الجميع على الجبهتين اللبنانية والفلسطينية ومعهما المحتل الإسرائيلى فى ترقب لنتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ من أجل الوصول إلى حلول قد تكون ناجعة لجميع الأطراف، أو تنحاز إلى الطرف المحتل بشكل فج، وهذا ما يعول عليه نتنياهو، فهو وإن كان ينتظر دونالد ترامب على باب البيت الأبيض؛ فإنه يستعد بالسيناريوهات الكفيلة بترويض نسخة ثانية مُحتملة من إدارة بايدن.
بينما حزب الله وحماس ومن خلفهما طهران بالطبع كانو ينتظرون نسخة جديدة ومحسنة من أوباما على رأس السلطة فى أمريكا أملاً فى حلحلة الواقع المرير والحصول إلى صيغة تحقن الدماء.. حتى لو احتفظت لإسرائيل بما حققته من مكاسب، وبالتالى فإن حالة الترقب والاستشراف لما يحدث فى الانتخابات الأمريكية تفرض إبقاء الميدان ساخنا، ما يعنى أنه ليس فى صالح المحتل أو الممانع «حماس، وحزب الله» الوصول لتسوية فى الوقت الراهن، حتى يكون متاحا لهما ما يبرر التصعيد أو يستحق التفاوض عليه والمقايضة به لاحقا.. ومما يزيد حالة الترقب هو سعى نتنياهو والمرشِد الأعلى فى إيران.. إلى فوز رئيس مختلف..ففى حين يسعى الأول لاستعادة «ترامب»، كان يأمل الثانى فى ولاية رابعة بنكهة أوباميّة كالتى أنجزت اتفاق 2015، وكل ما يفعلانه يؤدى إلى الاحتمال وعكسِه فى الوقت ذاته؛ إذ ارتدعت الحكومة الإسرائيلية عن التصعيد فى ردها على إيران بضغوط أمريكية؛ خوفًا من أثره على حظوظ كامالا هاريس.
كان يأمل الملالى فى الصفقة المأمولة، والأمل فيها محصور فى المصالح الشيعيَّة المسلحة جغرافيًّا، وآفاق المشروع النووي، والاعتراف بالجمهورية الإسلامية شريكًا مباشرًا على طاولة تقسيم المنطقة أو الشراكة فى إدارتها. بينما سيعتبرها نتنياهو إشارةً للفوز بما أراده من الإدارة القائمة، بعدما يتحرَّر بايدن من مسئولية التأثير على الحظوظ الديمقراطية، ويُصبحُ قادرًا على التعبير عن نواياه العميقة وصهيونيته المتجذرة، دون حساباتٍ سياسية أو انتخابية.
والآن فسَيسنّ ضباع تل أبيب أنيابهم لاستقبال الحليف المفضل، مع نفس الاحتمالية بأن يرفع «بايدن» السقف؛ حتى يورِث غريمه الفائز أوضاعًا شديدةَ الالتهاب والتعقيد.
للأسف فإن «الطوفان» كان حربًا على الحالة الإقليمية القائمة، بأكثر مما هى على الاحتلال، وكل طرف يسعى للهروب على حساب الآخرين، بينما يدفعُ أهل غزة واللبنانيون الفاتورة، وتلك أسوأ نسخة من الدراما حين المأساة بالملهاة، وتُسطر السرديات المحرفة من شرايين الأبرياء.