> فى عام 2024 وبعد سنوات من الهيمنة والسيطرة وتحديدا فى بلاد الشام…الا وأصبح تنظيم «داعش» متفرقا ومشتتا ومنتهيا بعد نضالات وتضحيات كبيرة من جيوش تلك المنطقة ومنها جيشنا العظيم ..لقد فقد التنظيم أكثر من 90 ٪ من قياداته وجمهوره وأضحى هباء تذروه الرياح ولم تمر عدة سنوات إلا وكان تنظيم داعش الذى كان منتشرا فى سوريا والعراق وسيناء الا وتقلص وتم قص أجنحته، وبترها من خلال العمليات المسلحة التى تخوضها قوى عديدة ضده؛»وبالذات الجيوش المركزية لدول المنطقة» لقد بات الآن مصيره معلوماً داخل العراق وسوريا، وهذا ما بات يعلمه حتى قادة التنظيم الباقين أحياء «والذين لا يتعدى عددهم اليوم 10٪ من القادة المؤسسين لهذا التنظيم» عبر مواجهة الجيوش والاغتيال المنظم لقيادات التنظيم الرئيسية؛ والمنع التدريجى لعمليات التمويل المالى والتسليحى له، وتقاطع أهداف الجميع على ضربه وتقليص خطر وجوده، كل ذلك كتب تقريباً شهادة الوفاة أو على الأقل الضعف الاستراتيجى لهذا التنظيم فى غالب دول المنطقة، ربما تقوى وتبقى تنظيمات أخري، لكن هذا التنظيم تحديداً سيضعف خلال الفترة القادمة.
> ولكن…
> السؤال المهم هنا إذا ما صحت سيناريوهات النهاية لهذا التنظيم فى المنطقة، وإذا ما صحت الإحصائيات الرقمية أن إجمالى مقاتلى هذا التنظيم اليوم لا يقلون عن 60 ألف مقاتل منهم حوالى 30 ألفًا من جنسيات أجنبية وغربية، والباقى من العرب.. فالسؤال يصبح إلى أين سيتجه هؤلاء «الداعشيون الأجانب» العائدون ؟ وهل استعد أحد من حكام، ومسئولى أجهزة أمن ومخابرات لسيناريوهات «العودة» تلك ؟ وأى نوع من الإرهاب سيمارسون بعد أن تغلق فى وجوههم حياة العنف فى بلادنا العربية؟ أسئلة نحسب أن التفكير الجدى فيها لم يتم بعد، ربما هناك آراء رسمية أو تحليلات صحفية مهمة ولكن ليس هناك استراتيجيات جادة من الدول التى ابتليت بأبناء لها ذهبوا إلى «داعش» والآن يعودون ويفرضون داعشيتهم وإرهابهم المعولم على أوطانهم.
>>>
> فى هذا السياق نتذكر الملف المهم والدراسة المنشورة منذ فترة فى مجلة «ذى أتلانتك» الأمريكية للكاتبين»كولن كلارك»، أستاذ العلوم السياسية فى مؤسسة راند وباحث فى المركز الدولى لمكافحة الإرهاب و»أمارناث أمارسينجام»، وباحث فى معهد الحوار الاستراتيجى الأمريكي، رصد عدة احتمالات لمآلات مقاتلى التنظيم بعد سقوط دولته.وحملت الدراسة عنوان «أين سيذهب مقاتلو داعش بعد أن تسقط الخلافة».
«Where Do ISIS Fighters Go When the Caliphate Falls?»
وقال الكاتبان فيها: «عندما ينتهى الصراع، إما عن طريق القوة أو التسوية عن طريق التفاوض، من المرجح أن يتفرق هؤلاء المقاتلون فى اتجاهات عديدة عبر الحدود الوطنية. مقاتلو داعش قادرون بلا شك على استخدام الأنفاق بمهارة والشبكات تحت الأرض لنقل العمال ومواد البناء، كما أنهم أتقنوا نشر السيارات المفخخة والعبوات الناسفة للحيلولة بينهم وبين خصومهم».
