>> تناولنا فى الأسبوع الماضى علاقة مصر بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.. وإعلان الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء عن ترشيح مصر للدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار الأسبق لمنصب مدير عام «اليونسكو» ورغم حصوله على تأييد العرب والأفارقة.. إلا أن الطريق مازال طويلاً ويحتاج إلى عمل جماعى وجهد كبير لضمان الفوز بالمنصب.
منذ أيام وفى مقر اليونسكو بباريس أعلن الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى ورئيس اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو وممثلنا فى المجلس التنفيذى للمنظمة عن قيام اليونسكو باعتبار مبادرة «بنك المعرفة المصري» منارة للابتكار التعليمى الرقمي.. وإنها بصدد تعميم التجربة المصرية عالمياً.
يحظى الدكتور العنانى بمساندة من كافة الجهات المصرية وعلى رأسها الخارجية ووزيرها الدكتور بدر عبدالعاطى وسفير مصر فى باريس علاء يوسف وهو ممثل مصر الدائم لدى اليونسكو.. وكذلك من رئاسة الوزراء واللجنة الوطنية لليونسكو حيث يعتبر العنانى أستاذ العلوم والمصريات وحاصل على الدكتوراة من فرنسا وشغل من قبل منصب المشرف على المتحف المصرى ومتحف الحضارة وكل ذلك يؤهله للمنصب.
يحتاج من يريد الفوز بمنصب مدير عام اليونسكو إلى «تخطى الحواجز».. فبعد أن ترشحه دولته أو غيرها من الدول الأعضاء بالمنظمة يتقدم إلى المجلس التنفيذى الذى يجرى معه لقاءات تكون بمثابة اختبار لمؤهلاته وقدراته ومعرفة رؤيته وأفكاره وكأنه «اختبار شفهي» مع تقديم ما يثبت من شهادات ومؤهلات وتزكيات من شخصيات دولية مرموقة ومؤثرة علمياً وثقافياً وأدبياً مثلما حدث مع الدكتور إسماعيل سراج الدين الذى قام بتزكيته أديب نوبل نجيب محفوظ والدكتور يوسف بطرس غالى ومحمد حسنين هيكل والدكاترة فاروق الباز وإبراهيم بدران وميلاد حنا وشوقى ضيف وغيرهم من كبار المثقفين المصريين رغم أنه لم يكن مرشح الدولة المصرية.
.. وبعد أن يلتقى مع المرشحين يعلن المجلس التنفيذى أسماء من اختارهم لخوض الانتخابات وعادة يكون ذلك فى الربع الأول من العام وربما فى شهر مارس القادم ويرفع الأمر إلى المؤتمر العام للمنظمة التى تضم كل الدول الأعضاء «195 دولة» ثم تبدأ إجراءات التصويت على من تم الاتفاق النهائى على ترشحهم ويكون التصويت لممثلى 58 دولة هم أعضاء المكتب التنفيذى ويتم ذلك خلال الربع الأخير من عام 2025.
يتوزع أعضاء المكتب التنفيذى على 6 مجموعات إقليمية هي: المجموعة الأفريقية «13 صوتاً» والمجموعة الآسيوية «12 صوتاً» والأوروبية «12 صوتاً» وأمريكا الشمالية «4 أصوات» واللاتينية «10 أصوات» وأخيراً المجموعة العربية ولها «7 أصوات» ويمثلها الآن: الأردن والعراق والكويت وقطر وسلطنة عمان والسعودية ومصر.. ولابد للفائز أن يحصل على أكثر من 50 ٪ من الأصوات مما يعنى أن من يضمن 30 صوتاً يصبح مديراً لليونسكو بشرط أن يتم رفع نتيجة التصويت للجمعية العامة وتوافق عليه فيتولى المهمة لمدة 4 سنوات.. ولإيمان اليونسكو بالتراث والآثار وضرورة استعادة الدول لما نهب منها أو تم سرقته بطرق غير مشروعة فقد اعتمدت المنظمة 14 نوفمبر من كل عام يوماً عالمياً لمحاربة الاتجار غير المشروع فى الممتلكات الثقافية.. وبالتأكيد سيعزز وجود مدير مصرى على رأس اليونسكو مطالبة الدول باستعادة آثارها الموجودة فى أنحاء العالم أو التى تباع فى المزادات وعلى الإنترنت بعد تهريبها وستستفيد مصر من ذلك بتأييد من حملات شعبية ورسمية ودبلوماسية وقد تعود يوماً رأس نفرتيتى من ألمانيا وحجر رشيد من بريطانيا وعشرات القطع الموجودة بمتحف اللوفر فى فرنسا وغيرها.
