دائماً ما يقاوم المواطن المصرى كل ما هو جديد ويتمسك بالقديم الذى اعتاد عليه وقتاً طويلاً حتى وإن كانت امكاناته أقل بكثير من الحديث عملاً بالمقولة الشهيرة– إللى أعرفه أحسن من إللى ماعرفوش– وهذه النظرية خاطئة لأنها مقاومة للتغير وهذا الخوف له أسبابه ومنها الخوف من المخاطرة والمخاطرة تحتاج إلى التدريب الجيد والكافى للمواطن الذى يخاطر حتى يتمكن من التعامل مع الجديد بكل حرفية واقتدار.
الإنسان عادة عدو ما يجهله وبالطبع هو يجهل كل ما هو جديد خوفاً من الفشل والاحباط وبذلك فهو يعارض استخدامه ويخشى تبنيه خوفاً من المخاطرة وهذه سمة البسطاء بخلاف الشريحة المجتمعية ميسورة الحال مادياً وتعليمياً التى لديها جرأة على الجديد لمواكبة العصر فهى لا تخشى المخاطرة أياً كانت نتائجها لوجود ما يعوضهم مادياً فى حالة الخسارة مالياً عملاً بمقولة: «يفوز باللذات كل مغامر ويموت بالحسرات كل جبان».
فالمغامر من سماته المخاطرة من أجل الاكتشاف والابتكار ومن أجل بلوغ المنال، لأن التحدى هو بحد ذاته فوز لذلك المغامر لا يندم على نتيجة مغامراته أياً كانت لأن من يملك شجاعة القرار يجب ألا يندم على نتائجه أياً كانت بالإيجاب أو بالسلب.
فى عام 1972 استوردت وزارة الزراعة المصرية تقاوى قمح من السلالة المكسيكية لزراعتها فى مصر والتى تعطى محصولاً وفيراً يعادل خمسة أضعاف القمح البلدى الموجود حالياً ولكن كان للمرأة المصرية دور فى رفض زراعته بحجة أن لونه فى الدقيق يميل إلى السمرة فلا يصلح لعمل «الكعك والبسكويت» وبذلك خسرت مصر والفلاح المصرى الكثير بسبب مقاومة التغيير وخوض تجربة المغامرة.. لم يكن القمح هو الوحيد فى مجال الزراعة ولكن المزارعين رفضوا الذرة الهجين الذى يعطى انتاجية عالية ضعف الذرة البلدى لأسباب واهية منها أن الذرة الهجين غير صالح للشواء وهذا سبب واه ومرجعه الخوف من تجربة الجديد.
الإنسان غالباً عدو ما يجهله فالبعض يتخوف من التكنولوجيا الحديثة نظراً لعدم تجربتها مسبقاً والتدريب عليها تدريباً كافياً يحقق له الطمأنينة عند استخدامها.
لذلك يجب على الحكومة قبل استيراد أى تكنولوجيا ما تدريب الشريحة المستهدفة وأقلمتها حتى لا يحدث الفشل بسبب جهله.
التقنيات الحديثة فى الحقل الزراعى بحاجة إلى اختبار كاف قبل استيرادها نتيجة لاختلاف بيئة التطبيق أيكولوجياً– بيئياً واجتماعياً– العادات والتقاليد.
فى ظل العولمة والسماوات المفتوحة نشاهد على شبكة الهواتف انتاجية المحاصيل الزراعية فى الصين ودول شرق آسيا والتى تفوق ما ننتجه نحن من محاصيل أضعافاً مضاعفة فى حين أن هذه الدول استخدمت التكنولوجيا الحديثة فى مجال الزراعة والتسميد والرش والحصاد ولذلك أصبح لديهم وفرة فى محاصيلهم الزراعية سواء من الحبوب أو الخضراوات أو الفاكهة.
الصين على سبيل المثال لديها أنواع عديدة من السلالات فى الأرز والذرة والقمح فنبات الذرة يعطى إنتاجية أكبر.. أين نحن من هذه التجارب والمغامرات لنكون أسوة بهذه الدول العملاقة حتى نتمكن من مواجهة الزيادة السكانية المطردة بالاكتفاء الذاتي.
لدينا تجارب استيرادية لتكنولوجيا غير موفقة فمثلاً منذ سنوات استوردت الوزارة كمية كبيرة من الجرارات الزراعية العملاقة التى لا تتناسب مع طبيعة الطرق الصغيرة وسط الزراعات والتى تحتاج لمساحات واسعة والنتيجة أن هذه الجرارات تم تخزينها فى الميكنة الزراعية حتى أصابها الصدأ.. لماذا لا يتم عمل دراسة للتكنولوجيا الحديثة قبل استيرادها من أجل استيراد ما يواكب العصر والبيئة لأن ما يصلح لغيرنا قد لا يصلح عندنا والعكس.