ويقسم الكاتبان مجموعات داعش بعد هزيمتهم القادمة إلى أربع مجموعات : الأولى : تلك التى ستلتحق بقيادات التنظيم العرب «هذا إذا كانوا ساعتها سيكونون أحياء» وهم من الدائرة المقربة ومن المرجح أن يبقوا فى خفاء – مع قيادات التنظيم – داخل العراق وسوريا. أما المجموعة الثانية من المقاتلين فأسموهم بـ»الوكلاء» أو المرتزقة المحتملين، الذين منعوا من العودة إلى بلدانهم الأصلية. وتوقع الكاتبان أن التنظيمات التابعة لداعش والجهاديين السنة المحليين فى تلك الأماكن من المحتمل أن يرحبوا بانضمام الرفاق منهم الذين يتمتعون بقدرات قتالية عالية».
أما المجموعة الثالثة، فوفقاً للدراسة فيهم من المقاتلين الأجانب: «العائدون» والذين سيشكلون مصدر القلق الأكبر للعاملين فى دوائر مكافحة الإرهاب فى أغلب دول العالم التى أتوا منها. ووفقًا للكاتبين، قد يحاول هؤلاء المقاتلين العودة إلى بلدانهم الأصلية، مثل تونس أو السعودية ومصر، أو يذهبوا أبعد من ذلك إلى أوروبا، وآسيا، وأمريكا الشمالية. سيكون هؤلاء مصدر قلق كبير وأغلبهم سيحاول الانتقام والثأر من الجميع.
أما المجموعة الرابعة والأخيرة من المقاتلين العائدين، فلقد أسماهم الكاتبان بـ «المقاتلين التنفيذيين»: المقاتلون العائدون الذين يحاولون إحياء الشبكات النائمة، وتجنيد أعضاء جدد، أو شن هجمات على غرار ما يسمى بهجمات «الذئاب المنفردة».
توقع الكاتبان أن يكون هؤلاء المقاتلين فى وضع جيد لمحاولة شن الهجمات تحت قيادة وسيطرة، ما تبقى من داعش فى الشرق الأوسط. تكون هذه الهجمات أكثر فتكًا من غيرها. الهجمات التى شهدتها باريس فى نوفمبر 2015، التى نفذها المقاتلون الأجانب الذين تدربوا فى سوريا وتم إرسالهم إلى فرنسا، علها تكون أوضح مثال على ذلك.
ذكر الكاتبان أن العائدين «التنفيذيين» سيكونون مصدر قلق أكبر؛ إذا تم نشر المئات من هذه العناصر بالفعل فى أوروبا، مع مئات آخرين يختبئون على أعتاب أوروبا فى تركيا، ثم قامت الدراسة بالتفصيل فى إظهار المخاطر المحتملة لهؤلاء العائدين وأن السبيل لمواجهتهم يحتاج إلى استراتيجية شاملة تتضمن ليس الأمن والمواجهة المسلحة فحسب، بل الاستيعاب الاجتماعى أيضاً.
>>>
> هذه الدراسات والملفات وغيرها عن «الدواعش العائدين» نزعم أنها لم تلق اهتماماً عربياً يليق بخطرهم القادم بعد نهاية الأسطورة «الداعشية» فى منطقتنا، فأغلب البلاد العربية ممن ابتلى بهذه التنظيمات وفى مقدمتها «داعش»، يحارب الظاهرة وفق خطط ووسائل مرحلية عاجزة وبدون بناء استراتيجية شاملة للمواجهة، والدلائل واضحة.
إن المشكلة ليست فحسب تتمثل فى غياب الاستراتيجية الأمنية والسياسية والدعوية الشاملة لمواجهة داعش التى بداخلنا أو داعش التى أتت تكمن فى أن الدولة فى تلك البلاد لا تحارب داعش وأخواتها بشكل صحيح، إنها تمسك العصا من المنتصف، إنها تغذيها بالأفكار والحماية السياسية وتترك الفضاء الاجتماعى لتلعب فيه، وهذا فى تصورنا يمثل بيئة جيدة لإعادة إنتاج داعش عندما تأتى فلولها المهزومة من العراق وسوريا، حيث ستجد التربة والبيئة الاجتماعية مهيئة لاستقبالهم، وربما ساعتها سيسمون بـ»المجاهدين العائدين» أسوة بـ»المجاهدين الأفغان» عندما عادوا وملأوا الارض دما وفوضى وقتلا ! فهل ينتبه الجميع..أعتقد أن مصر يقظة لهذا جيدًا لكن كثيرون حول العالم ليست لديهم استراتيجية واضحة.