إذا أردنا بالفعل ألا يضيع منصب مدير اليونسكو من شخصية مصرية مثلما حدث من قبل ٣ مرات.. فعلينا أن نستفيد من التجارب السابقة ونأخذ الدروس لتلافى السلبيات التى أضاعت المنصب.. ولابد من التخطيط الجيد لحملة تأييد المرشح الذى اخترناه وهو الدكتور خالد العنانى وتنفيذ استراتيجية خوض الانتخابات بخطوات مدروسة وكيف يكون لمصر التى تمتلك أكثر من ثلث آثار العالم ٧ مواقع فقط مدرجة ضمن التراث العالمى بينما إيطاليا لها 49 موقعاً و 6 مواقع مشتركة أى 55 موقعاً.. وفى الدول العربية فالمغرب لها 9 مواقع وتونس 8 مواقع.. فهل هذا حجم مصر الأثري؟!
مطلوب تكثيف الجهود لدعم ترشيح العنانى من كافة الجهات المعنية وأهمها وزارة الخارجية وسفارات مصر فى دول العالم خاصة فى الدول الممثلة فى المجلس التنفيذى لليونسكو وهى 58 دولة عليها عبء انتخاب المدير العام الجديد الذى سيقود المنظمة حتى عام 2029.. وكذلك على المنظمات الأهلية العاملة فى مجال الثقافة والفنون والتعليم دورها إلى جانب وزارات الثقافة والسياحة والآثار والتعليم العالي.. وعلى الإعلام بث برامج عن دور مصر فى المنظمة ووجود 7 مواقع ضمن القائمة الرئيسية لمواقع التراث العالمى وأكثر من 30 موقعاً ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة.. وكذلك إجراء لقاءات مع الدكتور العنانى بصفة دائمة للتحدث عن برنامجه وما سيقدمه وعليه أن يتجنب أوجه القصور والأخطاء التى تسببت فى عدم فوز مرشحى مصر من قبل.. وعليه أيضاً أن يواصل جولاته الخارجية.
لدينا فرصة كبيرة يمكن الاستفادة منها فى حملة تأييد الدكتور العنانى وهى أن يتزامن الافتتاح الرسمى للمتحف الكبير مع إعلان ترشيحه فى الربع الأول من عام 2025 أو موعد التصويت فى الربع الأخير.. وأن يرافق الافتتاح زخم ثقافى على جميع المستويات.
ومطلوب الاستعداد لكافة السيناريوهات لضمان فوز الدكتور خالد العنانى وتلافى كافة السلبيات التى أدت لعدم فوز المرشحين الثلاثة الذين لم يحالفهم الحظ والذى كان أولهم الدكتور إسماعيل سراج الدين وهو لم يكن مرشح الدولة المصرية وإنما قامت دولة بوركينا فاسو بترشيحه وقام بدعمه العديد من الشخصيات المؤثرة دولياً ومن بينهم الأمير طلال بن عبدالعزيز رغم أنه كان ينافسه على المنصب الدكتور غازى القصيبى الوزير والدبلوماسى والأديب السعودى المشهور.. وتشتت أصوات العرب فلم يفز أى من المرشحين وفاز بها اليابانى ماتسورا.. والغريب أن صوت مصر ذهب للقصيبي.. لذلك قام الرئيس السابق مبارك بمصالحة الدكتور إسماعيل وعينه مديراً لمكتبة الإسكندرية.. وقامت السعودية بمصالحة القصيبى وعينته بعد سنوات مندوباً دائماً لها فى اليونسكو.. وللأمانة فإن كليهما كان يستحق بمؤهلاته وتاريخه أن يصل إلى إدارة اليونسكو.. ولكن للأسف عدم التنسيق أدى لخروج الاثنين من السباق وضاع المنصب على العرب!!
كان الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة السابق هو مرشح مصر لانتخابات عام 2009 وخسر المعركة بعد 5 جولات بفارق ضئيل رغم تقدمه فى الجولات الأولى ولكن تحالف أمريكى صهيونى غربى تعمد إسقاطه بدعوى معاداة السامية حيث اتهمته المنظمات اليهودية بذلك بعد تصريح له تم تفسيره خطأ.. إضافة لوجود مرشحين عرب وأفارقة فضاعت فرصة ثانية كانت قريبة ونجحت البلغارية أرينا بوكوفا.
كانت الفارسة الثالثة التى دخلت حلبة سباق اليونسكو السفيرة مشيرة خطاب التى رشحتها مصر لخوض انتخابات عام 2017 وحصلت على دعم القارة السمراء وأصبحت مرشحة أفريقيا وكالعادة كان هناك أكثر من مرشح عربى فتفرقت الأصوات خاصة أن رجال الأعمال اليهود وقفوا وراء مرشحة فرنسا ففازت ولم يفز أى عربى بالمنصب منذ 78 عاماً حتى الآن فهل يكون الدكتور خالد العنانى أول عربى وثانى أفريقى يقود ثانى أكبر منظمة دولية فى الفترة من 2025 إلى 2029 خلفاً للمديرة الحالية الفرنسية أودرى أزولاى التى تشغل المنصب من عام 2017؟!