تعمل تقارير وكالات التصنيف الإئتمانى الدولية كمؤشر على مدى صلاحية اى دولة أو مؤسسة فى التعامل مع الأموال والقروض، ومدى قدرة الدولة على الوفاء بالتزامتها من ديون طويلة ومتوسطو الاجل، الأمر الذى يجعل تلك التقارير دليل للمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال لتحديد وجهاتهم الاستثمارية وضخ أموالهم، فإذا كان التصنيف سلبى يعنى هذا ارتفاع درجة المخاطرة امام المستثمر أو المقرض، وإذا كان ايجابيا فهى إشارة جيدة ومطمئنة ومشجعة للاستثمارات.
وقد أعلنت وكالة “فيتش” الدولية فى تقريرها الأخير رفع التصنيف الإئتمانى لمصر طويل الاجل بالعملة الأجنبية من بي سالب إلى بي مع نظرة مستقبيلة مستقرة.
وأرجعت الوكالة رفع التصنيف الائتمانى إلى زيادة التدفقات النقدية، وتعافى الاحتياطات الأجنبية، لافته إلى أن المالية الخارجية كانت مدعومة من الاستثمار الأجنبى فى رأس الحكمة، وتدفقات المصريين بالخارج، إضافة إلى التمويلات التى تدفقت من المؤسسات الدولية، مع تحسن المعايير السياسية، بما فى ذلك زيادة مرونة سعر الصرف والتشديد النقدى، مشيرة إلى أن الاحتياطات الأجنبية تعافت بأكثر من 11.4 مليار دولار فى الأشهر التسعة الاولى من 2024، لتصل إلى 44.5 مليار دولار.
أوضح الدكتور أحمد شوقى الخبير الاقتتصادى أن التصنيف الإئتمانى يأتى بناءا على عدد من المعايير والمؤشرات، ياتى فى مقدمتها نجاح الاجراءات الإصلاحية المتعلقة بالسياسة النقدية لتحقيق استقرار سوق الصرف، واتباع سياسة مالية مرنة ساهمت فى زيادة المعروض من العملة الصعبة، وجذبت المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وتابع أن الاجراءات الاصلاحية المتعلقة بالسياسة المالية والاصلاحات الهيكلية دعمت الأداء الايجابى للاقتصاد المصرى، وتحديدا ما قدمته الدولة من محفزات للاستثمار وتمكين القطاع الخاص، وهو المحور الأساسى فى الاصلاحات، إضافة إلى ضبط الانفاق الاستثمارى ووضع حد لسقف الانفاق الحكومى، وترتيب أولويات الانفاق، موضحا ان تلك الاجراءات عززت من الموقف المالى لمصر.
وأشار إلى أن من أهم الأسباب التى دفعت إلى رفع تصنيف مصر، دخول تدفقات نقدية من مصادر مختلفة، من خلال الاستثمارات الاجنبية المباشرة وإتمام صفقات استثمارية كبرى كمشروع تنمية رأس الحكمة، وهو أكبر مشروع تنمية سياحية متوقع له أن يكون رافدا هاما فى زيادة حركة السياحة، لافتا إلى أن تقرير وكالة فيتش تتوقع أن يبلغ متوسط الاستثمار الأجنبى المباشر 16.5 مليار دولار سنويا خلال 2025.
وأضاف أن تقرير فيتش ياتى بمثابة شهادة دولية على صحة الاقتصاد المصرى ونجاح الاجراءات الاصلاحية فى جعل الاقتصاد اكثر مرونة وتنافسية وقدرة على سداد الالتزامات الخارجية، مؤكدا ان هذا يعطى إشارة لمختلف المؤسسات الدولية على صلابة الاقتصاد المصرى وحسن إدارة الدين العام، كذلك فهى إشارة جذب للاستثمارات.
قال محمد جاب الله خبير أسواق المال، أن رفع التصنيف الائتماني لمصر من B- إلى B مع نظرة مستقبلية مستقرة، يمثل خطوة إيجابية في صالح الاقتصاد المصري، حيث يسهم في تحسين شروط الاقتراض من الخارج، مما سيقلل من تكلفة التأمين على القروض ويعزز ثقة المستثمرين في قدرة الاقتصاد المصري على سداد التزاماته المالية.
وأضاف جاب الله أن هذا التقدم في التصنيف الائتماني سيسهم في تخفيض أسعار الفائدة، الأمر الذي يعود بالنفع المباشر على القطاع المصرفي، حيث سيساعد على تخفيف تكلفة التمويل للمؤسسات المالية.
وأوضح أن رفع التصنيف يعكس قدرة الاقتصاد المصري على سداد الديون وتقليل المخاطر المرتبطة بالاستثمار في السندات المصرية. واعتبر جاب الله أن هذا لا يعني بالضرورة اللجوء إلى المزيد من الاقتراض، ولكنه يمنح الحكومة المصرية مرونة أكبر لتخفيض الفائدة على السندات الخارجية، ما يسهم في تحسين الأوضاع المالية على المدى الطويل.
وأشار أن هذا التطور سيعزز أداء البورصة المصرية بشكل عام ويدعم كافة قطاعاتها، حيث يُتوقع أن يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية إلى السوق المصرية. وأشار إلى أن تأثير رفع التصنيف الائتماني سيظهر بوضوح على أسهم الشركات ذات الطابع البنكي والمالي، نظرًا لأن هذه الشركات ستستفيد من انخفاض تكاليف التمويل، مما سيعزز أرباحها ويجعل أسهمها أكثر جاذبية للمستثمرين.
