تحت شعار «كل شىء محليًا»، انطلقت فى القاهرة الدورة الثانية عشرة من المنتدى الحضرى العالمي، والذى يعد أحد أهم الفعاليات الدولية على أجندة الأمم المتحدة، تزامنًا مع التحديات العالمية المتزايدة. يجسد هذا المنتدى جهود مصر لتحقيق التنمية الحضرية، ليس فقط على المستوى الداخلي، بل أيضًا على المستوى العالمي، حيث تسعى الحكومة المصرية إلى مواجهة قضايا التوسع العمرانى والتغير المناخى وتحسين جودة الحياة فى المدن. فمن خلال تنظيم هذا المنتدي، تؤكد مصر على التزامها بدعم الحلول المحلية، وتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المدنية. إن هذه الجهود ليست مجرد محاولات وطنية، بل تساهم بشكل فعّال فى تحقيق الأهداف العالمية التى وضعتها الأمم المتحدة.
سلطت الدورة الحالية من المنتدى الضوء على ضرورة أن تنبع الحلول لمعالجة الأزمات من داخل المجتمعات المحلية. إن مفهوم «كل شيء يبدأ محليًا» يعكس فهمًا عميقًا لتجارب السكان واحتياجاتهم. فالحلول المستدامة تتطلب تعاونًا فعّالًا بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية. وهو ما اكدت عليه ممثلة الأمم المتحدة، ساندا أو جيامبو، حيث دعت الشركات إلى دعم الحكومات والمجتمعات فى خلق مدن مستدامة.
ويهدف المنتدى إلى تسريع توطين أهداف التنمية المستدامة، لتتحول الأهداف العالمية إلى تحسينات ملموسة فى حياة الشعوب قبل عام 2030. يمثل هذا الطموح تحديًا كبيرًا، خاصةً فى ظل الظروف الراهنة التى يعيشها العالم. حيث أكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، أناكلوديا روسباخ، على أن أكثر من مليار شخص يعيشون فى مناطق عشوائية، مما يستدعى اتخاذ خطوات فعَّالة لضمان تحسين الظروف المعيشية لهؤلاء السكان. تأتى أهمية المجتمعات المحلية فى القدرة على تحديد مشاكلها وإيجاد حلول مبتكرة لها، كما أشارت روسباخ. فإن دور القادة المحليين، خاصة النساء فى المناطق المهمشة، يصبح حاسمًا فى مواجهة الأزمات كجائحة كوفيد-19 والتغيرات المناخية. فالمجتمعات القوية هى التى تستطيع التكيف والابتكار، وهذا يتطلب دعمًا مستمرًا من الحكومات والهيئات الدولية.
فى هذا السياق، تم استعراض تجارب بعض الدول، مثل الفلبين، حيث نجح اتحاد سكان العشوائيات فى إطلاق مبادرات تعزز قدرة المجتمعات الفقيرة على مواجهة التحديات. إن مشاركة السكان فى اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهم هى خطوة أساسية نحو تحسين ظروفهم، كما أن استخدام تقنيات جديدة مثل بناء المنازل باستخدام مواد صديقة للبيئة يمثل نموذجًا يحتذى به.
تعتبر الدورة الثانية عشرة من المنتدى الحضرى العالمى فرصة ذهبية لمصر وللعالم بأسره. إن التركيز على التنمية الحضرية المحلية والاهتمام بالاحتياجات المجتمعية، يعدان حجر الزاوية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. علينا أن ندرك أن التغيير الحقيقى يبدأ من القاعدة، وأن المجتمع هو المحرك الرئيسى للتنمية. لذا، فإن نجاح هذا المنتدى يعتمد على قدرة جميع الأطراف على التعاون والعمل معًا نحو مستقبل أفضل.