طالبت جامعة الدول العربية مجلس الأمن والمُجتمع الدولى وجميع الدول الفاعلة بتحمّل مسئولياتها والضغط على اسرائيل لوقف العدوان الاسرائيلي، والزامها بإدخال جميع المساعدات الانسانية التى تُلبّى احتياجات أهالى القطاع، كما تُجدد مُطالبتها بتصحيح هذا الخطأ التاريخي.
كما طالبت الجامعة بمناسبة الذكرى 107 لإعلان بلفور، بريطانيا وجميع الدول التى لم تتخذ بعد هذه الخطوة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية دعماً للسلام وفق رؤية حل الدولتين، مؤكدة أن السلام الشامل والعادل والدائم له طريق واحد عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلى لكافة الأراضى الفلسطينية والعربية المُحتلة منذ عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لمُقررات الشرعية الدولية ومُبادرة السلام العربية.
وقالت، إن تصريح بلفور يبقى جُرحاً غائراً فى الضمير الإنسانى لما تسبب به من نكبة الشعب الفلسطينى واستمرار حرمانه من حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف فى الحرّية والاستقلال، فى ظل استمرار الاحتلال الاسرائيلى فى انتهاكاته وممارساته والاستيطان والتهويد والضم والحصار، واستمرار الاحتلال الإسرائيلى فى تدمير مقوّمات الحياة للشعب الفلسطيني، وتدنيس مُقدّساته الإسلامية والمسيحية مشيرا الى مُواصلة ارتكاب هذه الجرائم والانتهاكات يُعدُّ شاهداً على عجز المُجتمع الدولى عن القيام بواجباته وتحمّل مسئولياته فى الوقوف بوجه العدوان والاحتلال وتوفير الحماية للشعب الفلسطينى وإلزام الاحتلال بالانصياع لمبادئ القانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما يضع حدّاً للاحتلال ويُمكّن الشعب الفلسطينى من مُمارسة حقه فى تقرير مصيره فى دولته المُستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وقالت، إن إسرائيل مستمرة فى اصرارها على توسيع رقعة عدوانها ليشمل لبنان والجولان السورى المُحتلّ فى ظل مخاطر مُحدقة بالمنطقة بالانزلاق إلى حربٍ اقليمية.
من لا يملك اعطى لمن لا يستحق
تعتبر الرسالة التى بعث بها وزير الخارجية البريطانية عام 1917 إلى اللورد ليونيل روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية فى تلك الفترة والتى عرفت فيما بعد باسم وعد بلفور، أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين. وقد قطعت فيها الحكومة البريطانية تعهدا بإقامة دولة لليهود فى فلسطين.
107 أعوام مرت على الرسالة التى أرسلت بعد ان دخل الفايكونت الأول اللنبى مدينة القدس فى تاريخ 1917 بعد أن خسر العثمانيون مواقعهم فى جنوب فلسطين وأصبح سقوط المدينة مسألة وقت فقط، فقام متصرف المدينة عزت بك بتكليف رئيس بلدية القدس حسين الحسينى بتسليم المدينة للجيش الإنجليزى بعد أن خشى على الأماكن الدينية من الدمار والخراب، بينما كان الجيش الإنجليزى يحاصر المدينة ويبعث برسائله من القذائف والرصاص كان وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور يبعث برسالة إلى اللورد روتشيلد الثرى اليهودى وأحد زعماء الحركة الصهيونية برسالة يعده بتأسيس وطن قومى للشعب اليهودى فى فلسطين.
قام الاحتلال البريطانى بالسماح بالهجرة اليهودية ووفرت لهم الحماية والدعم الذى مكنهم من الاستيلاء على كثير من الأراضى وإقامة عدد كبير من المستعمرات , و هناك أسباب عدة لهذا التحالف والتقاء المصالح يرجع أهمها إلى الإمكانيات المادية والمالية التى كانت تتمتع فيها الحركة الصهيونية ممثلة بعائلة روتشيلد التى كانت تتحكم فى الاقتصاد فى عدد من الدول الأوروبية، و حالة العداء بين الدولة العثمانية التى تحالفت مع ألمانيا ضد الدول الأوروبية فكان هذا الأمر بمثابة عقوبة للدولة العثمانية التى كانت مسئولة عن فلسطين حيث كانت توليها اهتماما زائدا نظرا لوجود المقدسات الإسلامية والمسيحية وبسبب موقع فلسطين الجغرافي.
