طفلة من الخليل رفعت يدها إلى السماء تناجى الله من فوق سبع سموات.. أروح فين يارب.. أروح فين يارب.. كل يوم أترك خيمة وأرض وأروح مكان جديد.. تعبت يارب.. خدنى إليك يارب.
كلمات أقوى من الرصاص.. أشد من البارود الاسود.. أقصى من الألم.. ونحن نيام.. نتمتع بملذات الحياة ونأكل أحلى الطعام ونرتدى أفضل الملابس.. ونفرح ونلهو ولا حول ولا قوة إلا بالله.
تلك الطفلة التى تركت مدرستها ومنزلها وأرضها وودعت حياتها.. وطفولتها.. وابتسامتها وضحكتها.. تشتكى إلى الله ما تمر به من آلم وخراب.. وتروى له ما تمر به من مأساة «وهو أعلم».. هذه الفتاة تنتظرنا يوم المحشر لتقف أمام المحكمة الإلهية العليا ترفع مظلمتها إلى الحكم العدل ..تركونا ما بين قتيل وشريد.. ما بين نازح وفار.. وما تحركوا وما ناصروا.. حتى المقاطعة تركوها، أهملوها ..وكانت أضعف الايمان يا الله خذ حقنا منهم، أنصفنا فى الآخرة.. أنت الحكم العدل.. لقد تكاسلوا عن نصرتنا .
فلنستعد لذلك اليوم الذى يجمع الله عز وجل الخلائق جميعا لحسابهم والقضاء بينهم..فماذا سنقول وابن القيم يقول فى صيد الفوائد.. يقول الحق جل وعلا فى كتابه الكريم : «وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إِلَّا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير «الأنفال: 72».
وفى الآية الأمر بوجوب نصرة المستضعفين من أهل الإسلام، ان طلبوه؛ بقولهم، أو حالهم، من إخوانهم المسلمين فى أسقاع المعمورة.. وقد تم تلخيص هذه النصرة فى عشر قواعد، مستوحاة من الكتاب والسنة، وإجماع أهل العلم، نذكرها :
القاعدة الأولي: أن نصرة المستضعفين من أهل الإسلام؛ واجب شرعى على كل مسلم، مكلف ، يتفاوت هذا الواجب بين مكلف وآخر، بناء على تفاوت مقدرته وإستطاعته.. فأعلى مراتب النصرة؛ النصرة بالنفس بالقتال معهم، ثم بالمال، وأدناها الكف عن المعصية ولزوم الطاعة والرجوع إلى الله.
القاعدة الثانية: وجوب اليقين الجازم بأن الله غالب على أمره، وأمر الله؛ نصرة المؤمنين، وانتقامه لهم من أهل الفجور والبغى.
القاعدة الثالثة : وجوب حسن ظن العبد بربه؛ بأن الله سيمكن لدينه، وسينصر عباده وأهل توحيده، مهما تمادى أهل الكفر والبغى والجور، فان الغلبة ستكون لهم لا محالة.
القاعدة الرابعة: يحرم على المسلم اليأس او القنوط من نصر الله وفرجه للمستضعفين، عند نزول المصائب والبلايا بهم، والواجب؛ الاستبشار بوعد الله، والسعى ببذل الأسباب الناجعة لاستجلاب نصره وفتحه.
القاعدة الخامسة: لا ينصر المستضعفون، ببث صور تعذيبهم، أو مشاهد قتلهم ، بقدر ما ينصر بذلك أعداؤهم ، فالأمة قد يصيبها بهذه المشاهد الخور والجبن ، وربما أيقنت بالهزيمة والهلاك ، فيربح بذلك الخصم ويشتد على المستضعفين ويقوي.
القاعدة السادسة: لا ينبغى العويل على من مات مظلوما فى ميدان الحق ، بل يجب الاستبشار ، والفرح له بما أعد الله له من نزل الكرامة فى الدار الآخرة، مع اليقين الجازم ان الغلبة ستكون لأوليائه، والنصر لأهل دينه.
القاعدة السابعة: على المسلم ان يعلم أن نصرة المستضعفين؛ لا تكون بالصراخ والعويل؛ وانما بالمدد، والدعاء الصادق ، وتثبيتهم على الحق، ورفع معنوياتهم وعزائمهم.
القاعدة الثامنة : على المسلم ان يعلم يقينا، ان التآمر مهما كان حجمه، وبلغ مداه ، فلابد ان ينتصر الحق وأهله، ويخسر الباطل وحزبه ، طال الزمان ام قصر.
القاعدة التاسعة: لا يصح من مسلم اعتقاد ان الإسلام قد انتهي، أو هزم للأبد، فالحرب سجال، والحق باق إلى قيام الساعة، ولن تكون الغلبة والتمكين الا لدين الإسلام ، مهما كان الواقع مريرا بحاله وأحواله، فالمستقبل لهذا الدين، والتمكين لأهله وحملته.
القاعدة العاشرة : ليس فى الإسلام نياحة أو شق او لطم، وانما استرجاع واحتساب، ودعاء بقلوب توقن بالإجابة، وتؤمن بفرج الله، ونصره، أكثر من يقينها بما سواه .
نحتاج ان نستعد بالإجابة ونتجهز لها