على مدى حقبة من الزمن تمثل تاريخ الحياة النيابية المصرية بدءاً من عام 1866، تعاقبت على البلاد سبعة نظم نيابية تفاوت نطاق سلطاتها التشريعية والرقابية من فترة لأخرى ليعكس فى النهاية تاريخ نضال الشعب المصرى وسعيه الدءوب من أجل إقامة مجتمع ديمقراطي.
مجلس النواب هو السلطة التشريعية بجمهورية مصر العربية يتولّى سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، ويمارس اختصاصه من خلال أدواته المختلفة بدءاً من الاقتراح أو السؤال أو طلب الإحاطة أو البيان العاجل وطلب المناقشة وصولاً للاستجواب.. وحدد قانون مجلس الشيوخ، اختصاصات المجلس، والتى تتمثل فى دراسة واقتراح ما يراه كفيلاً بتوسيع دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعى والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، ويستهدف كذلك تعميق النظام الديمقراطى وتوسيع مجالاته إضافة إلى أخذ رأى المجلس فى الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، وفى مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومعاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة، ومشروعات القوانين المكملة للدستور التى تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، كما يؤخذ رأيه فيما يحيله رئيس الجمهورية من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها فى الشئون العربية أو الخارجية.
وقد نظم الدستور صلاحيات مجلس الشيوخ وعلاقته بمجلس النواب، ومنها ضوابط الحصانة الإجرائية لعضو المجلس.
وإزاء هذا الدور التشريعى والسياسى والرقابى لعضو البرلمان بغرفتيه، فإن عليه أن يكون حريصاً على أداء أدواره التشريعية والرقابية بتجرد كامل ونزاهة، وأن يتفرغ لتأدية هذه المهام التى تعد من أخطر الوظائف؛ لأنها تمثل بوابة التقدم والتنمية والديمقراطية مع الالتزام تماماً بمبدأ عدم تعارض المصالح.
ومجلس الشيوخ لديه رصيد ضخم من الخبرات المستندة إلى الفكر المستنير وهو يمثل الخبرة ومستودع الحكمة فى معالجة القضايا المطروحة والاسهام فى البنية التشريعية للبلاد، التى استهدفت بناء دولة قوية، وهو ما يضاعف من القدرة على اقتحام كافة القضايا التى تحتاج إلى حلول لتلبية طموحات الشعب من خلال الدراسة العلمية للمشكلات، وربطها بأسبابها الحقيقية ووضع الحلول الواقعية لها طريقًا وهدفًا.
لقد نجح مجلس الشيوخ فى تطوير أدواته البرلمانية التى ابتدعت نظام الدراسات البرلمانية للموضوعات ذات الأهمية والخصوصية، كذلك تعميق دراسات قياس الأثر التشريعى للقوانين واللوائح والقرارات التنظيمية والتى نبهت الحكومة إلى أهمية تبنى بعض مشروعات القوانين.. إن الوقت المتبقى من عمر هذا الفصل التشريعى وأهمية ما يطرح فيه من موضوعات هامة تستلزم من الجميع حكومة وغرفتى البرلمان تعاونًا وثيقًا، ومشاركة متبادلة بالرأى السديد والفكر المتوازن خاصة فى التشريعات التى تمثل استحقاقات دستورية أو تلك التى تصدر عن تكليفات رئاسية أو التشريعات التى ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتنفيذ برنامج الحكومة وكل ما يتعلق بهموم المواطنين ومشكلاتهم.
ولا شك أن المجلسين برئاستهم الرصينة داعمين للدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أودعه الشعب أمانته، فأصبحت مصر بقيادته منارة للاستقرار ونموذجًا للتنمية المستدامة.
ثمة أمور مطلوبة ومتوقعة من البرلمان بغرفتيه خلال دور الانعقاد الجديد، ما بين الرقابة والتشريع والدراسات الواقعية التى تحتاج إلى جدول زمنى من أجل مناقشة القوانين وإتاحة وقت للحوار المجتمعي، بشأن ما يتطلب منها، بالإضافة إلى الانتهاء من مشروعات القوانين التى جرت مناقشتها فى الحوار الوطنى والانتهاء من قانون الإجراءات الجنائية وقانون البناء الموحد والتعديلات المقترحة عليه أو إلغائه بما يتوافق مع الصالح العام.
والواقع أن مجلس النواب والشيوخ بما لهم من اختصاصات وصلاحيات بقيادتهم البارزة من رموز وحكماء ممثلة فى كل الرمز والقيمة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس مجلس الشيوخ والمستشار حنفى الجبالى رئيس مجلس النواب تقع عليهم مسئولية تاريخية ووطنية ومجتمعية فى تبنى كل ما يتعلق بمواجهة مشكلات الوطن والمواطن سواء من خلال الأدوات الرقابية أو التشريعية ومن خلال التعاون والتنسيق التام مع كل مؤسسات الدولة ومناقشة كافة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ووضع الخطط اللازمة لمتابعة تنفيذ برنامج الحكومة فى إطار من الشفافية بما يسهم فى الارتقاء بكافة المجالات من تعليم وصحة ومنظومة شبابية متكاملة وبرامج حديثة للحماية المجتمعية واستكمال شبكة الطرق العملاقة وتطوير منظومة الزراعة والصناعة وتوفير السلع بالجودة العالية والسعر الملائم لكل فئات المجتمع والتأكيد على وصول الدعم لمستحقيه وفق آليات واضحة واتخاذ إجراءات فاعلة لضبط الأسواق وحماية حقوق المستهلكين.
إن المواطن المصرى البسيط فى أمس الحاجة إلى نظرة من المجالس النيابية للتفاعل الإيجابى مع كل همومه ومشكلاته واقتراح الحلول غير التقليدية واصدار التشريعات اللازمة وممارسة الرقابة الفاعلة التى تصب فى النهاية فى حماية المواطن وصون حقوقه حتى يكون المجلسين بمثابة القلب النابض بكل قضايا المجتمع ومشكلاته.
حفظ الله مصر.. وحما شعبها العظيم وقائدها الحكيم..