رغم البداية الجيدة للدورى المصرى والتى شهدت غزارة تهديفية كبيرة وأداء جيداً لأغلب الفرق، إلا أن واقعة واحدة عكرت صفو المنافسة من أسبوعها الأول فى لقاء الزمالك أمام البنك الأهلى وكان بطلها الحكم الدولى محمد عادل، والذى لم يحتسب ضربة جزاء للزمالك لمصلحة حسام عبدالمجيد واحتسب ضربة جزاء مشكوكا فيها للبنك الأهلي، ولكن الواقعة المزلزلة كانت فى احتساب ضربة جزاء للزمالك فى الوقت بدل الضائع أقر كل خبراء التحكيم بعدم صحتها وبعدم صحة استدعاء الفار لها من الأساس، وكانت تلك أكبر مشكلة لأنها حسمت المباراة وحسمت النقاط الثلاث.
الحقيقة أن تلك المشكلة بدلاً من أن تكون بداية لحل مشاكل التحكيم والسيطرة على المشكلة التى تؤرق الكرة المصرية، تحولت المشكلة كالمعتاد إلى صراعا بين الأهلى والزمالك، ثم وهو الأهم صراع عن المتسبب فى تسريبات تقنية الفار بدلاً من البحث الفنى عن المشاكل وكيفية حلها وإخراج الكرة المصرية من مستنقع أزمات التحكيم المتكررة.
ولى رأى فى منظومة التحكيم، والتى قال عنها الحكم الدولى السابق جهاد جريشة إنها تحتاج «تتجاب على المحارة» على حد تعبيره، والرأى هو أن منظومة التحكيم لا يجب أن تأتى على المحارة ولا على الطوب الأحمر كما قال بعض المتهكمين، وإنما تحتاج للنسف التام من القمة للقاع على طريقة «انسف حمامك القديم» على إن يعاد البناء من جديد على نظافة.
أرى أن هذا البناء النظيف لن يتأتى إلا بتولى خبير تحكيمى عالمى للمهمة، ولا تكون مهمته كما كان مع كلاتنبرج وبيريرا تعيين الحكام فى البطولات وإنما تكون مهمته أكبر وأعمق بإعادة بناء منظومة التحكيم من جديد من القاع إلى القمة وتنظيم الدورات التدريبية لكل الحكام على كل المستويات سواء التدريبات العملية فى الملعب، أو التدريبات المعملية على تقنية الفار.
من المهام العملية أيضاً هو زيادة قاعدة التحكيم بعدد أكبر من الحكام مع فلترة الحكام الصاعدين بمجموعة واعدة تتميز بقوة الشخصية والقدرة على السيطرة على المواقف الصعبة.
وقد يسألنى البعض.. لماذا تنادى بخبير أجنبى فى ظل رأى عام يبحث العودة للاستعانة بالحكام المصريين وتقليل الاستعانة بالأجانب، والإجابة واضحة» وهى أسرة التحكيم نفسها التى تعانى من انشقاق غريب وخلافات عنيفة بين أفراد الأسرة الواحدة.
وقد يبدو الأمر طبيعياً فى أى مجال يدور فيه التنافس بين أفراد نفس المهنة أن تحدث الغيرة بين أفراد المنظومة، ولكن ليس مثل أسرة التحكيم التى فشل الجميع فى إحداث الانسجام والتوافق بين أفرادها على مر السنين وغالباً ما تظهر المشاكل والأزمات بين أفرادها بعضهم البعض، قبل أن تكون من أطراف خارجية مثلما حدث فى الواقعة الأخيرة.
أما أبرز مشكلة فى منظومة التحكيم فهى تحويل أى قضية إلى صراع بين الأهلى والزمالك سواء كانت حول التحكيم أو أى قضية أخري، وبدلاً من بحث عن الحلول لأى قضية رياضية من خلال التعمق فى المشكلة وايجاد الحلول الجذرية لها، تتحول إلى قضية أهلى وزمالك فى الاستديوهات المتعصبة والتى تزيد الاحتقان باعتبارها قضية صراع بين القطبين وليس مشكلة تؤرق المسابقات المحلية وتتسبب فى أزماتها.
أراها صراحة أن الدخول فى صراعات الأهلى والزمالك لن يحل أزمات التحكيم، بل سيزيدها صعوبة وتعقيداً، ولهذا كانت مطالبتى بخبير أجنبى تطلق يده تماماً فى تطوير منظومة التحكيم بالكامل ومعه مجموعة من المخلصين القادرين على استقطاب الجميع للعمل فى أسرة واحدة، مثلما طالبت مراراً بأن تكون الإدارة الكبرى لاتحاد الكرة بعيدة عن المجموعة التى جثمت على صدر الكرة المصرية لعقود دون أن نتقدم خطوة واحدة للأمام.