ما حدث فى إحدى المدارس منذ أيام.. وما حدث قبلها.. وما يحدث من مآسٍ يجعلنا نصرخ وبقوة.. انتبهوا أيها السادة..!!
القضية أكبر من الحكومات وأكثر اتساعًا من أى جهة واحدة، فالقضية تبدأ من البيت مرورًا بالمسجد والكنيسة والمدارس.. ووسائل الإعلام الحديث والتكنولوجى وما تبثه وسائل التواصل الاجتماعي.. هناك تغيير مريب فى حياتنا ولابد أن ننتبه وبسرعة ونعالج كل الأخطاء بل والخطايا.
فى المدرسة.. طالبان فى الصف الأول الثانوى الصناعى أحدهما راسب ويعيد العام والثانى التحق بالمدرسة هذا العام الأول اعتدى بمطواة على الثانى فى فناء المدرسة وتحديدًا أمام دورة المياه.. القاتل لم يكن مسجلاً فى فصله حاضرًا هذا اليوم.. والمقتول استأذن من مدرسه للذهاب إلى دورة المياه فكانت نهايته على يد زميله..!!!
وفى احدى المحافظات شقيقان أحدهما عمره 62 عامًا والأصغر 57 عامًا.. اختلفا.. تشاجرا وهما فى منزلهما.. فاعتدى الأصغر على أخيه الأكبر وضربه فمات.. فقام بدفنه فى المنزل ووضع أسمنت فوق مكان الدفن حتى تم اكتشاف الجريمة..!!
زميلان فى الثانوى يقتل أحدهما الآخر بمطواة فى المدرسة وشقيقان يقتل أحدهما الآخر ويدفنه سرًا.. ما هذا هل وصلنا إلى هذا الحد.. ومن وراء ذلك؟
نعم الجرائم ليست جديدة.. وليس ما حدث غريبًا منذ خلق الله آدم.. ومنذ جريمة قابيل وهابيل.. فهما ابنا آدم وقتل أحدهما الآخر.. ولكن الأمر يحتاج إلى وقفة ومحاسبة للنفس كل نفس بشرية وإن كانت الجريمة هنا هى القتل فإن هناك جرائم أخرى عديدة قد تكون أكثر جرمًا من القتل وقد تكون أقل.. لذلك كانت صرخة «انتبهوا أيها السادة» ضرورية.. ولابد من وقفة مع النفس وعودة إلى الله وتعاليم الله والأخلاق التى دعا إليها الدين.. أى دين إسلامى أو مسيحي.. فكلاهما من عند الله.
القيم الحقيقية نابعة من الدين ومن أبرزها مبدأ التسامح الذى غاب عن واقعنا.. وإذا كان الدين الإسلامى قد دعا إلى التسامح فى مواضع كثيرة فلعل من أبرزها «وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما» فى سورة «الفرقان» وهذا على مستوى الأفراد.. أما على مستوى الجماعات فهى دعوة الله لرسوله وعباده المؤمنين «وإذا جنحوا للسلم فاجنح لها» وقوله سبحانه وتعالى «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين».. ورفض الإسلام أن يفرض أحد رأيه على الآخر وجعل مبدأ الشورى واحترام حرية الفرد والجماعة أساسًا للتعامل حيث وصف المؤمنين بأنهم أمرهم شورى بينهم.. وجاء الإسلام فى عصر انتشرت فيه العبودية وطغت العنصرية فرفضها وأعلن مبدأ المساواة والعدل والتعامل الطيب، فأكد الحبيب المصطفى على المساواة وأنه لا فرق بين العربى والأعجمى إلا بالتقوي.. وأكد على حرية العقيدة «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» وحرية التعليم وكل الحريات الإنسانية بلا استثناء.. بل إن مبدأ التضامن الاجتماعى أكد على مبدأ المساواة.. فالمال ليس إلا مال الله وللفقير حق فى مال الغنى وجعل الله على أغنياء المسلمين حقاً فى أموالهم بقدر يسع الفقراء وأن تتكفل الدولة والأغنياء بفقراء الأمة وبلا من أو أذي.
ونهى الإسلام أن يبيع الرجل على بيع أخيه أو يخطب على خطبته وحافظ على حق اليتيم وأكد سبحانه وتعالى على أن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون فى بطونهم نارًا وسيصلون سعيرا.
هذه الأمور مجرد نماذج لما دعا إليه الدين من قيم وأمور قيمية وأخلاق حقيقية هى الهدف الحقيقى الآن لمن يهاجمنا ويحاول هدم الأمة.. بل وقتل المستقبل.
نشر الفساد والأخلاق السيئة والقيم السلبية ليست إلا أسلحة لتدمير المجتمع وتحقيق أهداف أعداء الوطن إنها الحرب الحقيقية بعد أن فشلوا تماماً فى هزيمتنا.. فهم عرفوا جيداً أن جيشنا من أقوى الجيوش وأن الله ناصرهم على كل عدو لأننا لا نعتدى وعقيدتنا أن جيشنا يدافع ولا يعتدي.. كما فشلوا فى إحداث انقسام فى البنية الأساسية لشعبنا.. وفشلت كل محاولات ضرب الوحدة الوطنية بين مسلم ومسيحى أو الفلاحين والصعايدة.. وكذلك الأغنياء والفقراء.. فنحن شعب مؤمن.. وسطي.. يعرف جيداً حقوقه وواجباته.. لذلك فشلت كل محاولات هدم الوحدة الوطنية.. لذلك بدأوا فى تنفيذ خطة أخرى وهى هدم الإنسانية من صغره باستخدام التكنولوجيا الحديثة فترى كل طفل وكل شاب يعيش مع ما تنشره التكنولوجيا والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى أكثر بكثير مع حياته العادية فغاب عن المسجد والكنيسة وابتعد عن كل القيم المجتمعية ولم يعد هناك رقيب داخلى أو رادع روحى نابع من القيم الإنسانية.. أصبحت القيم الإنسانية العالية فى خبر كان.. وأصبح ما تبثه وسائل التواصل الاجتماعى من قيم سلبية وما تنشره من خلل قيمى يفرض نفسه على الأطفال والمراهقين والشباب بل وصل إلى الكبار الذين غابوا تماماً عن حقيقة الدين والعلاقات الإنسانية التى دعا إليها الدين وكل دين.
لا ولم أتدخل هنا فى التحقيقات الجارية فى الحادثين ولكن أتساءل: كيف وصل طالب إلى مدرسته ومعه مطواة يقتل بها زميله بكل دم بارد؟ وكيف يفكر أخ أن يقتل أخاه بل ويدفنه فى بيته؟ ما حدث دعوة صارخة أن ننتبه لما يحدث فى مجتمعنا والحرب القيمية ضد شبابنا بل وأهلنا جميعاً.. الأمر يحتاج إلى وقفة إنسانية وقيمية يشارك فيها كل أبناء الوطن وكل من يستطيع أن يفعل شيئاً أو يقدم جهداً وعلينا أن ننتبه جيداً فانتبهوا أيها السادة.. انتبهوا!!