المرشحان الديمقراطى والجمهورى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة وجهان لعملة واحدة بالنسبة لإسرائيل وللقضية الفلسطينية لكن من الواضح ان نتنياهو وحكومة المتطرفين التى يقودها يتجهون ويفضلون ويدعمون دونالد ترامب بسبب مواقفه الحادة والكارثية تجاه القضية الفلسطينية فهو صاحب قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وهو أيضاً من صرح بأن إسرائيل صغيرة وفى حاجة إلى أن تتوسع.
هناك تسريبات تقول إن نتنياهو يطيل أمد العدوان فى قطاع غزة والتصعيد فى المنطقة انتظاراً لنجاح ترامب بل وذهب البعض أن ما يجرى دعماً للمرشح الجمهوري.. كما ان محاولات صهيونية لاقناع ترامب بأن إيران تريد وتسعى لاغتياله وهو معروف بمواقفه العدائية تجاه طهران.. لذلك فإن هناك توافقاً بين المرشح الجمهورى ورئيس الوزراء الإسرائيلى المتطرف بشأن إيران.. نتنياهو لديه هدف واضح هو القضاء على المشروع النووى الإيرانى وقطع الصلة بين إيران وأذرعها.. لذلك فإن المتطرفين فى دولة الاحتلال يراهنون على نجاح ترامب.. من هنا يؤكد البعض إن عدوان نتنياهو وتصعيده فى المنطقة سوف يستمر إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية وربما يستمر لما بعدها إذا ما نجح ترامب وتنفيذ وعوده لصالح دولة الكيان.. لكن القضية الفلسطينية وإيران وأذرعها أكبر الخاسرين من نجاح دونالد ترامب وان كانت الولايات المتحدة الأمريكية ضد القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة سواء فى عصور وعهود الحزب الديمقراطى أو الجمهورى لأن دعم الإدارة الأمريكية لإسرائيل بلا حدود ويقال ان القرارات تتخذ فى تل أبيب وليس واشنطن.
نتنياهو لن يتوقف وقرر الهجوم على إيران بدعم أمريكى مطلق حتى انه طلب دعماً إضافياً من منظومة «ثاد» الأمريكية بعد فشل منظومة القبة الحديدية.. لكن هذا الدعم لا يأتى لحماية إسرائيل من صواريخ حزب الله أو المقاومة الفلسطينية ولكن تحسبا لردة فعل إيران على الهجوم الإسرائيلى المتوقع.
الموقف الأمريكى فى ظل إدارة الرئيس جو بايدن واضح تجاه دعم بلا حدود لإسرائيل رغم محاولات التخفى خلف ستائر جهود وقف إطلاق النار وعقد صفقات أو إنهاء العدوان الإسرائيلى أو إبداء القلق أو الحديث ان نتنياهو لم يخطرهم بإجراءات أو تصعيد أو ضربات أحدثت جرائم حرب وإبادة.. بل ان الجميع باتوا على اتفاق ان واشنطن هى من تقود هذا العدوان على فلسطين واشعال المنطقة لتحقيق أهداف مشتركة بين واشنطن وتل أبيب وتجلى ذلك فى مواقف كثيرة أخرها عقب مقتل يحيى السنوار حيث خرجت الإدارة الأمريكية بتصريحات متناقضة أكدت ان الفرصة سانحة لوقف الحرب وعقد صفقة لتبادل الأسرى والرهائن وسرعان ما خرجت لتقول إن ايقاف الحرب فى غزة أمراً يبدو صعباً فى حين ان ايقاف الحرب فى لبنان أمر ممكن ثم نقول ان «السنوار» كان عقبة فى نجاح المفاوضات والوصول إلى اتفاق ينهى الحرب ويؤدى إلى تبادل الأسرى والرهائن وهو ما رد عليه البعض بأن حماس وافقت فى يوليو الماضى على مقترح الرئيس الأمريكى جو بايدن نفسه والذى رفضه نتنياهو وأفشل المفاوضات والوساطات لكن فى ظل الأحوال فإن الموقف الأمريكى يثير العديد من التساؤلات حول أهدافه فى المنطقة وموقفه الحقيقى تجاه الحق الفلسطينى المشروع وأهدافه فى المنطقة فى ظل صراع على طبيعة النظام العالمى هو يستمر القديم القائم أم تشرق شمس نظام عالمى جديد لكن وطبقا لما قاله هنرى كيسنجر قبل سنوات ان رحى الحرب العالمية الثالثة قد بدأت ومن لم يسمعها فهو أصم.. وهذا يعكس حالة الاشتعال فى الشرق الأوسط الذى تحوِّل إلى مساحة للصراع والحرب بين قوى العالم الكبرى فيما يشبه حروباً بالوكالة.. على النفوذ والهيمنة واجهاض المصالح خاصة فى ظل ما تديره وتضمره الولايات المتحدة لروسيا والصين وما يدور من حرب وصراع المتنافسين والمتصارعين على سدة النظام العالمى فى ساحة أوكرانيا.
