تخيم حالة من عدم اليقين على المشهد الانتخابى فى الولايات المتحدة، حيث تظهر استطلاعات الرأى تقارباً شديداً بين نائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس ومنافسها الجمهورى الرئيس السابق دونالد ترامب، ما يضفى طابعاً مثيراً ومليئاً بالتحديات على انتخابات هذا العام، فيما تتجه الأنظار نحو الولايات المتأرجحة التى قد تحدد مصير المنافسة.
قالت «بلومبرج» إن استطلاعات الرأى تبيّن أن هاريس وترامب يمكنهما تحقيق الفوز بنتيجة متقاربة للغاية فى الاقتراع، إذ ينقسم الناخبون بفارق ضئيل على الصعيد الوطنى وعبر الولايات المتأرجحة.
وأضافت الوكالة أن هناك بعض العلامات المشجعة لمرشحة الحزب الديمقراطي، إذ أظهر الاستطلاع النهائى الذى أجرته شبكة (أيه بى سى نيوز) تقدم هاريس بنسبة 49 ٪، مقارنة بـ46 ٪ لترامب على مستوى الولايات المتحدة، بينما يُشير استطلاع صحيفة «نيويورك تايمز» إلى تقدمها فى 5 من الولايات السبع المتأرجحة.
ورغم أن نتيجة الاستطلاع تبدو غير مألوفة وفق «بلومبرج»، فإنها تُشير إلى أن هاريس تنجح فى جهودها للحصول على أصوات الناخبين البيض فى الغرب الأوسط.
وأشارت «بلومبرج» إلى أن كلا المرشحين يستمران فى حملاتهما الانتخابية وكأن السباق لا يزال «على حافة السكين»، إذ تتحدث هاريس من داخل إحدى الكنائس وتقيم تجمعاً انتخابياً فى جامعة ولاية ميشيجان، بينما يُخطط ترامب لحضور تجمعات فى بنسلفانيا ونورث كارولينا وجورجيا.
يذكر أن الاستطلاعات أظهرت انقساماً حاداً بين الجنسين، فبينما تدعم النساء هاريس بنسبة 57 ٪ مقابل 41 ٪ لترامب، يدعم الرجال الأخير بنسبة 58٪ مقابل 40 ٪ لمنافسته الديمقراطية، ولذلك حرص المرشح الجمهورى قبل تجمعه الانتخابى فى ليتيتز بولاية بنسلفانيا، على استضافة مجموعة من النساء البارزات فى سعيه لتقليص تقدم منافسته الديمقراطية بين هذه الفئة.
ومع ذلك، فإن تقدم هاريس فى غالبية الاستطلاعات جاء ضمن هامش الخطأ، كما أن استطلاع الرأى الأخير الذى أجرته شبكة (ان بى سى نيوز) أظهر أن السباق متعادل بنسبة 49 ٪– 49 ٪.
وأوضحت الشبكة أن ما يُعزز موقف هاريس هو الحماس الديمقراطى المتزايد، وتقدمها بنحو 20 نقطة على ترامب فى ملف الإجهاض، وكذلك تفضيل الناخبين لها باعتبارها المرشح الذى يهتم بالطبقة المتوسطة بشكل أفضل.
ونظراً لأن مثل هذه النتائج المتقاربة غالباً ما تُحسم بناءً على مدى قدرة كل حزب على تحفيز الناخبين بشكل أفضل للمشاركة فى الانتخابات، فإن استطلاع الشبكة الاخبارية الذى أُجرى فى الفترة من 30 أكتوبر الماضى إلى 2 نوفمبر الجارى على ألف ناخب مسجل، يُوفر لمحة عامة عما يمكن أن يحدث اعتماداً على سيناريوهات المشاركة المختلفة.
وتابعت الشبكة: «فى السيناريو الذى قد يشارك فيه الجمهوريون بشكل أكبر، ما يعنى زيادة المشاركة بين الرجال والناخبين البيض والناخبين الذين لا يحملون شهادات جامعية، يتقدم ترامب على هاريس بنقطتين بواقع 50 ٪ مقابل 48 ٪ لهاريس، أما فى السيناريو الذى يتضمن مشاركة أكبر من جانب الديمقراطيين، ما يعنى زيادة طفيفة فى عدد النساء والناخبين البيض الحاصلين على شهادات جامعية والناخبين الملونين، تُظهر النتائج أن هاريس تتقدم على ترامب بـ3 نقاط بواقع 50 ٪ مقـابل 47 ٪، لكن كافة هذه النتائج تقع أيضاً ضمن هامش الخطأ».