وأكد أن الأسهم القيادية في المؤشر الرئيسي ستشهد دعمًا إيجابيًا، وتوقع أن يؤدي هذا الرفع في التصنيف إلى تحسين السيولة في السوق وزيادة حجم التداول، الأمر الذي سيعطي دفعة قوية لمؤشرات البورصة ويحفزها على النمو خلال الفترة المقبلة، مما ينعكس إيجابيًا على جميع القطاعات.
أكد محمد عبد الهادي، خبير أسواق المال، أن التصنيفات الائتمانية للدول تعد مؤشراً على قدرتها على سداد مديونياتها، وتُظهر العوامل التي قد تؤثر على التزاماتها المالية. وتعتبر وكالات التصنيف العالمية مثل موديز، وفيتش، وستاندرد آند بورز مرجعًا رئيسيًا للمؤسسات المالية الدولية والمستثمرين، حيث تمثل هذه التصنيفات شهادة ثقة للاستثمارات الأجنبية، وتوجه رؤوس الأموال وصناديق الاستثمار الضخمة إلى الأسواق بناءً على تقييمات هذه الوكالات.
وأشار عبد الهادي إلى أن رفع وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني لمصر من B- إلى B يعكس تحسن الوضع الاقتصادي، خاصة بعد أن قامت “موديز” بتغيير نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من سلبية إلى إيجابية مع تثبيت التصنيف عند Caa1، مستندة إلى سياسات مالية ونقدية اعتمدتها الدولة، رغم تحديات كخفض قيمة العملة المحلية وارتفاع أسعار الفائدة.
وأضاف عبد الهادي أن رفع التصنيف جاء بناءً على مجموعة من العوامل الهامة، من أبرزها زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي، الذي ارتفع بفضل سياسات مصرية ناجحة لزيادة الاستثمارات، سواء كانت إماراتية أو سعودية، من خلال ضخ رؤوس أموال مباشرة في السوق المصري مثل صفقة راس الحكمة وتعزيز التعاون المشترك. كما أشار إلى أن مرونة سعر الصرف والتقارب بين العملة المحلية والأجنبية، وإلغاء السعر الموازي للعملات، كان له دور كبير في استقرار الاقتصاد المصري.
وتابع أن التعاون مع صندوق النقد الدولي وضخ 8 مليارات دولار، مع التزام مصر بسياسات الصندوق ومعاييره، ساهم في إعادة هيكلة الاقتصاد المصري وفقاً لمتطلبات الاقتصاد العالمي، مما جعل مصر تتبع سياسات اقتصادية مرنة تواكب التغيرات الجيوسياسية في المنطقة.
وأوضح عبد الهادي أن رفع التصنيف الائتماني يعزز الاستثمارات في أدوات الدين المصرية، ويزيد من جاذبية السندات المصرية المدرجة في بورصة لندن، ما يشجع تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى سوق المال المصري. ويتوقع أن ينعكس ذلك إيجابياً على معدلات النمو الاقتصادي، خاصة في ظل سعي الدولة للبحث عن مصادر جديدة للدخل الدولاري وتنويع مجالات الاستثمار لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
أوضح الخبير المصرفي وليد عادل أن رفع وكالة “فيتش” التصنيف الائتماني لمصر من “B سالب” إلى “B” يعكس التحسن الملحوظ في الوضع الاقتصادي والمالي للدولة، ويأتي كدليل على الجهود المبذولة من قبل الحكومة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام. وأشار إلى أن هذا التصنيف الجديد يحمل العديد من الآثار الإيجابية المحتملة، التي تسهم في تعزيز الثقة الدولية تجاه الاقتصاد المصري.
وأكد عادل أن قرار “فيتش” جاء مدعومًا بعدة عوامل أساسية، أبرزها نجاح الحكومة في تنفيذ إصلاحات اقتصادية تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي وتحقيق نمو متوازن، حيث تضمنت هذه الإصلاحات تحسين بيئة الأعمال، وتخفيض العجز في الميزانية، وتحقيق معدلات نمو إيجابية رغم التحديات الداخلية والعالمية.
وأضاف أن الاقتصاد المصري أثبت مرونة كبيرة في مواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا، حيث تمكنت الحكومة من تحقيق انتعاش ملحوظ في قطاعات حيوية مثل السياحة والصناعة، مما عزز ثقة المستثمرين الدوليين في استقرار الاقتصاد المصري.
وأشار عادل إلى أن رفع التصنيف الائتماني يعتبر مؤشرًا إيجابيًا لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، موضحًا أنه مع تحسن ثقة المستثمرين العالميين في الاقتصاد المصري، من المتوقع أن يزيد تدفق الاستثمارات، الأمر الذي سيسهم بشكل مباشر في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين.
أوضح أن من الآثار المباشرة لهذا الرفع هو قدرة الحكومة والشركات المصرية على الحصول على تمويل بتكلفة أقل، حيث ستتمكن الحكومة من تمويل مشروعاتها التنموية بأسعار فائدة منخفضة، مما يدعم عجلة النمو الاقتصادي.
وأكد أن هذا الرفع يعكس تحسن بيئة الأعمال في مصر، مما يساهم في تحسين صورة البلاد أمام المؤسسات المالية الدولية والمستثمرين، وهي صورة مهمة لجذب المزيد من الدعم الدولي سواء من خلال المنح أو القروض الميسرة.