أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أهمية الدور الذى تقوم به كل من مصر والسعودية باعتبارهما الركيزتين الأساسيتين للأمن والاستقرار فى المنطقة، لاسيما فى ظل التحديات والمرحلة الدقيقة التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط، وذلك بالنظر إلى تطابق رؤى البلدين حول خطورة الوضع الإقليمى الراهن وضرورة وقف إطلاق النار وتجنب الانزلاق نحو حرب إقليمية شاملة سيكون لها تداعيات وخيمة تطال الجميع بلا تمييز.
جاء ذلك فى الكلمة التى ألقاها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال مشاركته، نيابةً عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، فى الجلسة الافتتاحية للنسخة الثامنة لمؤتمر «مُبادرة مستقبل الاستثمار» الذى تستضيفه المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 29 أكتوبر إلى 31 من شهر أكتوبر الجاري.
وجدد رئيس الوزراء التأكيد والتشديد على أن أمن دول الخليج هو جزءٌ لا يتجزأ من الأمن القومى المصري، وأن تحقيق الأمن والاستقرار وتوفير المناخ اللازم للتنمية الاقتصادية وتحقيق الرخاء، سواء فى الشرق الأوسط أو العالم، يرتبط بشكل مباشر بتحقيق السلام الشامل والعادل فى المنطقة عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
نقل رئيس الوزراء خالص تحيات وتقدير الرئيس عبدالفتاح السيسي، لخادمِ الحَرمينِ الشَريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان ولى عهد المملكة العربية السعودية رئيس مجلس الوزراء، وقال: أودُ أن أعبر عن شكرى وامتنانى على الدعوة الكريمة لحضور النسخة الثامنة من مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار»، وإلقاء كلمة نيابةً عن رئيس الجمهورية.
وأضاف: «أنتهز هذه الفرصة لكى أشيد بالنجاح الكبير الذى حققه هذا المؤتمر المُهم على مدار السنوات الماضية، خاصةً على صعيدِ جذب الاستثمارات وتسليط الضوء على جهود التنمية فى المملكة العربية السعودية الشقيقة، وذلك فى إطار تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، والتى أحرص على متابعة مُنجزاتها عن قرب من منطلق وحدة المصير والمسار بين مصر والمملكة العربية السعودية».
وأشار إلى أن شعار هذه النسخة من المؤتمر «أفق لا متناهٍ: الاستثمار اليوم لصياغة الغد» يُعبر حقيقةً عن الأولوية القُصوى للحكومة المصرية التى تعمل جاهدةً من أجل صياغة غدٍ أفضل للأجيال القادمة رغم التحديات الهائلة الناجمة عن التصعيد الخطير الذى تشهده منطقة الشرق الأوسط وحالة الاستقطاب وعدم الاستقرار الدولية إلى جانب ما يشهده عالمنا فى المرحلة الأخيرة من تحديات جسام ماثلة أمام تحقيق التنمية المستدامة على غرار جائحة «كورونا» والتذبذبات الكبيرة فى أسواق الغذاء والطاقة وتنامى شح المياه وندرتها.
وتابع «بالرغم من تلك التحديات، فإن مصر عازمة على المُضى قدماً بخطى ثابتة فى مسيرة التنمية الشاملة، بما يُحقق الرخاء والازدهار لبلادنا» مضيفًا أن مصر تواصل العمل بلا هوادة تحت قيادة الرئيس السيسى من خلال عددٍ من المحاور.
وأوضح أن أول هذه المحاور يتمثل فى تعزيز دور القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية تُولى أهمية بالغة لدور القطاع الخاص فى قيادة عملية التنمية الاقتصادية وتحقيق الأولويات والخطط الوطنية، مضيفًا: فى هذا الصدد، اتخذت الحكومة المصرية مؤخراً مجموعة من الخطوات والإجراءات الطموحة لتحسين مناخ الاستثمار، وتمكين القطاع الخاص، وتذليل العقبات التى تواجه المستثمرين، ولعل من أبرز تلك الخطوات وضع حد أقصى للاستثمارات الحكومية بهدف إتاحة مزيد من الفرص أمام القطاع الخاص، بالإضافة إلى توحيد سعر الصرف، ومنح الرخصة الذهبية للمستثمرين لتذليل إجراءات إنشاء المشروعات، ومواصلة تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية فى إطار وثيقة ملكية الدولة.
واستطرد:»هذا إلى جانب تطبيق سياسات ضريبية جديدة تستهدف تبسيط إجراءات تطبيق الضرائب؛ والعمل على توحيد جهات التحصيل؛ وتسريع إجراءات تسوية النزاعات الضريبية، كما شملت الإصلاحات التى قامت بها الحكومة المصرية اعتماد برنامج جديد لدعم الصادرات، وكذلك إطلاق استراتيجية وطنية للصناعة تستهدف تحقيق طفرة فى الصناعة الوطنية عبر زيادة المكون المحلي، وجذب استثمارات جديدة فى عدد من الصناعات الهامة مثل صناعة السيارات الكهربائية».