فى الوقت نفسه، أظهر الاستطلاع أنه على الرغم من النشاط المحموم فى الأسابيع الأخيرة ومليارات الدولارات التى صرفت على الإعلانات من قبل حملتى المرشحين، لم تتغير الأرقام إلا بشكل طفيف عن عدة استطلاعات سابقة.
من جانبه، أكد المرشح الجمهورى دونالد ترامب فى اتصال هاتفى مع شبكة «أى بى سي» الأمريكية أنه متقدم بشكل كبير على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، لكنه حين سئل عما إذا كان يعتقد أن هناك أى طريقة يمكن أن يخسر فيها، فأجاب ترامب بأن ذلك ممكن أن يحصل.
وقال «أعتقد أنه يمكن أن أخسر.. أعنى أن هذا قد يحدث، أليس كذلك؟»، لكنه عاد وكرر أنه « متقدم بشكل كبير جدا، رغم امكانية حدوث أشياء سيئة»، وفق تعبيره.
وكان المرشح الجمهورى قد اعتبر من ولاية بنسلفانيا أن استطلاعات الرأى «كاذبة»، وشدد أمام حشد من ناخبيه على أنه يتوقع فوزا كبيرا فى الانتخابات، مشيرا إلى أنه «لا يستطيع أن يتخيل خسارته إلا إذا كانت انتخابات فاسدة».
الوعود الأخيرة
هاريس تتعهد بإنهاء الحرب على غزة
وحل الدولتين.. وترامب يعد بالعهد الذهبى
واشنطن ــ وكالات الانباء:
قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، يتسابق كل من الرئيس السابق والمرشح الجمهورى دونالد ترامب، ونظيرته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس، على تقديم الوعود الأخيرة أملا فى كسب الأصوات للوصول إلى البيت الأبيض.
ومع اقتراب اللحظات الفارقة، أخرج كل من ترامب وهاريس «الكارت الأخير» فى حملاتهم الانتخابية، من خلال خطابات وتجمعات انتخابية ركزت على عدة ملفات.
تعهدت هاريس خلال آخر تجمع انتخابى لها فى جامعة ولاية ميشيجان «ببذل كل ما فى وسعها لإنهاء الحرب بغزة» وأكدت التزامها بحق الفلسطينيين فى «الكرامة والحرية والأمن وتقرير المصير».
قالت المرشحة الديمقراطية إنَّ السباق الانتخابى فى أمريكا صعب للغاية؛ نظرًا لما يحدث فى قطاع غزة ولبنان متعهدة بالتواصل مع المجتمع العربى الأمريكى المهم فى الولاية، معترفة بالخسائر البشرية التى خلفتها الحرب فى غزة ببذل كل ما فى وسعها لإنهاء الحرب فى غزة، إذا جرى انتخابها.. وأوضحت نائبة الرئيس الأمريكي، أنها سوف تواصل عملها على جميع الجبهات لإعادة الاستقرار فى لبنان وغزة والعمل بلا كلل نحو مستقبل مستقر لجميع شعوب العالم. وتابعت: «إنه أمر مدمر، وبصفتى رئيسة، سأبذل كل ما فى وسعى لإنهاء الحرب فى غزة، وإعادة المحتجزين إلى ديارهم، وإنهاء المعاناة فى غزة، وضمان أمن إسرائيل، وضمان قدرة الشعب الفلسطينى على تحقيق حقه فى الكرامة والحرية والأمن وتقرير المصير وصولا لحل الدولتين».
ذكرت هاريس أنه على الرغم من أن المجتمع الأمريكى «ليس كتلة واحدة متجانسة»، فإنها تُدرك أن سياسات إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن طوال الحرب بين إسرائيل وحركة حماس كانت «مصدر قلق خاص».. وخلال كلمتها، أكدت كامالا هاريس أنها تثق فى فوزها برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية؛ لأن الأمريكيين يعرفون ويدركون جيدًا حجم التحديات التى تواجه أمريكا والقضاء على الانقسام داخل المجتمع، وحان الوقت لجيل جديد يحمل شعلة القيادة فى البلاد.
ورفضت هاريس مزاعم سعيها للحصول على مكاسب سياسية وتعهدت بمحاولة حل جميع المشكلات التى تواجه الولايات المتحدة، وخطتها تنطوى على خفض الضرائب وتكاليف الرعاية الصحية، خصوصًا لكبار السن.
