محمد الأبنودى
إذا كانت الحروب تستهدف بأسلحتها الفتاكة جسد الإنسان وأرضه وثقافته فإن هناك حروباً اخرى تستهدف عقله ونفسه وهويته وقيمه ومبادئه.. ألا وهى حرب الشائعات التى حذر منها الدين الإسلامى الحنيف.
وقد وجد المسلمون الأوائل من أقوامهم مقاومات عنيفة بدأت باختلاق الأكاذيب وترويج الشائعات عنهم طعناً فى أشخاصهم ورفضاً لمناهجهم ودعوتهم كما قال سبحانه وتعالى فى محكم التنزيل «وكم أرسلنا من نبى فى الأولين وما يأتيهم من نبى إلا كانوا به يستهزءون».
والشائعات من أخطر الأمراض التى ابتلينا بها فى هذا العصر، وهى من أخطر الحروب النفسية المدمرة لأنها تدس بطريقة سحرية وسط الجماهير، ولأنه من الصعب معرفة مصدرها خاصة مع انتشار وسائل التواصل المختلفة، ولأن ضحاياها يسمعونها ويشاهدونها عبر هذه الوسائل مما يعطيها صورة الخبر الصادق، بل إن ضحاياها يكونون أحياناً هم مروجونها، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتنوعة نراها كل يوم بل كل ساعة على مواقع التواصل.
والشائعة سلوك عدوانى ضد المجتمع، وتعبير عن بعض العقد النفسية المترسبة فى العقل الباطن.. كم يقول علماء النفس.. وهذ السلوك العدوانى قد ينجم عنه أفعال مباشرة، وقد يتحول إلى نوع من الشذوذ فى القول والفعل، ولعل أبرز أنواع الشائعات ما يتعلق بأمن الناس وسلامتهم وإقتصادهم وصحتهم، لأنه يتركهم فى دوامة القلق ويؤثر على مجرى حياتهم الخاصة والعامة وخاصة الوضع الاقتصادى والاجتماعى والأمنى وعلى وجه الخصوص عندما يفتقد الإنسان الوعى والإدراك وثوابت الاستقرار كالأمن والدين والقيم.
وتعتبر الشائعة من أخطر الأسلحة المدمرة للمجتمعات وسلاحها النيل من الروح المعنوية للمواطنين.. لذا فإن القرآن الكريم نهى عن مطاوعة من يتصف بهذه الصفة الذميمة فى قوله تعالى «ولا تطع كل حلاف مهين، هماز مشاء بنميم، مناع للخير معتد أثيم».
والشائعة تتطور بتطور العصر، ومروج الشائعة اليوم لا يقل خطورة عن مروج المخدرات،، فكلاهما مروجان يستهدفان قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، وهى أسلوب قذر تستخدمه الدول فى حروبها النفسية ضد من عادت من الدول الأخري.
وللشائعة آثار نفسية وحسية بالغة الخطورة، فبمقدورها القضاء على المجتمعات بأكملها إذا لم تواجه من قبل الأطراف الواعية، وتزداد خطورتها إذا كانت هناك جهة ما تريد اشعال نار الفتنة طلباً المبتغاة، فهى تجعل من الصواب خطأ ومن الخطأ صواباً، وهذا ما نراه فى اشاعة الكذب والفوضى من الجماعة الإرهابية وانصارها فى كل مكان.
وفى نظرى أن مواجهة الشائعة تكون بالإيمان بالله والثقة التامة فى البيانات الرسمية لأنه إذا فقدت الجماهير الثقة فى البيانات فإن الشائعات تأخذ فى الانتشار، وكذا فى عرض الحقائق على أوسع مدى والثقة فى القائد والحذر كل الحذر فى الدخول فى معارك لا نفع من ورائها ولا طائل، فكثير من الشائعات ينبغى ألا نلتفت إليها وألا تشغلنا من الأساس ولنحرص على العمل والانتاج ونشغل أنفسنا بما يعود علينا بالنفع لمجتمعنا وديننا.
<<<
ختاماً:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
«أيما رجل أشاع عن رجل كلمة وهو منها برئ ليشينه بها فى الدنيا كان حقاً على الله أن يعذبه بها يوم القيامة فى النار».
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم