هل حان الوقت واقتربت ساعة توقف القتل والخراب والدمار والإبادة هل ستنجو المنطقة من حرب إقليمية ما الجديد فى المفاوضات الجارية أو التى تستعد للانطلاق فى جولة جديدة، هل تغيرت المعطيات والمواقف، طبقًا لما وقع وحدث على أرض الواقع فى الفترة الأخيرة، هل لدى المقاومة أوراق أخرى مازالت فى يدها غير الأسرى والرهائن بعد الضربات الموجعة التى تلقتها، هل وصل نتنياهو إلى حالة النشوة والشبع من دماء الأبرياء هل هناك كروت لدى المتصارعين.. والسؤال المهم، ماذا لو افتراضنا أن المفاوضات نجحت وافضت إلى اتفاق بمباركة واقرار جميع الأطراف، فماذا عن موقف إيران ورد فعلها على الهجوم الإسرائيلى الذى استهدف مواقع عسكرية إيرانية بالأمس أم أن هناك تراجعًا عن الرد وأن الهجوم متفق عليه وهل يمكن فك الارتباط بين الساحات أو الجهات خاصة بين لبنان أو تحديدًا حزب الله وغزة، الحقيقة أن المشهد فى المنطقة معقد ومرتبط ومتشابك، يبدو أنه من الصعب التنبؤ بما سيحدث.
فى ظنى أن السوال الأهم الذى يجب أن نطرقه هل الزخم الذى شـهدته قمـة تجمع بريكس فى مدينة قازان الروسية بحضور 36 دولة و6 مؤسسات دولية، وبحضور قادة الدول الكبرى روسيا والصين ومصر وجنوب أفريقيا وإيران والإمارات وغيرها وهى كتل قوة عالمية ودولية هائلة وسط نجاحات فاقت التوقعات وزحفت للأمام نحو تأسيس نظام عالمى جديد وإجبار النظام الحالى والقائم والمهيمين على تغيير نفسه نحو كسب مساحات من المصداقية أو حتى التظاهر بالعدل والمساواة أى محاولة تغيير الذات وبالتالى ينعكس ذلك على منطقة الشرق الأوسط، ويعود إلى حالة الاستقرار، أم أن ما حدث فى قمة تجمع بريكس سوف تدفع الولايات المتحدة والغرب وذراعهم فى المنطقة إسرائيل إلى مزيد من التصعيد والتغول فى المنطقة والسيطرة على بعض مفاصلها ومحاولة النيل من دول التجمع فى المنطقة وقطع الطريق على الصين وروسيا ومشروعاتهما فى المنطقة طبقًا لصياغة جغرافية جديدة، هل تتنازل حكومة إسرائيل الأكثر تطرفًا عن اضغاث أحلامها حتى ولو بشكل مؤقت تفرضه اللحظة الراهنة .
الحقيقة فى هذه السطور نعرض دوافع كل الأطراف من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف الحرب والعدوان وما لدى كل طرف من أوراق، وما هى الاشكاليات التى تحول دون تحقيق النجاح، وهل غيَّرت واشنطن مسارها واستراتيجيتها وعرض ما حدث فى بريكس وما شهده من زخم وتنام وتمدد، ورغبة دول كثيرة فى العالم للانضمام إلى هذا التجمع الذى يتعلمق يومًا بعد يوم، ويستحوذ على نسبة كبيرة من قدرات هذا العالم، ويتأهب لاعتلاء سدة النظام العالمى وفق مباديء السلام والأمن والتنمية والعدالة والمساواة وحق الدول النامية فى التنمية المستدامة والتحويل الميسر وتكافؤ الفرص، والعدالة وعدم ازدواجية المعايير.
لا شك أن المتصارعين والمتحاربين سواء دولة الاحتلال أو المقاومة الفلسطينية أو حتى حزب الله يعانون من حالة انهاك شديدة، ولنبدأ بدولة الاحتلال التى تواجه تحديات خطيرة سواء على الجانب التصعيد العسكرى وتعانى استنزافًا غزيرًا فى أرواح كبار قادة جيش الاحتلال أو ضباطه أو جنوده وباتوا يتساقطون بالعشرات والأمر أكثر مما يعلنه جيش الاحتلال بكثير، ومعدلات استقبال المستشفيات الإسرائيلية للمصابين مرتفعة للغاية، وهناك حالة من الارتباك فى الداخل الإسرائيلى أو على الصعيدين السياسى والعسكرى ولعل تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي، أن العملية الجدية فى جنوب لبنان قد تنتهى خلال أسبوع أو اثنين إذا لم تحدث تغييرات وهذه اشارة إلى حجم الخسائر الفادحة لجيش الاحتلال فى العمليات البرية بالإضافة إلى استعادة حزب الله زمام السيطرة من جديد على الأقل ميدانيًا بدليل الضربات الموجعة لإسرائيل، سواء بريًا أو صاروخيًا واختراق العمق الإسرائيلى واستهداف مواقع عسكرية وصناعية وسكنية أحدثت خسائر فادحة حتى أن إسرائيل باتت تعانى من ثغرة خطيرة فى مواجهة مسيرات حزب الله التى وصلت إحداها إلى غرفة نوم نتنياهو.
