مخطئ من ينتظر من الولايات المتحدة خيراً، أو الوقوف بجانب الحق ومد يد العون لأكثر من 2 مليون ونصف المليون إنسان من سكان قطاع غزة، مخطئ من يصدق الكلمات الرنانة بأن الولايات المتحدة تقف ضد إسرائيل فى عدوانها الغاشم وحرب الإبادة الجماعية التى تمارسها ضد المدنيين والنساء والأطفال فى غزة، ولمن لا يعلم فإن صفقات السلاح الأمريكية إلى إسرائيل لم تتوقف منذ السابع من أكتوبر الماضي، عشرات الطائرات طراز f 35 وطائرات f15 والأباتشي، إضافة إلى الصواريخ والذخائر فى صفقة بمليارات الدولارات، والدعم العلنى أمام مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية بحجة حق الكيان فى الدفاع عن نفسه.
ظهر ذلك جلياً بعد رفض مجلس الأمن الدولى مشروع قرار جزائرى بوقف إطلاق النار فى قطاع غزة بسبب استخدام واشنطن حق الفيتو، بالتزامن مع مئات الغارات التى يشنها الكيان المحتل على قطاع غزة، وارتكاب عشرات المجازر ضد المدنيين، وسط وضع إنسانى كارثى وتجويع لأكثر من مليون ونصف المليون مواطن، رائحة الدماء والخراب تفوح فى كل شبر من قطاع غزة الجثث ملقاة فى الشوارع، آلاف الشهداء والجرحى لم يتم انتشالهم من تحت الأنقاض، بسبب تواصل القصف وخطورة الأوضاع الميدانية، وحصار خانق وقيود مُشددة على دخول الوقود والمساعدات الحيوية العاجلة للتخفيف من الأوضاع الإنسانية الكارثية، كل هذا وذاك لم يشفع للأبرياء أمام مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية والضمير العالمي.
الضمير العالمى يغمض عينيه ويصم آذانه تجاه مجازر إسرائيل فى غزة، تجاه ما يقرب من استشهاد وإصابة أكثر من 100 ألف فلسطيني، واستشهاد أكثر من 130 صحفياً فى حرب إبادة التى لا تفرق بين طفل أو سيدة، مسن أو صحفي، الجميع سواء أمام آلة حرب إسرائيلية غاشمة تقتلع الأخضر واليابس، حتى الحيوانات والطيور لم تسلم من القتل والدمار الإسرائيلي، دموع الأطفال لا تحرك ضمائر العالم الغربي، تساؤلات الأطفال عن أبسط حقوقهم وهو الحق فى الحياة لا يجد إجابة من الضمير العالمي، إسرائيل بمساعدة الولايات المتحدة وأوروبا لا تعترف بحق الإنسان العربى فى الحياة، لا تعترف إلا بحق الغرب والغرب فقط، التشدق بحقوق الإنسان والحريات ما هى إلا دعاية أمام شاشات التلفاز، أما فى الكواليس ووراء الشاشات فقانون القوة يحكم العالم وليست قوة القانون.
لذا بات لزاماً علينا الوقوف خلف الوطن والحفاظ على وحدة وتلاحم الشعب على الجيش، والحفاظ أيضاً على تماسك الجبهة الداخلية وعدم الانسياق وراء الشائعات التى تدس السم فى العسل، لأن الهدف الوحيد منها هو إضعاف وتفتيت الجبهة الداخلية ليسهل عليهم النيل منا وتحقيق حلمهم «أحلامهم التوسعية» علينا بتذكير أنفسنا وأولادنا بذلك، وأن العالم لا يعترف بقوة القانون بل يعترف فقط بقانون القوة، وأن السلام لا بد له من قوة تحميه، والله من وراء القصد.