وأوضح مدبولى أن ثانى المحاور التى تعمل عليها الحكومة لتحقيق التنمية الشاملة هو النهوض بقطاع الطاقة فى البلاد، مشيرًا إلى أنه، مما لاشك فيه، يرتبط مستقبل التنمية المستدامة فى العالم بقضية أمن الطاقة، لاسيما فى ظل التحديات المرتبطة بالفجوة بين مصادر الطاقة المتاحة من جهة، واحتياجات الطاقة من جهة أخري.
وأضاف: «من هذا المنطلق، تسعى مصر إلى تنويع مصادر الطاقة وتعزيز كفاءتها، والتحول إلى مركز إقليمى لتصدير الطاقة من خلال تحفيز الاستثمارات المباشرة فى هذا القطاع المهم، بالتوازى مع إقامة شراكات مع الدول الشقيقة والصديقة لاسيما فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة».
وتابع خلال كلمته: «إنه من دواعى سرورى أن نشهدَ ما تحقق اليوم على صعيد الشراكة بين مصر والسعودية فى المجالات ذات الصلة بأمن الطاقة وتنويع مصادرها» مشيرًا إلى مشروع الربط الكهربائى بين مصر والسعودية الذى يستهدف إنتاج ثلاثة آلاف ميجاوات من الكهرباء على مرحلتين.
وأوضح أن المحور الثالث هو محور النقل والتنمية الحضرية، مشيرًا فى هذا الإطار إلى أن مصر ضخت خلال السنوات الأخيرة استثمارات ضخمة لتطوير البنية التحتية وبناء مدن جديدة وذكية، وكذا لتطوير منظومة النقل والمواصلات والموانئ فى مختلف أنحاء البلاد، بما يتسق مع الخطط والأهداف المصرية الطموحة لتعظيم الاستفادة من الموقع الجغرافى الاستراتيجى لمصر.
وأضاف، فى هذا الإطارأن مصر قامت ببناء أكثر من 20 مدينة جديدة، فى مقدمتها العاصمة الإدارية ومدينة العلمين الجديدة، حيث يتبع جميع هذه المدن معايير الاستدامة والتقدم التكنولوجي، كما قامت الحكومة أيضًا بإطلاق استراتيجية لتطوير النقل ترتكز على عدة محاور، أبرزها الارتقاء بالبنية التحتية للنقل عبر إنشاء شبكات الطرق وتطوير قطاع السكك الحديدية والنقل النهرى وتحديث وتطوير الموانئ البحرية، فضلًا عن إطلاق «استراتيجية التنمية المستدامة للنقل البحري».
وأكد أن هناك تعاونا مصريا سعوديا وثيقا فى مجالات النقل وربط الموانئ، كما توجد رغبة مشتركة لدى البلدين فى التحول لمركز إقليمى للنقل اللوجستى وسلاسل الإمداد، موضحا أن المحور الرابع يتمثل فى العمل على الارتقاء بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وبالأخص الذكاء الاصطناعي.
وفى هذا الصدد، قال الدكتور مصطفى مدبولى إنه لا يخفى على أحد أن مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتطورات الخاصة به، بما فيها الذكاء الاصطناعي، بات يتصدر قائمة المجالات المُحفّزة للنمو الاقتصادى والتشغيل وجذب الاستثمارات، وهو ما دفع الحكومة المصرية لاتخاذ خطوات متسارعة لدعم هذا القطاع الذى أصبح من أسرع القطاعات نمواً فى مصر.
وأشار إلى أن الحكومة تقوم بالفعل بتنفيذ مشروعات عديدة فى إطار «منصة مصر الرقمية» التى تهدف إلى إدماج تطبيقات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مختلف المجالات، كما أنها تُولى أهمية كبرى لتنمية العنصر البشرى فى مجال التحول الرقمى باعتباره الركيزة الرئيسية لاستراتيجية تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات، وهو ما يأتى بالتزامن مع جهود تطوير البنية التحتية الرقمية المصرية، فضلاً عن إدخال العنصر التكنولوجى والرقمى كأحد عناصر مشروع «حياة كريمة» الذى يستهدف تحسين مستوى المعيشة فى القرى والريف المصري، حيث تم مدَ الألياف الضوئية إلى المناطق الريفية لتزويد نحو 58 مليون مواطن بهذه الخدمة أى حوالى 50% من عدد سكان مصر.
وقال رئيس الوزراء، خلال الكلمة التى ألقاها بالجلسة الافتتاحية للنسخة الثامنة من مؤتمر»مُبادرة مستقبل الاستثمار»: «لا شك أن هُناكَ ارتباطاً وثيقاً بين الاقتصاد والاستثمار والنمو من جهة، والسلام والاستقرار والأمن من جهة أخري، الأمر الذى يضع منطقة الشرق الأوسط التى تموج بالصراعات والأزمات المتصاعدة أمام تحديات بالغة التعقيد».
وأوضح أن أبرز هذه التحديات فى المرحلة الراهنة يتمثل فى استمرار العدوان الإسرائيلى على أشقائنا الفلسطينيين فى قطاع غزة والضفة الغربية والذى اتسعت رقعته فى الأسابيع الأخيرة ليطال لُبنان العزيز.