ووفقا لوكالة اسوشيتد برس، ستقضى كامالا هاريس الساعات الأخيرة قبل الانتخابات بالكامل فى ولاية بنسلفانيا، التى تقدم أصواتها الـ 19 فى المجمع الانتخابي، والمتوقع أن تحدد نتيجة الانتخابات، كما ستزور مناطق الطبقة العاملة بما فى ذلك ألينتاون وتنتهى بتجمع ليلى فى فيلادلفيا يضم ليدى جاجا وأوبرا وينفري.
فى المقابل، شن دونالد ترامب خلال تجمع لحملته الانتخابية فى ولاية بنسلفانيا هجوما حادا على كامالا هاريس كما هاجم وسائل الإعلام التى وصفها بالكاذبة، وأعاد تصريحاته عن تزوير الانتخابات.
وفقا لشبكة إن بى سي، وصف ترامب الديمقراطيين بأنهم «العدو الداخلى»، وقال للحاضرين فى تجمعه: «كل شيء فاسد. . أنا أترشح ضد آلة فاسدة تسمى الحزب الديمقراطي»، وفى وقت لاحق، قال ترامب إنه من غير العدل أن يتم اختيار هاريس كمرشحة رئاسية للحزب الديمقراطي.
ووعد ترامب الأمريكيين بالعهد الذهبى وعودة الرخاء من جديد واعترف أنه يتعامل مع هاريس بقسوة، لأنها «سيئة حقًا»، وأضاف «من المفترض أن تكون عادلة. لكنهم انتزعوا الانتخابات من هذا الرجل المسكين الغبي. انتزعوها مثل الحلوى من طفل».. وذكر فى مقابلة هاتفية مع شبكة «إن بى سي» الإخبارية أن المرشح الرئاسى المستقل السابق روبرت إف كينيدى جونيور، سيضطلع بدور كبير فى إدارته حال فوزه، مشيراً إلى أن كينيدى كان منفتحاً على بعض أفكاره الأكثر إثارة للجدل.
ورداً على سؤال، الأحد، عما إذا كان حظر لقاحات معينة سيكون خياراً خلال فترة ولايته الثانية، لم يستبعد ترامب ذلك، وقال: «حسناً ساتحدث إلى كينيدى وأشخاص آخرين، وساتخذ قراراً، لكنه «كينيدي» رجل موهوب للغاية، ولجديه آراء قوية».
ومن المقرر أن يشارك ترامب فى أربع تجمعات انتخابية فى ثلاث ولايات، بدءًا من ولاية نورث كارولينا مرورا بتجمعين فى بنسلفانيا حيث سيحضر فعاليات انتخابية فى ريدينج وبيتسبرج، وسينهى المرشح الجمهورى والرئيس السابق حملته بالطريقة التى أنهى بها المرحلتين الأوليين، فى جراند رابيدز بولاية ميشيجان.
قلق و مخاوف بعد الانتخابات
توقعات بموجات عنف وفوضى حال خسارة ترامب.. وهاريس مستعدة لجميع السيناريوهات
واشنطن ــ وكالات الأنباء:
سيطر الخوف والقلق على أجواء الانتخابات الأمريكية من حدوث أى نوع من الفوضى خاصة أن المرشح الجمهورى دونالد ترامب وحملته بدأوا يمهدون الطريق لادعاءاتهم بحصول تزوير فى ولاية بنسلفانيا وغيرها.
كان ترامب قد ادعى مجددا أن خسارته عام 2020 أمام الرئيس الديمقراطى جو بايدن جاءت نتيجة عملية تزوير كبيرة فى ولايات متعددة. وقال بالفعل يوم الخميس الماضى إن فتح تحقيق فى استمارات تسجيل الناخبين فى بنسلفانيا يدل على وجود تزوير لأصوات الناخبين.
قال فى أول تجمع انتخابى له فى بنسلفانيا، «مصير البلاد بين أيديكم»، ووعد بـ»موجة عارمة» من الأصوات لمصلحته.
وقال ترامب فى منشور سابق على وسائل التواصل الاجتماعى «لقد أمسكنا بهم وهم ينفذون عملية غش كبيرة فى ولاية بنسلفانيا» كذلك أكد المرشح الجمهورى لأنصاره أن عليهم أن يتوقعوا فوزا كبيرا فى الانتخابات، مشيرا إلى أنه لا يستطيع أن يتخيل خسارته إلا «إذا كانت انتخابات فاسدة».
فى الوقت نفسه، عبر حلفاء ترامب عن مخاوفهم من احتمال مشاركة أعداد كبيرة من «غير المواطنين» فى الانتخابات، على الرغم من أن الأمثلة على حدوث ذلك تكاد لا تذكر.