قد تنفجر المنطقة فى حال الهجوم الإسرائيلى على إيران وردة الفعل من قبل طهران التى توعدت بهجوم أكبر من الأول وأكثر دماراً خاصة ان تل أبيب لا تبارح «الحضانة» الأمريكية الغربية، فهى لا تقوى على خوض حروب لأكثر من عام من دون دعم ومشاركة واضحة من أمريكا وحلفائها.. إسرائيل تستغل حالة العجز الأمريكية ومخاوف الديمقراطيين قبيل الانتخابات الرئاسية من التصدى لنتنياهو ربما يصب ذلك فى مصلحة ترامب ويشبهون إدارة بايدن بالبطة العرجاء.. لكننى أرى بشكل شخصى ان أى إدارة أمريكية حالياً أو مستقبلاً لن تستطيع لجم إسرائيل وايقاف عدوانها بل سأذهب بعيداً طبقاً لمعطيات الواقع ان من يقود وينفذ هذه الحرب ليست ضد الفلسطينيين وقطاع غزة أو حرب لبنان ولكن فى المنطقة بالكامل فى ظل الحديث عن أهداف (أمريكية– إسرائيلية) مشتركة فى إطار المشروع «الصهيو– أمريكي» لرسم صياغة جديدة للمنطقة تحت عنوان ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد.. فواشنطن لديها أهداف فيما يحدث أبرزها ايقاف التنامى والصعود والنفوذ الصيني– الروسى فى المنطقة على كافة الأصعدة والمسارات بالسيطرة على المنطقة ومقدراتها وثرواتها وممراتها وقطع الطريق على المشروعات الصينية والتمدد الروسى وضرب الحلفاء المباشرين الموالين لموسكو وبكين وأذرعهما فى ظل مشروعات الصين فى المنطقة وحجم تجارتها ونشاطاتها الاقتصادية وأيضاً تغلل روسيا فى المنطقة.. والتى حلت بديلاً لحلفاء أمريكا فى أوروبا وتأتى الحرب الروسية– الأوكرانية المدعومة أمريكياً وغربياً بشكل مطلق فى إطار لجم روسيا واستنزافها واشغالها واضعاف حركتها.. وان كانت هذه الأهداف لم تتحقق بعد.. ربما يكون ما يجرى ويحدث فى المنطقة خارج قدرة الإدارة الأمريكية سواء خشية الديمقراطيين من التصدى لإجرام نتنياهو ربما لاحتمالات تأثير ذلك سلباً على حظهم فى الانتخابات ومصير كامالا هاريس.. لكننى أذهب بعيداً أيضاً ان الدولة الأمريكية العميقة ومشروعاتها لا تتأثر بنوعية وطبيعة الإدارة.. فالشرق الأوسط الجديد مشروع «صهيو– أمريكي» بحت.. فالمنطقة تواجه «مخطط» يجرى تنفيذه على مدار العقود الأخيرة.. فشل فى 2011 ثم فى 2013 بفضل ثورة 30 يونيو المجيدة والعظيمة وتم تعطيله إلا أن قوى الشر يحاولون فى هذه الفترة الراهنة والدقيقة إعادة إنتاجه وتنفيذه.
السقوط الأخلاقى للعالم الغربى والأمريكى وصل إلى أن وزيرة الخارجية الألمانية تمنح الحق لجيش الا حتلال بقتل المدنيين زعماً انه حق فى الدفاع عن النفس.. القادم أكثر صعوبة حيث بدت الأهداف الآن أكثر وضوحاً لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير سكان غزة واخلاء القطاع وأوهام توطينهم فى سيناء طبقا لمزاعم أنها نصوص تلمودية وتنفيذا لمخطط إسرائيل الكبرى وهو ما يتحدث عنه نتنياهو وحكومته المتطرفة.. لكن ما يعيشونه مجرد أوهام واضغاث أحلام.. لكن الأمر بات فى ظل هذه الوحشية جد خطير يستوجب تحركاً عربياً والدعوة لقمة عربية– إسلامية عاجلة لوقف هذا المخطط الشيطانى الذى يراد تنفيذه وسيطال الجميع.
ما يدور من أحداث وحرب إبادة وتصعيد حذرت منه مصر وما يتم تنفيذه من مخططات استعدت له القاهرة جيداً.