وقامت بريطانيا بتمكين اليهود من امتلاك قوة عسكرية مكنتهم من فرض مشروع التقسيم فى عام 1947م حيث هجر الفلسطينيون ودمرت قراهم ومدنهم بعد أن منعهم الإنجليز القدرة على حماية أنفسهم حيث كان يحاكم ويعدم كل من يمتلك سلاحا خفيفا من الفلسطينيين بينما كانت توفر السلاح لليهود وتغض النظر عن امتلاكهم الأسلحة الثقيلة , كما سمحت بإعلان الدولة الاسرائيلية فى 1948، بعد إعلان انتهاء الانتداب البريطاني، و المجازر التى ارتكبها اليهود فى عام النكبة.
اصرت الحكومة البريطانية فى عام 2017 على الاحتفال بمئوية وعد بلفور بدلا من الاستجابة للمطالب الفلسطينية بالاعتذار عنه، وقالت رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك تيريزا ماى «إننا نشعر بالفخر من الدور الذى لعبناه فى إقامة دولة إسرائيل، ونحن بالتأكيد سنحتفل بهذه الذكرى المئوية بفخر»، وكأنها تسجل موقفا متأصلاً من دعمها اللامحدود للكيان الاسرائيلي، وخلال الحرب الحالية على قطاع غزة تمسك فى بداية الحرب كل من رئيس الوزراء ريشى سوناك وزعيم حزب العمال السير كير ستارمر بشعار «حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها»، و واجهة هذه الحكومة انتقادات ومظاهرات كبيرة لامدادها اسرائيل بالسلاح , و لكن فى يناير 2024، أشار وزير الخارجية ديفيد كاميرون إلى أن المملكة المتحدة قد تعترف رسميًا وتقيم علاقات دبلوماسية مع دولة فلسطينية أثناء المفاوضات بشأن اتفاق سلام للحرب بين إسرائيل وحماس، وصرح السفير الفلسطينى لدى المملكة المتحدة حسام زملط بأن هذه هى «المرة الأولى التى يفكر فيها وزير خارجية المملكة المتحدة فى الاعتراف بدولة فلسطين، على المستوى الثنائى وفى الأمم المتحدة، كمساهمة فى حل سلمي.
والجدير بالذكر ان عائلة روتشيلد، التى تم إرسال رسالة اللورد بلفور لها، هى من العائلات اليهودية المصرفية الثرية فى اوروبا، وتتحكم فى اقتصاد العديد من الدول، حيث قام المؤسس للعائلة بإرسال أبنائه الخمسة: ناثان ماير، وجيمس ماير، وسالومون ماير، وكارل ماير، وأمشيل ماير، الى خمس دول أوروبية لانشاء اكبر امبراطورية مصرفية يهودية فى اوروبا، و مؤخراً فى بداية العام توفى اللورد جاكوب روتشيلد، الممول وعميد عائلة روتشيلد المصرفية، عن عمر يناهز 87 عامًا، وهى العائلة الممولة للعديد من العمليات العسكرية والحروب وحتى التبرعات لنقل المهاجرين اليهود إلى فلسطين، وعائلة روتشليد هى أغنى عائلة فى التاريخ، حيث كانت تمتلك ثروة تتراوح بين 500 مليار دولار إلى 1 تريليون دولار، ويقال إنها تتبرع بملايين الجنيهات الاسترلينية للقضايا اليهودية والتعليم والفن، وامتلكت العائلة أكبر ثروة خاصة فى العالم خلال القرن التاسع عشر، حتى فى تاريخ العالم الحديث، لكن ثروة العائلة تراجعت خلال القرن العشرين وانقسمت بين العديد من الأحفاد، الذين لم يبق منهم سوى عدد قليل من المليارديرات بشكل فردي.