كان المجتمع المصرى مغلفا بمجموعة أغلفة تقليدية حمته عبر التاريخ من التعرض للملوثات القادمة من خارجه، كان المجتمع كما الهدية الأنيقة المغلفة بأغلفة فائقة الجودة، وكان أبناء المجتمع حريصين على الحفاظ على هذا الشكل وما يخلقه من انطباعات إيجابية، كان المجتمع خلوقا خجولا متمسكا بقيم وأخلاقيات دينية واجتماعية وكذلك موروثات وأعراف شديدة الخصوصية فى مجتمع فائق القدرة على هضم التحديات بالصبر والتعايش والتسامح فى ظل تعددية ثقافية شديدة التعقيد، كان المجتمع يفزع وينتفض حين يمس الشرف وكانت حكايات الغوانى والحانات وأصحاب الرايات الحمراء تمر على مسامع الناس كسرديات خيالية لا يصدقها الكثير من الناس، لكن – ولعن الله ما بعد لكن فى معظم الأحوال – ظهرت على السطح حزمة من السلوكيات السلبية المشينة والتى أساءت وتسيئ لصورة مصر، فمن خلال المنصات الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعى تستطيع أن ترصد بسهولة هذا الكم الهائل من البث المباشر «اللايف» والذى يندرج تحت تحت العناوين التالية، «التسول الرقمي»، «الدعارة الرقمية»، «التضليل السياسي»، «الابتزاز الاقتصادي» هذا البث لا ينقطع على مدار الساعة، حيث نجد أحدهم أو إحداهن تفتح الكاميرا ويكون الحديث مباحا دون قيود أخلاقية أو دينية أو قانونية، فجاجة ما بعدها فجاجة فى ابتداع طرق التسول من داخل غرف النوم، عندما تنظر إلى هذا الكم المهول من السلوكيات التى تكون متاحة للعامة فى الداخل والخارج تصاب بحالة من القلق على المجتمع والاشمئزاز من هذه الشرذمة المدمرة لقيم المجتمع، وصرنا فى حالة استباحة فى مرمى مشاهدات رخيصة أمام الآخرين، هذه المشكلة تحتاج منا وقفة حادة وجادة وأمينة وفورية ، وما يقوم به بعض المرجفين فى الأرض للتشكيك فى كل ما تقوم به الدولة المصرية، وتشويه كل ما يرتبط بمصر فى الداخل والخارج، وهذا الذى يمارس ابتزازا اقتصاديا من خلال آليات معروفة، هذه الممارسات لا تبنى مجتمعا ولا تصنع مشروعا وطنيا، هذه النماذج الكريهة تمثل ضررا شديد الخطورة على المجتمع المصرى بكل مكوناته، هذه المشكلة يعرفها القاصى والدانى فلم أضف جديدا من خلال هذه الكلمات، لكننى اكتب هنا باحثا عن حلول قابلة للتطبيق وليست بتبعيات وتنظيرات وفلسفات يعرفها القاصى والداني، أطالب المجتمع بجميع فئاته وتياراته ومنظريه ومفكريه بأن يضعوا هذه المشكلة نصب أعينهم ويفكروا فى آليات محددة للمجابهة والمواجهة، فما يتعرض له المجتمع الآن غير مسبوق ويحتاج كذلك جهداً غير مسبوق، اشعر بمرارة ان هناك من خطط ونجح فى فض غلاف ستر المجتمع المصري، وهنا أقول إن الفقر والحاجة لا يبرّران القيام بالتسول أو الأعمال المنافية للآداب والخروج عن قيم المجتمع، وهنا اذكر المجتمع بتلك المقطوعة البليغة التى كتبها صاحب برنامج العلم والإيمان الدكتور مصطفى محمود وهو يتحدث عن الشرف والشرفاء «الرجل الشريف ليس صاحب سعادةٍ ولا صاحب شهادةٍ ولا صاحب عمارةٍ وليس لُغزاً من الألغاز.. إنما هو إنسانٌ بسيطٌ يعمل فى وعي، يعمل بحافزٍ حر. وبإحساس فادح بالمسئولية.
والشرف مراتب، فهناك رجل يصنع نفسه، وهناك رجل يصنع أولاده، وهناك رجل يصنع المجتمع، وهناك رجل يصنع التاريخ.. وهو أشرف الشرفاء جميعاً.
وإذا أردتَ أن تعـرف نصيبك من الشرف. فإسأل نفسك يوماً: ماذا صنعتُ لأصبح أفضل من الأمس..