فى مصر، وتحديداً فى مدينة الإسكندرية على شاطئها الذى أحبه المصريون القدماء وأعجب به زعماء العالم من ملوك ورؤساء بنيت أول مكتبة حكومية عامة عرفها التاريخ، وهى المكتبة الملكية أو المكتبة العظمى والتى كانت كبرى مكتبات عصرها. وقد اختلف المؤرخون حول هوية بانيها فمنهم من ذكر أن الاسكندر الأكبر وضعها فى تخطيطه عند بناء المدينة نفسها، بينما يعتقد آخرون ان بطليموس الاول هو من بناها والبعض الآخر يقول انها تأسست على يد بطليموس الثانى باعتبار انه من أكملها بعد ان امر بطليموس الاول بتأسيسها وتنظيمها على نفقته الخاصة. وقد جمع «ديمتريوس الفاليرى اليوناني» نواة مكتبة الإسكندرية وهو فى بلاد اليونان حيث كان يعمل مستشاراً لبطليموس الاول وهو من نظم المكتبة وقام بوضع تخطيط معمارى وموضوعى بحيث تكون معبرة عن رصيد الفكر اليونانى وعلوم العصر. وقد تعاقب على أمانة المكتبة عدد كبير من مشاهير العلماء وكان «ديمتريوس الفاليري» هو أول أمين للمكتبة ومن بعده «زينودوتس الافيس» ثم «كاليماخوس» الذى يعتبر من أشهر هؤلاء جميعاً. وقد لاحظ كاليماخوس أن نمو المكتبة اصبح كبيراً جداً إلى الحد الذى أصبح من غير الطبيعى الوصول إلى اى من الكتب بسهولة ويسر، فقام بعمليتين متلازمتين وهما تقسيم الأعمال الطويلة إلى اجزاء صغيرة من اجل تسهيل عملية تداولها وأوجد فهرساً شاملاً لمحتويات المكتبة على حسب الموضوع مثل القانون، والملاحم، والشعر الغنائي. ثم جاء بعده تلميذة «أبولونيوس الروديس» ثم «ايراتوشيش» والذى كان عالماً رياضياً وفلكياً و جغرافياً واخبارياً ثم تبعه «أرسطو فان البيزنطي» وهوراول من اضاف علامات الترقيم إلى النصوص اليونانية وقام باستعمال الفواصل بين الجمل. وهناك اختلاف حول العام الذى تم إنشاؤها فيه فهناك من يقول إنها انشئت عام 330 ق. م هناك من يقول إنها تم انشاؤها عام 288 ق.م. وتعتبر مكتبة الإسكندرية الملكية اول مكتبة حكومية عامة عرفها التاريخ وظلت أكبر مكتبات عصرها حيث كانت تضم أكبر مجموعة من الكتب فى العالم القديم والتى وصل عددها حينذاك إلى 700 ألف مجلد بما فى ذلك أعمال «هوميروس» و مكتبة «أرسطو». وترجع عظمة هذه المكتبة انها حوت كتب وعلوم الحضارتين الفرعونية والإغريقية كما حدث بها المزج العلمى والارتقاء الثقافى الفكرى بعلوم الشرق وعلوم العرب. ومن ضمن اسباب تميزها أهمية القائمين عليها حيث فرض على كل عالم يدرس بها ان يدع بها نسخة من مؤلفاته، بالإضافة إلى أنها كانت معقل العلم ومعقل البردى وأدوات كتابة مصر حيث جمع بها ما كان فى مكتبات المعابد المصرية. وقد تحرر علماؤها من تابو السياسة والدين والجنس والعرق والتفرقة، فالعلم فيها كان من اجل البشرية. وفى عام 48 ق.م قام يوليوس قيصر بحرق 101 سفينة كانت موجودة على شاطئ البحر المتوسط امام المكتبة بعد ان اشتد عليه حصار بطليموس الصغير شقيق كليوباترا بعد ما شعر ان يوليوس قيصر يناصر كليوباترا عليه، فامتدت نيران حرق السفن إلى مكتبة الإسكندرية فأحرقتها تماماً. ومن المعروف أن المكتبة الملكية او المتحف كما كان يطلق عليها كانت تضم أصول العديد من أمهات الكتب فى العالم.