تحت شعار «تعزيز التعددية من أجل تنمية عالمية وأمن عادلين» عقدت القمة الـ16 للبريكس + بمدينة قازان الروسية بمشاركة 36 من قادة وزعماء العالم ومن بينهم الرئيس السيسي، حيث شهدت القمة 3 أولويات وهي: السياسة والأمن، والتعاون فى الاقتصاد والتمويل، والتبادلات الإنسانية والثقافية، وكانت روسيا فى إطار الاستعداد لها نظمت أكثر من 200 حدث سياسى واقتصادى واجتماعي، لتعزيز سبل تنفيذ المزيد من التعاون بين دول «بريكس»، أو بمعنى آخرّ ناقشت قضايا رئيسية مثل إعادة تشكيل النظام الاقتصادى العالمي، التغير المناخي، تعزيز التعددية، والسلام العالمي.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، اكد فى كلمته أمام قمة بريكس أن مصر تؤمن إيمانا راسخا، بأهمية تعزيز النظام الدولى متعدد الأطراف، وفى قلبه الأمم المتحدة وأجهزتها، باعتباره الركيزة الأساسية للحفاظ على مكتسبات السلام والاستقرار والتنمية، والضمانة القوية لحفظ الأمن والسلم الدوليين، إلا أن الأزمات المتعاقبة التى عصفت بالعالم، خلال السنوات الماضية، أوضحت بما لا يدع مجالا للشك، عجز النظام الدولى عن التعامل بانصاف مع الصراعات حول العالم.. فضلا عن حالة الاستقطاب والانتقائية، التى أضحى النظام الدولى يتسم بها.
لكن ما يهمنا هنا كيفية استفادة الدولة المصرية من هذه الشراكة التى يمثل أعضاؤها نحو حوالى 40٪ من الاقتصاد العالمي؟
بالنظر الى إعلان نتائج هذه القمه سوف نلاحظ انها كانت اقرب الى تحقيق تنميه مباشرة لاقتصادات الدول الأعضاء حيث تقرر انشاء بورصة حبوب لمجموعة بريكس يمكن توسيعها لاحقا لتشمل التجارة فى سلع رئيسية أخرى مثل النفط والغاز والمعادن، من الممكن أن تؤدى مثل هذه الخطوة إلى إعادة تشكيل ديناميكيات التجارة الزراعية العالمية.
أيضاً الاتفاق على إنشاء نظام مدفوعات دولى مشترك من شأنه أن يساعد دول بريكس على التجارة البينية، بمعنى انه قد حان الوقت لدول بريكس لانشاء طرق دفع بديلة، من خلال بنك التنمية الجديد التابع للمجموعة الذى صُمم كبديل للمؤسسات التمويلية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، وغيرها مما يعنى البدء فى استخدام العملات المحلية فى المعاملات المالية بين دول بريكس وشركائها التجاريين».
علاوه على ان انشاء سوق بين تلك الدول الأعضاء يسمح لهم بتجارة الحبوب بشكل مباشر، وهو ما من شأنه أن يقلل الاعتماد على أنظمة التسعير التى يهيمن عليها الغرب والتى تحدد حاليا الأسعار القياسية فى أسواق مثل شيكاغو وباريس.
وينظر الخبراء الاقتصادين إلى إنشاء بورصة حبوب البريكس على أنه خطوة استراتيجية لتحدى هيكل السوق الزراعية العالمية الحالى الذى تهيمن عليه الاقتصادات الغربية، ومن خلال إنشاء منصة تجارية بديلة، وهو ما تأمله دول البريكس فى الحصول على سيطرة أكبر على أسعار الحبوب وتعزيز قوتها التفاوضية الجماعية فى هذا الإطار.
إذا كانت هذه الرؤيه الشاملة حول تلك القرارات فماذا عن مصر؟ هنا سوف تلاحظ أن المشاركة المصرية فى البريكس سوف تعظم الاستفادة من المزايا التفضيلية التى تتيحها اتفاقيات التعاون والتبادل التجارى لجذب الاستثمارات للاقتصاد المصري، خاصة ان هناك اتجاهاً للبريكس لانشاء نظام مالى عالمى وطرح عملة جديدة مما يسهم فى تنمية التجارة البينية بين مصر ودول التجمع كما يقلل من اعتماد مصر على العملة الصعبة، ومن ثم التحسين من قيمة الجنيه، وإذا كانت الصين من أكبر اقتصادات العالم – أكبر مصدر للمواد الخام عالميا – وهذا يسهم بدوره فى زيادة حجم وارداتها لمصر بالعملة المحلية، وبالتالى دعم وتنمية الصناعة الوطنية وتعظيمها والنجاح فى تعميق التصنيع المحلى وتصنيع أغلب المنتجات المستوردة، وبالتالى الاعتماد بنسبة كبيرة على المنتج المحلى فيما بعد.
يضاف الى ذلك عضوية مصر فى بنك التنمية الجديد التابع لتجمع بريكس، سوف يزيد قدرتها على تعزيز السيولة وتنويع مصادر تمويلها بشروط وإجراءات ميسرة لمواجهة الأزمات الاقتصادية.
وبالتالى يمكن القول ان تجمع البريكس + يحمل أملا فى إصلاح النظام الاقتصادى العالمى الذى يعانى من الاختلال، وتناقضات، باعتبار أنه لم يستوعب التحولات الاقتصادية التى أدت الى صعود دول واقتصادات، وارتفاع طموحات دول العالم النامى فى نظام أكثر توازنا وعدالة لا يخضع لهيمنة، ويميل الى التوازن وتوزيع التأثير والنفوذ العالمي، بالنسبة والتناسب، وليس بناء على تقسيمات عالم ما بعد الحرب الثانية.ايضا يتميز بنك البريكس الجديد بثلاث مميزات رئيسية حيث يمول مشاريع البنية التحتية الواقعية، ولا يفرض شروطًا صارمة، ويشجع استخدام العملات الوطنية للدول الأعضاء، مما يعزز التجارة الداخلية والاستثمار المتبادل، بين الدول الأعضاء.
ومن المهم ايضا القول بانه يمكن تعزيز التنسيق على المنصات متعددة الأطراف مثل منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولى ومجموعة العشرين، فضلا عن زيادة حجم التجارة والاستثمار المباشر.
وفى النهاية يمكن القول ان مجموعة «البريكس +» بمثابة قوة موازنة للنظام العالمى الذى يهيمن عليه الغرب، ولكن هذا لا يمنع بعضا من التحديات التى تواجه البريكس، وكما يقول المثل الصينى فإن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة صغيرة واحدة، وأعتقد أننا سوف نخطو خطوة أولى ليست صغيرة للغاية».
خارج النص:
يمثل حجم تجارة مصر مع دول «بريكس» ما يقرب من ثلث حجم تجارة مصر الكلى والبالغ 31 مليار دولار تقريبا ومن ثم علينا العمل بجدية على تعزيز اتفاقيات مقايضة العملات من الروابط التجارية والاستثمارات،مما يتطلب وجود كيان متميز للعمل على ذلك يتبع الرئيس السيسى مباشرة لمواجهة التعقيدات البيروقراطية وأصحاب المصالح الخاصة، وتحيا مصر.