مع دخول مصر كعضو كامل فى مجموعة «بريكس» وتعزيز شراكاتها مع القوى الاقتصادية الناشئة، يُضاف بُعد إستراتيجى إلى العلاقات العربية مع هذا التجمع، خاصةً فى ظل مشاركة دول عربية أخرى مثل السعودية والإمارات فى منصة «بريكس بلس» يمثل هذا التكتل بديلًا متصاعد الأهمية فى الاقتصاد الدولي، حيث يسعى إلى إعادة توازن النظام المالى العالمى الذى طالما سيطرت عليه الدول الغربية، مما يتيح للدول النامية خيارات أكثر مرونة واستقلالية.
يتمتع المحور العربى ضمن «بريكس بلس» بأهمية جيوسياسية واقتصادية. فمصر، بموقعها الإستراتيجى كبوابة تربط بين إفريقيا وأوروبا، تقدم فرصة لتعزيز البنية التحتية للعبور التجارى والمشاريع الاقتصادية العابرة للحدود، وخاصة مشروع إنشاء بورصة سلع لتوسيع نطاق التجارة ضمن «بريكس» ومع السعودية والإمارات، يمكن للتكتل استغلال موارد الطاقة والاستثمارات الضخمة التى تضيف بعدًا قويًا على المشروعات المتعلقة بالطاقة والتنمية المستدامة.
من المتوقع أن يحمل انضمام مصر فوائد اقتصادية جمة. أحد الأهداف الرئيسية لمجموعة «بريكس» هو اعتماد عملة مشتركة بين أعضائها أو تسهيل تبادل العملات المحلية، وقد ظهرت فى القمة الأخيرة فى قازان خطوات جادة نحو العملة الموحدة للبركس «بديل الدولار» والتى كان يحملها الرئيس الروسى بوتين مما يخفف الضغط على الدولار فى الاقتصاد المصري. تساهم هذه الخطوة فى تحقيق استقرار أكبر لسعر الصرف فى مصر، وقد تسهم فى تقليل تكاليف الواردات بشكل ملحوظ، مما يؤثر إيجابياً على معدلات التضخم التى شهدت زيادات متتالية بسبب تذبذب قيمة العملة المحلية مقابل الدولار.
كما يتوقع أن يؤدى عضوية مصر إلى تعزيز فرص الاستثمار الأجنبى المباشر من قبل دول «بريكس» فقد أشار الرئيس الروسى فلاديمير بوتين سابقًا إلى خطط لزيادة الاستثمارات الروسية فى المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، والتى يمكن أن تُعد بوابة رئيسية لدخول منتجات «بريكس» إلى الأسواق الأفريقية. وفى ضوء هذه التوجهات، يمكن أن يسهم تكتل «بريكس» فى فتح آفاق استثمارية جديدة داخل مصر، تسهم فى دعم نمو الاقتصاد الوطنى من خلال توفير فرص عمل جديدة وتطوير البنية التحتية.
من السمات الأساسية لتجمع «بريكس» هى سعيه لإعادة توازن النظام المالى العالمى بحيث يكون أكثر عدالة وشمولًا، خصوصًا للدول النامية. من أبرز مبادرات «بريكس» فى هذا الصدد هو بنك التنمية الجديد، الذى يُعد بديلًا للبنك الدولى وصندوق النقد الدولي، ويتيح قروضًا بشروط ميسرة، مما يقلل من تكاليف التمويل ويعزز الاستقلال المالى للدول الأعضاء. كذلك، يمكن لهذا البنك المساهمة فى تنفيذ مشروعات تنموية داخل الدول الأعضاء، ومنها مصر، فى مجالات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية.
رغم أن «بريكس» لا يزال فى بداياته، إلا أنه يقدم آفاقًا واسعة للدول النامية التى تسعى لتحرير نفسها من قيود النظام المالى التقليدي. فالمحور العربي، بدوره، يضيف قيمة كبيرة لهذا التجمع من خلال موارده وقدراته الاستثمارية. كما يمثل هذا التكتل فرصة لإقامة شراكات اقتصادية قوية بين دوله، تمكنها من مواجهة التحديات العالمية بشكل مشترك وفعال، مما يساهم فى بناء مستقبل اقتصادى أكثر توازنًا واستقرارًا.