في ديوانه الأحدث الصادر عن سلسلة كتاب القارئ بعنوان “كومبارسيتا” لا يشغل الشاعر سامح محجوب باله بالشكل الشعري بقدر ما يركز على انسيابية الحالة الإبداعية وفق ما تتراءى له.
ويراهن الديوان على مفارقات جريئة يقدمها الشاعر في أكثر من قصيدة، تعبر عن روح شعرية متمردة، تبحث دائما عن الكمال وعن الحضور القوي في صلب العالم دون ان تتخلى عن تفردها وسماتها الخاصة المميزة.
تناصات عدة يقدمها الشاعر مع النصوص القرآنية مثل عناوين “قصار السور” و “سورة الشعراء”، وهناك تناص أيضا مع الكتاب المقدس في قصيدة “سفر الخلق” التي تعتبر قصيدة ذات طابع ملحمي.
حتى أن الشاعر يسمى قصيدة منفصلة بحد ذاتها ” تناص”، ولا تتوقف المفارقات عند فكرة التصوير الشعري البلاغي ، بل تتعداها إلى فكرة المفارقة عن العالم بما يعنيه ذلك من خصومة وعداء، ويظهر جليا في قصيدة “غير أني” : “أمشي ويصل غيري/ أبدأ وتنتهي الحكايا بغيري/ أغني وترقص المواويل على إيقاع غيري… “
وتشغل المرأة والحب بكل تناقضاته وغيّه ولوعته وبهجته وعمائه حيزا لا بأس به في قصائد الديوان كمحور للمشاعر والمشاعر المضادة، وكشريك أصيل في فخ الحياة.
بينما تأتي قصيدة “من سرديات غزة” لتختتم الديوان على إيقاع مأساوي، إذ يقول الشاعر في مطلعها:
” أين يدي يا أبي؟!
– غرستُها في باحةِ البيتِ
أين قدميَّ؟!
– تسيرانِ في الأيام
أين أخوتي؟!
– يكبرون في السماوات”.
ليقدم محاكاة للمأساة البشرية التي يعيشها أهل غزة في صور متتابعة تبدو واقعية للغاية، في ظل ما تعانيه المدينة من بطش في مقابل موقف عالمي متخاذل مما يحدث.
يأتي هذا الديوان “كومبارسيتا” ضمن قصيدة النثر في معظمه دون تقيّد من الشاعر بالشكل، وهو الديوان السابع للشاعر بعد دواوين “لا شئ يساوي حزن النهر” و” الحفر بيد واحدة” و”مجاز الماء” و”امرأة مفخخة بالياسمين ينتظرها عاشق أعزل” و”يفسر للريح أسفارها” و”أمشي ويصل غيري”.