يواجه الاقتصاد المصرى تحديات جسيمة ومتتالية، بدأت منذ تحرير سعر الصرف فى 2016، وتفاقمت مع تفشى جائحة كورونا التى أضعفت القطاعات الاقتصادية المختلفة. وزادت الأزمات تعقيداً مع اندلاع الحرب الروسية –الأوكرانية، والتى أعاقت سلاسل التوريد، خاصة فى المنتجات الزراعية والطاقة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فالتوترات الجيوسياسية، مثل الحرب فى غزة وجنوب لبنان والضربات الحوثية، أضافت أعباءً إضافية، حيث أضرت هذه التوترات بإيرادات قناة السويس، التى خسر الاقتصاد المصرى بفضلها حوالى 6 مليارات دولار.
أدت هذه الأزمات المتلاحقة إلى ارتفاع معدل التضخم بصورة ملحوظة، الأمر الذى رفع أسعار العديد من السلع الأساسية، بما فى ذلك المحروقات، ووسائل النقل، والخضروات، ومنتجات الألبان، مما زاد من معاناة الأسر المصرية.
فى هذا السياق، أكد الرئيس السيسى حرصه على تخفيف أعباء المواطنين، معلناً أن الحكومة لن تلتزم بإملاءات صندوق النقد الدولى إذا كانت ستؤدى إلى مزيد من الأعباء على الشعب.
لمواجهة تلك الضغوط، تعمل الحكومة على تأمين المخزون الإستراتيجى للسلع الأساسية، من خلال استيراد كميات إضافية من دول البريكس، بجانب توسيع الإنتاج المحلى للمنتجات الزراعية والحيوانية لتعزيز الاكتفاء الذاتي. وقد تم السماح باستيراد سلع مثل البيض واللحوم بهدف تحفيز المنافسة، والقضاء على الاحتكار، والمساعدة فى كبح جماح الأسعار المتزايدة.
كما تخطط الحكومة لإصدار سندات قصيرة الأجل كأداة نقدية لكبح التضخم، وتعمل على جذب استثمارات خليجية عن طريق مشاريع كبرى مثل مشروع رأس الحكمة، الذى يهدف إلى تنشيط قطاع السياحة، وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل الاعتماد على الواردات، وتوطين صناعات حيوية لدعم الاقتصاد.
من أجل حماية الفئات الأقل دخلاً، تدرس الحكومة اطلاق حزمة حماية اجتماعية جديدة، تشمل زيادة الرواتب والمعاشات، مع ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه. كما تعيد الحكومة النظر فى ملف الغاز الطبيعي، حيث تستأنف عمليات التنقيب وحفر آبار جديدة لتقليل الاعتماد على الاستيراد. كذلك، تعمل على تأمين قناة السويس، عبر تقارب استراتيجى مع بعض دول البحر الأحمر، لضمان استقرار المدخل الجنوبى للقناة وزيادة إيراداتها.
وسط هذه الجهود، أحرز الاقتصاد المصرى تصنيفاً إيجابياً من مؤسسات دولية بفضل تحسين الأداء الكلي، وزيادة النمو، وتراجع التضخم، بالتزامن مع زيارة بعثة صندوق النقد الدولى لمصر. وقد أثنت البعثة على هذا التحسن، وأكدت أهمية الإصلاحات الاقتصادية لتعزيز الاستقرار وتحقيق النمو المستدام، مشيرةً إلى التزام الحكومة المصرية بسياسات اقتصادية ومالية تدعم تطلعات التنمية.
إن هذه الإجراءات تعكس جهود الحكومة المصرية لتخفيف تأثير الأزمات المتلاحقة على المواطن، وحماية الاقتصاد من التقلبات العالمية، وتعزيز صمود البلاد أمام التحديات المتزايدة.