قضية تعميق الصناعة المصرية قضية مصيرية تحمى الاقتصاد المصرى من التقلبات الدولية وتصب فى الخطط الموضوعة لزيادة الصادرات وتقليل نسبة الواردات وإحلال المكون الوطنى محل مدخلات الإنتاج المستوردة، وإن زيادة الصادرات المصرية فى هذه الظروف الاستثنائية، تثبت أيضاً قدرة القطاعات التصديرية على التعامل مع الأزمات العالمية بداية من جائحة فيروس كورونا المستجد منذ أوائل عام 2020، فضلاً عن اندلاع العديد من الصراعات الدولية والحرب الروسية – الأوكرانية مرورا بالتوترات الجيوسياسية فى منطقة الشرق الأوسط التى تنعكس بتداعيات سلبية على الاقتصاد العالمى والإقليمى ومن بينها ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الشحن والتى تؤثر بدورها على الاقتصاد المصري.
مع عظيم احترامنا للدور الذى تقدمه الحكومة باقتدار فإن المبادرة التى أعلن عنها الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء أنه سيتم إعطاء حوافز غير مسبوقة للصناعات غير الموجودة بمصروالتى تحتاجها السوق المصرية، بهدف توطين هذه الصناعات، وتخفيض فاتورة الواردات، فى تصورى انها تحتاج الى وضع رؤية إستراتيجية متكاملة الجوانب للاستفادة من هذه الحوافز التى ذكرتها المبادرة لتحقيق الأهداف الصناعية المطلوبة، وكذلك ضرورة تنظيم السوق المحلية حتى لاتتجه غالبية المصانع نحو صناعات محددة بعينها يسهل معها الحصول على الحوافز ويتم ترك باقى القطاعات الأخري، مما قد يؤدى الى حدوث إنتاج يزيد عن احتياجات السوق الحقيقية فى بعض المنتجات والسلع ويقابلها ندرة فى منتجات أخري.
المبادرة بداية حركة يقظة حقيقية وحتى لا تصبح غرساً بلا نبت أو ثمار وقبل منح الحوافز يجب أن تحدد الصناعات المطلوبة بدقة وتحديد مواصفاتها وحجم إنتاجها المطلوب فى السوق المحلي، وكذلك التأكد من إمكانيات تدبير المواد الخام وقدرة المستثمر على جلب خطوط إنتاج وماكينات ذات تكنولوجيا متقدمة تتناسب مع التطوروعدم الاعتماد على خطوط إنتاج استعمال الخارج أومتقادمة، وبطبيعة الحال فإن تلك الإجراءات تمثل حماية للمستثمر من حدوث تعثر فى السوق المحلية كما أن أنها تساعد على تطوير الصناعة المحلية طبقاً لمستجدات التصنيع العالمية.
الحقيقة ان قطاع الصناعة يمثل محوراً أساسياً فى خطة الإصلاح الاقتصادى للحكومة المصرية من حيث قيمة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى وتوفير فرص عمل، الأمر الذى يساهم فى تحقيق مستهدفات الدولة للتنمية المستدامة، وتعميق الصناعة المصرية يساعد فى زيادة الصادرات المصرية والقضاء على الاستيراد العشوائي، وإحلال المنتجات المصرية بدلاً من تلك الواردات العشوائية، مما ينعكس إيجاباً على معدلات نمو الناتج المحلى ونصيب الفرد وتوفير فرص العمل، ويحقق إستراتيجية التنمية المستدامة التى أعلنتها الدولة المصرية 2030 «رؤية مصر 2030»، وكذلك يدعم الفرص الاستثمارية ويعزز الطابع الصناعى المتخصص، ويحقق الاستفادة من اتفاقيات التبادل التجارى مع الدول الأخري، ويفتح آفاق تصدير إلى المحيط الجغرافى الافريقى والعربي.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. الصحوة التى تجلت فى قطاع الصناعة فى الفترة الأخيرة تؤكد أن مصر قد توافرت لديها عوامل الانطلاق وسوف تحقق ما عجز عنه غيرها، ولن يلحق بها أحد وعائدة بقوة للتصنيع وغزو الأسواق العربية والافريقية والعالمية بمنتجاتها ذات الجودة والمواصفات العالية وسوف تفتح لها الأسواق المحلية والعالمية، ولكى تكتمل الصورة أصبح من المهم والضرورى تفعيل ربط التعليم الفنى بالصناعات المختلفة بحيث يتم ربط الطالب الذى يدرس بالمدارس الفنية على صاحب مصنع عدد من أيام الأسبوع، بالإضافة لبعض الأيام بالمدرسة وبذلك نحافظ على امداد هذه الصناعات بالعمالة المدربة مع تقديم الدعم لأصحاب المصانع التى تقبل تطبيق هذا الفكر.