لا يخفى على أحد حال التعليم فى السنوات التى صاحبت أزمة كورونا والتى كانت سبباً رئيسياً فى انهيار المستوى التعليمى وكيف انتجت جيلاً أمياً لا يجيد القراءة والكتابة على كافة مراحل التعليم لذا فإن الأمر فى حاجة ماسة لمراجعة حتى يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وربما عبر عن ذلك مشهد من محاكمة أحد المطربين عندما قرر محاميه أمام هيئة المحكمة أنه لا يجيد القراءة والكتابة فكان سؤال رئيس المحكمة كيف وهو حاصل على دبلوم صنايع لتأتى إجابة المحامى بأن الكثير من حملة الشهادات لا يجيدون القراءة والكتابة ولم يكن هذا محض افتراء منه بل هو الواقع العبثي.
الوضع فى غاية الأسف فما أصعب أن تجد طالباً فى المرحلة الإعدادية ولا يستطيع التفرقة بين التاء والطاء أو السين والصاد أو الدال والضاد حين يكتب وإذا حدثته عن الفرق بين الياء والألف اللينة يشعرك بأنك تتحدث لوغاريتمات وهو ما يمتد بطبيعة الحال إلى المرحلة الثانوية والجامعية.
هذا الجيل هو ضحية بلا شك لسنوات كانت بلا تعليم أمام ما تم إنتاجه من أنظمة تعليمية لمواجهة كارثة جائحة كورونا فجاءت الأبحاث بديلاً عن الامتحانات لطالب لم يكن تعلم القراءة والكتابة بعد حتى يدرك مفهوم البحث الذى تم إعداده من قبل أولياء الأمور بل تبارت بعض المكتبات فى إعداد نماذج جاهزة لبيعها لمن فشل فى كتابة البحث.
هؤلاء الذين لا يجيدون القراءة والكتابة تجدهم يدرسون مناهج بلا كتب دراسية حيث تقرر عليهم قصة إحدى الشخصيات التاريخية سواء فى مادة اللغة العربية أو التربية الدينية دون أن يتسلموا كتاباً لهذه القصص كما اعتاد جيلنا على مدار سنواته الدراسية.
لا أفهم كيف يحدث ذلك وكيف يستطيع هؤلاء مذاكرة مقرر بلا كتاب دراسى خاصة فى ظل انعدام التعليم فى معظم المدارس بل إن الكثير منها تجدها خاوية من الطلبة فى كثير من الأحيان فما المطلوب من ولى أمر دفع مصاريف دراسية بالكاد وهل بات لزاماً عليه شراء الكتب الخارجية أو اللجوء إلى الدروس الخصوصية التى باتت هى الآخرى بلا فائدة.
السيد محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى أقر مجموعة من النظم هذا العام لتقييم مستوى الطالب ولا خلاف أن الأمر جيد ولكن لكل نظام أدواته فأين أدوات الطالب فى مدرسة لم تعلمه القراءة والكتابة وأين أدواته فى مقرر دراسى بلا كتاب.
حقاً نحن أمام كارثة وسيدفع الجميع ثمنها إذا لم ننتبه ونصحح الأوضاع السنوات القادمة عندما نجد هذا الجيل الأمى هو المسئول عن تعليم الأجيال القادمة ومن هنا تأتى رسالتى بضرورة مراجعة آليات التعليم قبل استحداث أنظمة لن تحرك المياه الراكدة على مدار السنوات الماضية.