لا يجب أن نكتفى بالرد على الشائعات بتفنيدها والهجوم على من أطلقوها وروًّجوا لها ، فالأهم من الهجوم على مختلق الشائعة وإظهار كذبه وتضليله أمام الرأى العام هو توعية المتلقى بضرورة التبين مما يسمعه قبل أن يردده ، والخطير فى هذا الأمر هو أن الكثيرين يصدقون أو يتظاهرون أنهم يصدقون ويمررون ما يسمعون وهم يعلمون أنه كذب وتضليل ، النبى صلى الله عليه وسلم يقول « كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع « ويقول الله سبحانه وتعالى « إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا» ورغم ذلك نجد إهدارا للقيم والأخلاقيات والتعاليم الدينية والوطنية لا لشئ معلوم يحقق له مصلحة معلومة وإنما لأمور أخرى منها ركوب الموجة – أى موجة – البحث عن التريند ، أو محاولة إثبات أنه صاحب رأى وموقف فى كل الأمور ، فرغم أن الكذب والتدليس نقيصتان من أحط النقائص البشرية إلا أننا نعيش عصرا وجدنا فيه الكذب عبادة يمارسها بعض الحمقى من الأخسرين أعمالا ويزعمون أنها تزلفا وتقربا وقربانا إلى الله!! فعندما تجد هؤلاء الذين يزعمون زورا وبهتانا أنهم حماة الحق والخير والدين والوطن يكذبون كما يتنفسون فى كل أحاديثهم فى الشأن المصري.
لقد ناقشت بعضا من هؤلاء حول المصوغ الدينى أو الأخلاقى الذى يبرر لهم كل هذه الأكاذيب التى يمارسونها على مدار الساعة ، يرى هؤلاء أن «الحرب خدعة!!» كما يقولون، «واللى تكسب بيه العب بيه» كما يؤمنون ، فسألت وتساءلت متهكما وساخرا «عن أى حرب ومكاسب تتحدثون؟ بعضهم يقول حرب الشرعية والآخر يقول حرب الشريعة وصولا إلى قول بعضهم» مرسى راجع وجبريل أبلغنا بذلك!! « إلى آخر هذه الخزعبلات الإخوانية الرخيصة ، هؤلاء يهاجمون كل ما يجرى من خير على أرض مصر ويحتفون بكل أزمة تواجه أمتنا الصابرة ، وهنا أقول إن الهجوم على اى مشروع أو إنجاز مصرى وانتقاده بشدة أمر متاح ومسموح به ولا يمكن ادراج ذلك تحت لافتة الأكاذيب ، لكن ما يفعله هؤلاء ليس نقدا ولا نقلا بل هى شائعات اختلقوها وروجوها على أوسع نطاق ، لقد تعرضت شخصيا لكم هائل من هذه الشائعات والتى تعلقت بكل ما يمكن أن يحط من شأن الإنسان حال صحتها ناهيك عن ضرب المصداقية فى الصميم ، كنت ارد على هذه المغالطات بقوة وافضح فاعليها على رؤوس الأشهاد ، لكن أحدهم أسر لى بأنهم يتلقون التعليمات من قادتهم بفعل ذلك ، وفى سبيل إنجازهم لهذه المهام ببراعة ودقة يسوًّق لهم بعض مشايخهم قصصا وحكايات من السيرة النبوية لا يعلم أحد مدى صدقها وصحتها تدور حول وجوب ان تلعن وتسب وتسخر ممن تعتقد أنه عدو لله وللدين !! وكذلك وجوب التقية والتورية فى إطار « الحرب خدعة « ، إذن هؤلاء الحمقى الذين يعانون من داء الفهم المغلوط والوعى الغائب والتأويلات المسمومة يكذبون تقربا وزلفى وعبادة ، لقد تابعت على مدار سنى عملى الإعلامى والصحفى الكثير من تلك المتناقضات وكنت أظنها حالات فردية لأناس محدودى المعرفة والفهم والخيال ، لكن فى الآونة الأخيرة وخاصة مع تصاعد الأزمات المحيطة بالوطن وجدت العجب العجاب من هذه الفصيلة البشرية النادرة المسماة « بالاسلام السياسى « لقد تحوًّل هؤلاء إلى مجرد روبوتات تنفذ أوامر تأتيها من وراء جدر حيث بختبئ الشيطان وأعوانه يدبرون الأكاذيب ويصنعون الشائعات دون توقف ، وخلال الأيام الماضية وجدنا وتابعنا إعصارا من الشائعات يهدف الخط من الدور والموقف المصرى تجاه القضايا العربية خاصة القضية الفلسطينية ، ونشر شائعات مختلفة عن بيع بحيرة البردويل أو دير سانت كاترين ، واتذكر منذ شهور وعند حدوث الانفراجة الأخيرة فى الملف الاقتصادى بدءا من رأس الحكمة ومرورا بالاتفاق مع البنك والصندوق الدوليين وكذلك الاتحاد الأوروبى وجدت وتابعت ما يجعل إعمال العقل شيئاً من الجنون ، خلط الأوراق وضرب الثوابت وضرب المصداقية والتشويه والتشكيك «والزن على الودان» وأحاديث الإفلاس والعجز والانكسار والفشل والخيانة وسوء الإدارة والارتباك كل ذلك جاء كخطة ممنهجة وموضوعة بعناية لمحاولة التشتيت والتشويه والتشكيك، لك الله يا مصر.