«كلما نجتمع فى هذا المحفل الهام تتجدد آمال الشعوب التى نشرف بحمل رسالة تمثيلها والدفاع عن مصالحها فى الحصول على حقها العادل فى السلام والتنمية، وتتطلع إلينا أجيال جديدة تحلم بفرصة العيش الكريم فى ظل منظومة دولية عادلة».. هذه هى الفقرة الأولى فى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر 2017، تكشف أن اهتمامات وأولويات مصر قبل سنوات كانت ومازالت هى البحث عن السلام والتنمية والعدالة فى النظام العالمي، فى ظل وجود خلل عميق فى المنظومة الأممية والعجز الواضح فى النظام الدولي، وفى ظل ازدواجية المعايير، وسياسات الكيل بمكيالين والقرارات الأحادية، والانحياز لقوى بعينها، والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولى والإنساني، وارتكاب جرائم إبادة دون حساب أو عقاب وأيضاً على الصعيد الاقتصادى هناك غياب للعدالة فى الحق فى التنمية فى ظل وجود هيمنة اقتصادية، وخلل بين فى نظم التمويل، وأزمة الديون بالنسبة للدول النامية وعدم إيجادها فرصاً ميسرة من أجل دعم مسيرة التنمية المستدامة.
اهتمام (مصر – السيسي) بإصلاح النظام العالمى القائم على الهيمنة، وازدواجية المعايير وغياب المساواة والعدالة بدأ مبكراً، واستشعرت الخطر بشكل استباقى فما نراه الآن من ظلم وهيمنة وانتهاكات وحرب إبادة وصراعات وزيادة معدلات الفقر فى الدول النامية، وغياب العدالة الاقتصادية وفى نظم التمويل حذرت منه مصر قبل سنوات، وهو ما يحدث الآن على أرض الواقع.
فى خطاب الرئيس السيسى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 تجد نفس المعانى والمفردات، التى تضمنتها كلمات الرئيس السيسى فى جلسات تجمع البريكس بمدينة قازان الروسية لم تختلف، بل زادت مصر فى التأكيد عليها فى ظل تفاقم الأوضاع الإقليمية والدولية، والاتجاه نحو كوارث حقيقية بسبب فشل وعجز النظام الدولى القائم وفقدانه المصداقية والعدالة.
شرح الرئيس السيسى فى كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة باستفاضة مظاهر عجز النظام الدولى وفشله وقصوره فى احتواء ومنع الصراعات المسلحة ومواجهة خطر الإرهاب ونزع السلاح النووى ومعالجة مكامن الخلل الكبرى فى النظام الاقتصادى العالمى والتى أفضت إلى زيادة الفجوة بين العالمين المتقدمين والنامي.
لم تقتصر كلمة الرئيس السيسى على بيان أوجه العجز والقصور فى النظام العالمى لكنه وضع خطوات وحلولاً من أجل معالجة ذلك الخلل.. الخطوة الأولى فى التمسك بإصرار بمشروع الدولة الوطنية الحديثة التى تقوم على مبادئ المواطنة والمساواة وسيادة القانون وحقوق الإنسان، والأمر الثانى معالجة شاملة ونهائية للقضية الفلسطينية التى باتت الشاهد الأكبر على قصور النظام العالمى وهو ما قاله الرئيس السيسى نصاً فى كلمته عام 2017 فى عجز عن تطبيق سلسلة طويلة من قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وأكد أن إغلاق هذا الملف يقوم على أساس تسوية عادلة على الأسس والمرجعيات الدولية وتنشئ الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وهو ما يؤكد أن ثوابت مصر لم ولن تتغير.
وأكد الرئيس أن تحقق ذلك هو الشرط الضرورى للانتقال بالمنطقة كلها إلى مرحلة الاستقرار والتنمية والمحك الأساسى لاستعادة مصداقية الأمم المتحدة والنظام العالمي.
فى البند الرابع لرؤية مصر التى تضمنتها كلمة الرئيس السيسى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد أن القضاء على جذور ومسببات الأزمات الدولية ومصادر التهديد يمر بالضرورة عبر تفعيل مبدأ المسئولية المشتركة متفاوتة الأعباء بين أعضاء المجتمع الدولى لتضييق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين الدول المتقدمة والدول النامية، متسائلاً: أى مصداقية يمكن أن تكون لمنظومة الأمم المتحدة وأجندة 2030 وأهداف التنمية المستدامة عندما يكون النظام الاقتصادى العالمى نفسه مسئولاً عن تكريس التفاوت وبعيداً عن قيم العدل والمساواة وأى فرصة يمكن أن تكون متاحة أمام الدول النامية مطالباً بإشراك العالم النامى فى هيكل الحوكمة الاقتصادية العالمية وتيسير نفاذه إلى التمويل الميسر والأسواق ونقل التكنولوجيا.
وفى البند الخامس لرؤية مصر فى كلمة الرئيس السيسى أكد أن احترام مبادئ القانون الدولى والتفاوض على أساس المبادئ القانونية والتاريخية والأخلاقية واحترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها هو الطريق الوحيد لتسوية الخلافات فى عالمنا.
واختتم الرئيس كلمته بالتأكيد على أهمية الاعتراف بأوجه القصور فى النظام الدولى فى تحقيق الغايات والمقاصد السامية التى قام من أجلها مطالباً بإنشاء واقع دولى أكثر إنصافاً.
هذه المقتطفات والعبارات من كلمة الرئيس السيسى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر عام 2017 الهدف منها التأكيد أن حديث مصر وخطابها عن أهمية إصلاح النظام العالمى والمنظومة الأمنية ليس وليد اليوم، وهى نفس المضامين التى أكدت عليها كلمات الرئيس السيسى فى قمة «بريكس» التى انعقدت فى مدينة قازان الروسية وانتهت قبل ساعات.
الحقيقة إننا أمام حاجة ملحة وضرورية ليس لإصلاح النظام العالمى القائم الذى فقد مصداقيته وفاعليته وتأثيره وبات العالم فى مجمله غير مؤمن أو مقتنع بجدارة بسبب فشله الذريع فى تحقيق العدالة والمساواة والانتهاكات الصارخة، وحروب الإبادة وازدواجية المعايير والانحياز الأعمى لدول بعينها، وأحادية القرارات وعدم تنفيذ مبادئ القانون الدولى وافتقاد العدالة الاقتصادية والتمويلية، وتفشى الهيمنة، وعدم الإصلاح الهيكلى للاقتصاد العالمي، ونظم ومؤسسات التمويل الدولية التى لا تضع فى اعتبارها مسارات التنمية المستدامة فى الدول النامية، من هنا يتوسع تجمع بريكس ويتنامى فى قدراته ويتفوق على أى تجمعات أخرى تنتمى إلى قوى الهيمنة، هذا التفوق فى حجم ونسب الناتج المحلى والعالمي، أو على صعيد القدرات البشرية والمساحات الجغرافية والقدرات الاقتصادية، وما تشمله من تنوع تفرضه قدرات الدول الأعضاء أو المنطقة للانضمام إلى تجمع بريكس الذى بات الأساس القوى لنظام عالمى جديد متعدد الأطراف يتيح العدالة والمساواة بين الدول ويوفر فرص التمويل العادل والميسر.
مصر من أوائل الدول التى طالبت بإصلاح النظام العالمى وتعمل الآن على تأسيس نظام عالمى جديد متعدد الأطراف يوفر العدالة والمساواة، والالتزام بتطبيق القانون الدولى على الجميع دون تفرقة أو ازدواجية فى المعايير.
تحيا مصر