى الزكاة.
أما إن كان الذنب من مظالم العباد فلا تصح التوبة منه إلا برده إلى صاحبه، إن كان قادرا عليه، فإن لم يكن قادرا فيجب أن يعزم على أدائه وقت القدرة عليه وأن يكون ذلك فى أسرع وقت.
>>>
الخلاصة.. نصيحتنا لهؤلاء المتهورين الذين يغلقون أبواب رحمة الخالق بعباده فى وجوه كل الناس نتيجة سوء ظنهم وجهلهم بتعاليم دينهم.. لا تفتشوا فى ضمائر الناس باسم الدين فالمطلع على الضمائر هو الخالق سبحانه.
شجعوا كل الناس على التوبة وعدم الإصرار على المعصية، وعلموهم أن من صفات المتقين المحسنين المبادرة بالتوبة وعدم الإصرار على المعاصى وإدمان الذنوب، فالله سبحانه وتعالى يقول فى شأن عباده المهتدين:»والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون».
إعلموا أن التوبة هى أن يرجع الإنسان المذنب أو العاصى الى خالقه، يلتمس منه العفو والمغفرة والرحمة بعد أن انحرف عن طريق الله المستقيم، وليس هناك ذنب مستعص على التوبة، فالله سبحانه وتعالى فتح طريق التوبة لكل المذنبين من عباده، وحثهم على المبادرة بالتخلص من المعاصى والذنوب.
هدانا وهداكم الله الى طريق التوبة والتخلص من المعاصى والذنوب وإحسان الظن بعباده.