بقلم:السيد البابلى
فى الخامس عشر من شهر فبراير الجارى وعلى مواقع التواصل الاجتماعى انتشر فيديو من السودان لرجال يرتدون ملابس عسكرية وهم يستعرضون رءوساً مقطوعة فى الشارع ويرددون هتافات وإهانات عرقية.
وسارع كل طرف من أطراف النزاع فى السودان إلى إلقاء المسئولية على الطرف الآخر والتوعد بمحاسبة وعقاب الذين قاموا وارتكبوا هذه الجريمة اللاإنسانية.
وبدون الدخول فى تفاصيل الجريمة وبدون إلقاء المسئولية على طرف دون آخر فإن عشرة أشهر من الحرب الدموية الأهلية فى السودان الحبيب الشقيق أسفرت عن بلد يشهد موتاً وخراباً ومعاناة ويأساً لأنه لا يوجد أى أمل من قريب أو بعيد حتى الآن لهذه الحرب التى تشهد صراعاً على السلطة يدفع ثمنه الشعب الطيب الذى يشهد العديد من الانتهاكات التى ترقى لجرائم الحرب.
والسودان الذى يعتبر ثالث منتج للذهب فى أفريقيا وسلة غذاء العالم العربى كما كان يعتقد أصبح يواجه أزمة إنسانية وهجمات عشوائية ضد المدنيين ومعاناة دفعت الآلاف إلى الرحيل عن بلادهم.
والغريب والمثير والمؤلم أن كل ذلك يحدث فى السودان وكأن شيئاً لا يحدث وسط نوع من التجاهل الإعلامى العالمى ووسط غياب محاولات دولية جادة مؤثرة للتوفيق بين أطراف الصراع وإنهاء هذه الحرب الدموية المدمرة.
والغريب والمثير والمؤلم أيضاً هو أن طرفى النزاع لم يدركا خطورة ما يحدث فى السودان ولم يحاولا إيجاد صيغة للتنازل والتوافق من أجل إنقاذ البلاد.
إننا نأسف لما يحدث لجيراننا وأشقائنا وإخوتنا فى الجنوب.. ونأمل فى أن تكون هناك مبادرة وبادرة حوار جاد لإنهاء الحرب المشتعلة قبل شهر رمضان المبارك لكى يكون هناك أمن وآمان واستقرار وعودة للحياة الطبيعية فى بلد كريم عزيز.
>>>
ويا ضمير العالم الحر.. تحرك.. انطق.. وتحدث بحرية ودون خوف.. حديث العدل والحق والإنصاف.. إلى متى الصمت.. وإلى متى الغدر.. وإلى متى الاستهانة بالدم العربى وبقتل الأطفال وتشريد الآمنين..!
إن صحيفة «النيويورك تايمز» وهى واحدة من أكبر صحف العالم والمعروف بإنحيازها السافر وتأييدها المطلق لإسرائيل نشرت تقريراً عن الأوضاع فى غزة تقول فيه إن إسرائيل فى هجماتها على غزة تبحث عن الانتقام من حماس ولن تتوقف رغبات نتنياهو إلا بتدمير البنية التحتية لحماس والتخلص من مقاتلى الحركة وإن كان ذلك هدفاً مازال بعيد المنال.. وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل فى هجومها على غزة سوت أحياء بالأرض وقتلت آلاف العائلات بأكملها ويتمت الأطفال وشردت ما يقرب من مليون ونصف المليون فلسطيني.
ولكن الصحيفة التى تدرك وتعرف كل هذه المعلومات وحجم ما لحق بالشعب الفلسطينى من دمار وقتل لم تبد اعتراضاً أو موقفاً أو احتجاجاً أو تنديداً على ما تقوم به إسرائيل وادعت الحيادية فى نقل الخبر دون تعليق مع أن حجم المأساة لا يستدعى مجرد الحديث عن وقائعها وإنما يتطلب الإدانة والدعوة إلى إيقاف نزيف الدم وإنقاذ الأطفال.. الصحيفة المنحازة لإسرائيل تدفع ضمناً فى اتجاه دعم إسرائيل لإنجاز المهمة.. والمهمة هى التخلص من الشعب الفلسطينى كله بالإدعاء أنه واقع تحت سيطرة حماس وكلهم فى نظر الأمريكان إرهابيون..!
>>>
ونعود لحواراتنا.. ولا حديث إلا حديث الأمل والتفاؤل بعد توقيع الاتفاق الاستثمارى الكبير لرأس الحكمة والذى يعنى تدفقاً لمليارات الدولارات وانفراجة مهمة فى الأزمة الاقتصادية.
>>>
وكنا على مدار أيام نتابع حكاية عم ربيع حسن بائع البرتقال الشهير الذى ألقى بالبرتقال بعفوية وسعادة على سيارات النقل المتجهة والمعحملة بالمساعدات الإنسانية لإخواننا فى غزة.. وربيع الذى كان حديث وسائل التواصل الاجتماعى والذى كان معبراً عن روح الشعب المصرى نال تكريماً واهتماماً إعلامياً هائلاً ووعوداً بمساعدته فى توفير «محل» مناسب له وبأداء فريضة الحج أيضاً.. والكل تبارى فى الوعود والمشاركة فى «اللقطة» والكل انفعل ودمعت عيناه أمام أصالة الرجل وانتفاضته العفوية.. ولكن أحداً حتى الآن لم يلتزم بما وعد به.. فلا أحد اتصل بربيع ولا المحل تم تدبيره.. ولا دعوة الحج وصلت إليه..!! ولا تعليق..!
>>>
وانتقل بكم إلى الزمن الجميل فى الفن والعلاقات الإنسانية.. فقد كانوا كباراً حتى فى «الزعل» و»الفراق».. كانوا كباراً فى ترجمة مشاعرهم إلى إبداع يتسم بالرقى ويبقى خالداً لأجيال تتذكرهم به.. فقد اختلف أسطورة التلحين والإبداع بليغ حمدى مع القامة والحنجرة الذهبية وردة.. وغنت ميادة بتلحين بليغ رسالة عتاب لوردة بعد الفراق..» حبيبى يا أنا.. يا أغلى من عينيا.. نسيت مين أنا.. أنا الحب إللى كان.. إللى نسيته قوام من قبل الآوان».. وردت وردة بالغناء.. بودعك.. وبودع الدنيا معك، جرحتني، قتلتني، غفرت لك قسوتك، بودعك من غير سلام ولا ملام ولا كلمة منى تجرحك.. أنا.. أنا أجرحك.. أنا أجرحك بسم الآلام، ارحل قوام، حبى الكبير هيحرسك فى سكتك.. الله.. الله.. الله معك».
والحوار أياً كانت مناسبته على وجه التحديد وأياً كان موقعه فى علاقة بليغ بوردة.. حوار الكبار.. حوار الحب الصادق.. حوار أهل الإحساس والفن وليس حوار «السوشيال ميديا» الآن.. وأنا هفضحك وصورك ودليل خيانتك معايا.. واسكت أحسن لك..! ياه.. كانت أيام وكان زمان غير الزمان.. والزمان ده على أية حال لم يعد زماننا.
>>>
>> وأخيراً:
الطيبون مثل بائع الورد..
حتى إذا لم تشتر منه فرائحته دائماً طيبة.
>>>
وأجمل ما فى الحياة إنسان صادق يعزك فيبحث عنك،
يفتقدك فيسأل عليك، وينشغل بالدنيا فلا ينساك.
>>>
ولا تحتفظ بالصور،
إذا لم تكن لديك القدرة على مواجهة الذكريات.
>>>
وما عليك بالأمس
صباح الخير يا دنيا.