وأثارت ادعاءات ترامب هذه مخاوف من أنه يستعد لإلقاء اللوم مرة أخرى على تزوير أصوات الناخبين فى حالة خسارته المحتملة فى ولاية بنسلفانيا، وهى أكبر الولايات السبع التى من المرجح أن تحسم نتيجة الانتخابات.
أمام هذه التصريحات، يستعد الديمقراطيون بقيادة هاريس لاحتمال أن يحاول ترامب إعلان فوزه فى الانتخابات قبل فرز جميع الأصوات، كما فعل فى 2020، وقالت المرشحة الديمقراطية فى مقابلة مع شبكة إيه.بي.سى «للأسف، نحن مستعدون إذا فعل ذلك. وإذا علمنا أنه يتلاعب بالصحافة ويحاول يغير إجماع الشعب الأمريكى… فنحن مستعدون للرد».
من جانبه، توقع الخبراء حدوث عنف وفوضى فى أمريكا بسبب متغيرات يشهدها المجتمع منها حالة الاستقطاب السياسى وخطاب الكراهية بين الحزب الجمهورى والديمقراطي، وقالوا إن هناك متغيرات شديدة يشهدها المجتمع الأمريكى مؤخرا تمثلت فى أمرين، منها حالة الاستقطاب السياسى وخطاب الكراهية الذى تصاعد بشكل كبير بين الحزب الجمهورى والحزب الديمقراطي، فضلا عن حالة التنابز الشديد بين كلا المرشحين والاتهامات التى بدأت تتصاعد بينهما.
وأضاف الخبراء أن «هناك تطورات متعلقة بالنظام السياسى الأمريكى تتصاعد بالاتجاهات التى تشكك فى منظومة الانتخاب الأمريكية سواء فى نزاهتها أو غيره، والأمر الثانى يتعلق بانتشار وعشوائية السلاح فى أمريكا»، ولفتوا إلى أن هذين العاملين يدعمان بيئة العنف والفوضى فى الجانب الأمريكى لاسيما وأن فى انتخابات 2020 شهدت اقتحام الكونجرس الأمريكي.
فى سياق متصل، أعرب خبراء دستوريون عن مخاوفهم من سيناريوهات محتملة تتعلّق بالنتائج ربما تتطور إلى أزمات، سواء أُعلن فوز المرشحة هاريس أو منافسها ترامب، وفق ما أوردت صحيفة «فاينانشيال تايمز».
وحظرت الصحيفة البريطانية فى تقرير من تكرار ما حدث سابقًًا قبل 4 سنوات فى وقت متأخر من ليلة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، رأى ترامب ما يُسمى بـ«سراب أحمر»، واستغل فرصة تفوقه على منافسه الديمقراطى آنذاك جو بايدن فى عدد الأصوات فى عدة ولايات متأرجحة.
ونحو الساعة 2:30صباحاً بالتوقيت المحلى فى ذلك اليوم، ظهر ترامب أمام كاميرات البيت الأبيض ليعلن فوزه، قائلاً إن أى بطاقات اقتراع تُفرز بعد ذلك ستكون «مزورة».
وكان ترامب يسعى إلى استغلال الفارق الكبير فى عدد الناخبين الديمقراطيين الذين صوّتوا عبر البريد مقارنة بالجمهوريين، ما يعنى أن «التحوّل الأزرق (أى لصالح الجمهوريين)» فى النتائج سيحتاج إلى بعض الوقت ليظهر. واستغرق الأمر 3 أيام إضافية حتى تُكمل ولاية بنسلفانيا فرز أصواتها، وإعلان فوز بايدن.
وتوقعت «فاينانشيال تايمز» حدوث أزمات.. الأولى ترتبط بإعلان هاريس كفائزة، إذ سيؤدى هذا السيناريو إلى اندلاع «حرب قانونية وإعلامية»، تهدف إلى منع التصديق على فوزها. ولن يجهض هذه الأزمة إلا فوز هاريس «غير المحتمل» فى خمس من الولايات السبع المتأرجحة على الأقل.
أما الأزمة الأخرى فترتبط بفوز ترامب بالانتخابات، ويُتوقع أن تبدأ فى 21 يناير المقبل، وهو اليوم التالى لتنصيبه، إذ يشعر خبراء دستوريون بقلق إزاء ما قد يفعله ترامب فى ولايته الثانية من خلال «استعادة قبضته على السلطة، أكثر من قدرته على إلغاء فوز هاريس».