الإمام الأكبر لقب يطلق على شيخ الأزهر، وقد تم منح هذا اللقب بصدور القانون رقم 103 لسنه 1961، ووفقاً لهذا القانون اصبح شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأى فى كل ما يتصل بالشئون الدينية وكل ما يتعلق بالقرآن وعلوم الاسلام، ويتم تعيينه بقرار من رئيس الجمهورية من بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية.
إن منهج الأزهر هو دعم جهود المؤسسات الدينية فى مصر، بما يخدم رسالة الاسلام الصحيحة ويحقق مصلحة الوطن وأمنه واستقراره ودعم كافة المؤسسات الدينية بالعالم لتحقيق الاهداف المشتركة لخدمة الاسلام فى اطار الأجواء الصافية والتنسيق التام بين كافه مكونات المؤسسة الدينية هو البداية الحقيقية لتجديد حقيقى للخطاب الدينى ونشر قيم الاسلام السمحة ومواجهة كافة تحدياتنا والنهوض بوطننا العظيم والانطلاق إلى بناء الانسان المصرى والصانع للحضارة.
ويعد الدكتور أحمد محمد الطيب – الإمام الاكبر، شيخ الازهر، شخصية تجمع بين الباحث والاستاذ الاكاديمى المتخصص فى الفلسفة التى درس أصولها فى فرنسا وصاحب البحوث العلمية الجادة والمنهج التدريسى الناجح فى جامعات عربية متعددة وشخصيته الى جانب ذلك، هى شخصية العالم المسلم الورع الذى يمثل الوسطية الاسلامية البعيدة عن الغلو والداعية الى ثقافة التسامح والحوار والدفاع عن المجتمع المدني، وقد تجلت أبعاد هذه الشخصية من خلال مواقفه ودعواته المتكررة لنبذ الفرقة والعنف والاحتكام الى العقل والحفاظ على هوية المجتمع وتماسكه فهو يجمع بين العالم والداعية المستنير الذى يقدم الفكر الاسلامى من خلال معرفة دقيقة باللغتين الفرنسية والانجليزية فضلاً عن العربية.
إن للأزهر الشريف مكانة عظيمة فى قلوب وعقول ونفوس المسلمين فى شتى بقاع العالم باعتباره قلعة الدفاع عن الاسلام بمفهومه الصحيح المعتدل البعيد كل البعد عن التعصب والغلو والتشدد وهو أعلى مؤسسة علمية اسلامية وهو الممثل الشرعى للفكر والفقه، والمدافع عن الشريعة فى مواجهة الادعياء والمغرضين والأزهر بتاريخه الممتد عبر الزمان بأكثر من ألف عام كان ومازال حامى العقيدة من الفكر المنحرف وهو الذى يتولى قيادة العمل العلمى فى مجال الاجتهاد الفقهى وتجديد الفكر الاسلامى وهو منارة للعلم فى العالم كله وهو رمز الوطنية والوسطية.
وهنا لابد ان نؤكد ان تجديد الخطاب الدينى لابد أن يأتى عن عقيدة راسخة ومسئولية وطنية ودينية ومجتمعية وتنسيق تام بين المؤسسات المعنية برعاية الأزهر الشريف وبالتوأمة مع وزارة الاوقاف بقيادة وزيرها العالم أسامة الازهرى وبرعاية كريمة من الامام الأكبر الدكتور أحمد الطيب – شيخ الازهر لضبط ايقاع الوسطية والفهم الصحيح لدين الله تحقيقاً للسلام المجتمعى وحفاظاً على الشخصية المصرية وصيانة لهويتها وترسيخاً لقيم الولاء والانتماء للوطن.
وفى هذا الصدد اجد انه من المناسب حقاً ان اشير الى تصرف العلماء وحكمة العظماء والتى تجلت واضحة فى بداية راسخة حينما اعلن رسمياً فى التشكيل الوزارى الذى صدر مؤخراً عن تولى الاستاذ الدكتور أسامة الأزهرى حقيبة وزارة الأوقاف وحينها لم يتردد لحظة ولم يفكر حين قرر دون انتظار ان يتوجه الى فضيلة الامام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر فى مشيخة الأزهر رمز التسامح والود والوسطية والاعتدال.
وقد حمل الدكتور الأزهرى الى شيخ الازهر رسالة الود والاجلال والتقدير والتوفير، وقد برزت اجواء اللقاء العامر بصفاء النفوس ونقاء القلوب وحكمة وعبقرية العلماء فهم رموز الاسلام وأهم ادواته ولم يتردد الوزير لحظة فى ان يدون هذه الزيارة غير التقليدية على صفحته الرسمية قائلا الى اتيت الى استاذنا فضيلة الامام الأكبر بكامل الحب والاجلال والتقدير والاحترام اللائق بمقامه الرفيع «وكان فضيلة الامام الأكبر كعادته محتفياً متفضلاً بكل الود والاكرام وهذا شأن الاستاذ الكريم مع ابنائه وقال فضيلة الامام» مرحباً «أنت ابن الأزهر وهذا بيتك فأهلاً بك دائماً».
وعندها رد الدكتور الأزهرى بانه كوزير للاوقاف وفضيلة مفتى الديار ونقيب الاشراف وشيخ مشايخ الصوفية يعلن لجميع ابناء مصر وللعالم اجمع انهم مصطفون صفاً واحداً خلف البيت الكبير وهو الازهر الشريف وخلف الامام الأكبر شيخ الأزهر، وأكد على ان اللقاء كان كله نوراً وان الجو كان صافياً ورحيماً وودوداً، وأن فضيلة الامام جامعاً ومحتوياً للجميع، وختم الازهرى قائلاً لقد آن الأوان ان تنطلق جميعاً بروح واحدة تحمل راية ازهرنا الشريف لنضع ايدينا فى يد الكنيسة المصرية الوطنيه وفى يد كافة مؤسسات الدولة حتى تنهض بوطننا ونواجه تحدياته وتصنع حضارته.
وقد أبهج هذا اللقاء وأسعد كل المصريين وايضاً جاء تصرف وزير الاوقاف الوقور، الانسان اثناء احتفالية الدولة الرسمية بالمولد النبوى بتشريف الرئيس عبد الفتاح السيسي، حينما جاء وقت كلمة الامام الأكبر فى هذه المناسبة فإذا بالوزير المحترم يحمل ملف الكلمة مصطحبا فضيلة شيخ الأزهر الى المنصة، وهو الأمر الذى لاقى إشادة وتصفيقاً واعجاباً ليس من الحضور فقط بل فى اوساط المواطنين بأنحاء وطننا الحبيب.
هكذا يكون تصرف العلماء وهكذا يتعامل رموز الاسلام ليبرزوا للعالم اجمع عظمة الاسلام وقوة المسلمين وسماحتهم ورقيهم وعلينا جميعا بلا استثناء الا يمر هذا الحدث علينا مرور الكرام، بل يجب ان تعتبر مثل هذه التصرفات نموذجاً لبناء علاقات مجتمعية سليمة وقوية وان يكون الاعتدال هو المنهج الذى يسهم وبحق فى بناء وطننا وتقدمه ورقيه.
إن ما حدث خلال الفترة الاخيرة من تناغم وود وحكمة من علمائنا ورموزنا لابد ان يتم استثماره بصورة اكثر ايجابية وبآليات أكثر فاعلية وصولاً لخطاب دينى يواكب الواقع ويسهم فى مواجهة التحديات.
حفظ الله مصر.. حما شعبها العظيم وقائدها الحكيم