وأضاف رئيس الوزراء: «لا يفوتنى أن أعرب عن اعتزازى بالشراكة الإستراتيجية التى تجمع بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الشقيقة على كافة المستويات، بما يعكس خصوصية العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين، مُشيدًا بما تشهده المملكة تحت القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن سلمان ولى العهد رئيس مجلس الوزراء، من طفرةٍ فى مختلف المجالات، مؤكدًا استعداد مصر للمساهمة فى مسيرة التنمية فى المملكة من خلال الخبرات والكوادر البشرية المصرية.
وأعرب مدبولى عن تقدير مصر للتوقيع على «اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين»، والاتفاق على تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصرى السعودي، بما يؤكد رغبة البلدين فى الارتقاء بمستوى التعاون الاستثمارى إلى آفاق أرحب.
وفى ختام كلمته، عبّر الدكتور مصطفى مدبولى عن شكره وتقديره البالغين لخادم الحرمين الشريفين والأمير محمد بن سلمان، ولى عهد المملكة العربية السعودية الشقيقة، رئيس مجلس الوزراء، قائلًا: كُلى ثقة فى أن يُسفر النقاش وإسهاماتكم القيمة على مدار اليومين القادمين فى طرح أفكار عملية مُحددة من شأنها دفع جهود التنمية المستدامة وتحقيق المزيد من الرخاء والاستقرار والسلام فى منطقة الشرق الأوسط والعالم.
.. وخلال استقباله وزيرة المالية الكويتية ونظيره الفيتنامى:
نتطلع لدعم الاستثمارات الكويتية بمصر
نورة الفصام: حريصون على دعم علاقاتنا فى مختلف المجالات
أعرب رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى عن تقديره الشديد للعلاقات التاريخية التى تجمع بين مصر ودولة الكويت الشقيقة مؤكداً أن هناك تنسيقاً وتواصلاً دائمين بين مسئولى البلدين على مختلف المستويات من أجل دعم العلاقات الثنائية فى جميع المجالات.
جاء ذلك خلال لقاء الدكتور مصطفى مدبولى أمس نورة سليمان الفصام وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشئون الاقتصادية والاستثمار بالكويت لبحث عدد من ملفات التعاون المشترك وذلك على هامش مشاركته نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الجلسة الافتتاحية للنسخة الثامنة لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذى تستضيفه المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 92 إلى 13 من شهر أكتوبر الجاري.
خلال اللقاء طلب مدبولى نقل تحياته لرئيس الوزراء الكويتى معرباً عن تطلعه لعقد لقاء معه فى أقرب فرصة ممكنة.
تناول الدكتور مصطفى مدبولى الجهود المبذولة من قبل الحكومة المصرية لتطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادى والتعاون الوثيق مع مختلف الشركاء الدوليين لاسيما صندوق النقد الدولى مشيراً إلى أن الاصلاحات التى أجرتها مصر على الصعيد الاقتصادى انعكست فى نشر تقارير ايجابية حول الاقتصاد المصرى من قبل عدد من المؤسسات المالية الدولية وذلك على الرغم من التوترات الاقليمية الحالية وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد المصري.
وأعرب عن تطلعه لدعم الاستثمارات الكويتية القائمة فى مصر مشيداً بالدعم الكويتى الدائم لجهود الاصلاح الاقتصادى التى تبذلها الحكومة المصرية.
من جانبها أكدت نورة سليمان الفصام عمق العلاقات التاريخية التى تربط البلدين على كافة الاصعدة مؤكدة استمرار التواصل الفعال بين الجانبين خلال الفترة المقبلة فى ضوء تطلع الكويت لدعم علاقاتها مع مصر فى مختلف الملفات ذات الاهتمام المشترك لاسيما فى ظل حرص دولة الكويت على دعم الاستثمارات الخارجية لها خاصة فى مصر.
وفى ختام اللقاء أكد الدكتور مصطفى مدبولى دعم الدولة المصرية لكافة الجهود والتطورات الايجابية التى يقوم بها الشيخ مشعل الاحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة معرباً عن خالص تمنياته بدوام الرفعة والتقدم والاستقرار لدولة الكويت الشقيقة.
كما التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، نظيره الفيتنامى فام مينه تشين على هامش مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» بالسعودية، حيث أعرب عن تطلع مصر لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع فيتنام، خصوصاً فى مجالات الصناعة، والطاقة المتجددة، والنقل البحري، مشيراً إلى الفرص الاستثمارية المتاحة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. دعا مدبولى الشركات الفيتنامية للاستفادة من المزايا التجارية المتوفرة بمصر، وعبر عن رغبة مصر فى توقيع اتفاقيات لدعم التعاون التجارى والثقافي. من جانبه، رحب رئيس الوزراء الفيتنامى بتوسيع التعاون وأعرب عن أمله فى إعفاء التأشيرات وتعزيز الشراكات الاستراتيجية المشتركة.