45 عاما مضت على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل لم تشهد العلاقات الثنائية توترا مثلما تشهده الآن بسبب المجازر الإسرائيلية فى قطاع غزة.. نعم كانت العلاقات فى بعض الأوقات سحابات صيف لكنها كانت سرعان ما تزول.. وعلى المستوى الرسمى وطوال تلك السنوات حافظ كل طرف على معاهدة السلام الأقدم فى المنطقة واحترم الطرفين بنودها وظل التعاون قائما فيما يتعلق بتطبيق بنود هذه المعاهدة.. وعلى المستوى الشعبى كان يطلق على هذه المعاهدة «السلام البارد» الذى يحمى من الحروب.. أما اليوم وبسبب إصرار حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة على اجتياح رفح الفلسطينية أصبحت هذه المعاهدة على المحك بعد أن ظلت صامدة لما يقرب من نصف قرن..فهل إسرائيل من مصلحتها أن تخسر علاقاتها مع أول دولة أقامت سلاما معها؟.
نعم.. الخلاف بين مصر وحكومة نتنياهو المتطرفة صار يهدد مصير هذه المعاهدة حيث ترفض مصر التهجير القسرى للفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية كما ترفض إصرار إسرائيل على اجتياح رفح بينما ترفض حكومة نتنياهو المتطرفة حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وقد صوت الكنيست الإسرائيلى الأسبوع الماضى بالأغلبية لصالح قرار حكومة نتنياهو الذى يحظر الاعتراف أحادى الجانب بدولة فلسطين يأتى ذلك فى الوقت الذى تزداد فيه دعوات دول العالم إلى ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بينما تزداد فى نفس الوقت التصريحات الإسرائيلية الرافضة لهذه الدولة وآخرها ما قاله وزير الأمن القومى الإسرائيلى إيتمار بن غفير الذى قال نصا «طالما أنا فى الحكومة لن تقوم دولة فلسطينية» بل وزاد بقوله «لا يوجد شعب فلسطينى هذا اختراع جديد».
وفى الواقع هذا هو موقف هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة حتى قبل إندلاع «طوفان الأقصي» حيث سبق وأمسك بنيامين نتنياهو رئيس هذه الحكومة بخريطة لا وجود فيها لدولة فلسطين حدث ذلك أمام اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر الماضى وهو مايعنى أن هذه الحكومة استغلت «طوفان الأقصي» لتنفيذ مخططها الشيطانى بتصفية القضية الفلسطينية وتشريد الفلسطينيين لكنها يبدو أنها لم تضع فى الحسبان كيف سيكون رد الفعل العربى خاصة من جيرانها الذين أقاموا سلاما معها باعتبار أن القضية الفلسطينية لاتخص الفلسطينيين وحدهم بل هى قضية العرب جميعا.
استفزازات إسرائيل زادت عن الحد وباتت حكومة نتنياهو تشكل خطرا ليس على الفلسطينيين وحدهم ولا على المنطقة فقط بل على إسرائيل نفسها حيث أشعلت هذه الحكومة المتطرفة حروبا فى المنطقة بحجة الانتقام من عملية «طوفان الأقصي» وترفض الاستماع إلى صوت العالم الذى يطالبها بالوقف الفورى لإطلاق النار متسلحة بالفيتو الأمريكى الذى يمنحها فى كل مرة رخصة لقتل المزيد من الفلسطينيين وتهجير مايتبقى منهم قسريا أو طوعيا.. وتخطئ هذه الحكومة حتى ولو نجحت فى تنفيذ هذا المخطط إذا اعتقدت أنها بذلك تكون قد ضمنت الأمن والأمان لدولة إسرائيل بل تكون قد فتحت على نفسها أبواب جهنم وكتبت بتطرفها وعنادها «شهادة وفاة» إسرائيل.