قبل نحو خمسة أيام من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تتجه الأنظار نحو واحدة من أكثر المعارك الانتخابية إثارة للجدل والانقسام. يتنافس دونالد ترامب، الرئيس السابق، وكامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية، فى سباق يشهد تنافساً شديداً لاستقطاب كل صوت ممكن. ومع بدء التصويت المبكر، فإن النتيجة حاليا تعتمد على ما إذا كان كلا المرشحين قادرين على حشد أنصارهما وإقناع النسبة البسيطة من الناخبين الذين لم يسحموا موقفهم بعد بشأن من سيدعمونه أو ما إذا كانوا سيصوتون بالأساس.
تجرى الانتخابات الرئاسية الأمريكية كل أربع سنوات، حيث تبدأ عملية الترشيح بمنافسة بين مرشحين من الحزبين الرئيسيين: الجمهورى والديمقراطي. تفتح هذه العملية المجال لمتسابقين عدة، حتى يتبقى فى النهاية مرشحان يخوضان المعركة النهائية، المقررة فى 5 نوفمبر. النظام الانتخابى فى أمريكا يتفرد بنظام المجمع الانتخابي، حيث يُعدّ 538 عضواً يمثلون الولايات المختلفة، ويحددون الفائز بناءً على الأصوات التى تم جمعها من الناخبين.
المرشح الجمهورى دونالد ترامب قفز إلى عالم السياسة من خلال خلفيته فى عالم المال والإعلام، دون أن يكون له أى خبرة سياسية سابقة كحاكم ولاية أو عضو فى الكونجرس. يتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة على الرغم من كونه ملاحقاً فى أكثر من 50 قضية. وإذا ما فاز، سيكون هو الرئيس الثانى فى تاريخ الولايات المتحدة الذى يتولى الرئاسة لدورتين غير متصلتين. تميزت حملته بخطاب نارى وهجومي، حيث يواجه خصومه بانتقادات قاسية، مما أثار جدلاً كبيراً حول أسلوبه فى التعامل مع المعارضة.
فى المقابل، كامالا هاريس المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس تمثل صوت التنوع والاختلاف. بأصول جامايكية وهندية، تعتبر هاريس تجسيداً للهوية المتعددة الثقافات فى الولايات المتحدة. إذا نجحت، ستصبح أول سيدة تُنتخب لرئاسة البلاد، وأول رئيس أمريكى من أصول أفريقية بعد باراك أوباما. ومع ذلك، تفتقر هاريس إلى سجل حافل من الإنجازات السياسية، مما يثير تساؤلات حول قدرتها على تحقيق الأهداف المعلنة.
تتميز الانتخابات هذه المرة بخصوصية لم تُشاهد فى الانتخابات السابقة. تتجه النقاشات نحو مواضيع شائكة مثل الهجرة، الاقتصاد، وعلاقات أمريكا الدولية. ينطلق ترامب من شعار «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخري»، مبرزاً مواقفه القوية ضد الهجرة السلبية، ومعارضته للحد من إنتاج النفط.
فى المقابل، تستند هاريس إلى تنوع خلفيتها، حيث تحاول جذب أصوات الأقليات والمهاجرين، متسلحة بتجربتها كأول نائبة للرئيس. ومع تزايد الشعور الشعبوى والفوضوى فى الساحة السياسية، نجد أن هذه الانتخابات ليست مجرد صراع على المنصب، بل هى تعبير عن حالة عميقة من الاستقطاب فى المجتمع الأمريكي.
مهما كان الفائز فى هذه الانتخابات، ستمثل النتيجة تعبيراً عن حالة متأزمة يسودها القلق والانقسام. إن الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 هى اختبار حقيقى للديمقراطية فى بلد يعيش تحت ضغط داخلى وخارجي. وبينما تتجه الأنظار نحو 5 نوفمبر، يبقى السؤال الأهم: أى رؤية لمستقبل أمريكا ستتغلب فى هذه المعركة المثيرة؟