إسرائيل على صعيد عدوانها على غزة من الخراب والدمار وحرب الإبادة التى تشهد على القطاع وسكانه إلا أنها تتعرض لخسائر هائلة وموجعة فى أرواح ضباطها وجنودها وأيضا خسائر فادحة فى الآليات والمدرعات حتى وصل الأمر إلى استعانتها بإحدى شركات الصيانة الدولية لإصلاح المدرعات والدبابات والآليات التى تعرضت للتدمير بأعداد هائلة بالإضافة إلى أن صواريخ المقاومة مازالت تنطلق نحو المدن الإسرائيلية، بالإضافة إلى خسائر اقتصادية بالمليارات، سواء الانتاج والزراعة والسياحة.
حسابات إسرائيل فى أنه بقتل قيادات حزب الله، أو حماس سوف تقضى عليهما، هى تقديرات خاطئة، فمازال حزب الله يستعيد قدراته، وسيطرته ويوجه ضرباته إلى جيش الاحتلال ويصل إلى العمق الإسرائيلى عبر الصواريخ والمسيرات وربما تتطور الأمور إذا نجحت عمليات تسلل عناصر حزب الله إلى مستوطنات الشمال أو المدن الإسرائيلية، وهو نفس الأمر بالنسبة لعملية اغتيال السنوار، مازلت فصائل المقاومة الفلسطينية تلحق بالجيش الإسرائيلى خسائر فادحة فى الارواح والآليات والدبابات أيضا الجيش الإسرائيلى فى حالة مشينة فى ظل انخفاض حاد فى المعنويات، وخوف وذعر من الموت والقنص وضعف فى الإعداد والتعرض لعمليات المقاومة وهناك من يعانى من أمراض نفسية وتعرض لإعاقة مستدامة، وهناك أيضا حالات انتحار، والأخطر عزوف عن الالتحاق بالخدمة العسكرية من قبل قوات الاحتياط.. لاشك أيضا أن المقاومة الفلسطينية فى حالة شديد وماسة لوقف العدوان الإسرائيلى بعد الخسائر الكارثية، والمأساة الإنسانية التى شهدها القطاع بالنسبة للمدنيين الأبرياء، والحصار والتجويع والإبادة وهو ما يفرض أهمية دخول المساعدات الإنسانية بعد شبه توقف تام للمستشفيات هناك إشكاليات مهمة ربما تحول دون ابرام الاتفاق، فهل تقبل الاطراف تقديم تنازلات والتغاضى عن بعض الشروط السابقة، فإسرائيل تريد البقاء فى قطاع غزة وخروج حماس من القطاع واستعادة الأسرى والرهائن حتى الجثث، ثم هل تقبل إسرائيل شروط حماس والمقاومة فى الافراج عن المعتقلين الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، حماس يريد خروج إسرائيلى شامل كامل من القطاع، ودخول المساعدات وإعادة الإعمار، والافراج عن الاسماء التى تضمنتها قوائمها دون قيد أو شرط، وضمان ايقاف وقف العدوان واطلاق النار وعدم خروج كوادرها وأن تكون جزءًا من المعادلة السياسية فى قطاع غزة، فهل توافق إسرائيل على مطالب حماس، وهل يكون البديل وجود السلطة الفلسطينية، أو قوات دولية حتى ولو لفترة مؤقتة، وهل تقبل حماس وحزب الله، مراقبة إسرائيل، وحق التفتيش، وتوجيه الضربات ونزع السلاح والتراجع بالنسبة لحزب الله إلى ما بعد نهر الليطانى إلى «الأولي».. لذلك عند أمام اشكاليات خطيرة، لكن الموقف المعقد، وحالة الانهاك ربما تكون عنصرًا ضاغطًا على مختلف الاطراف بقبول بعض التنازلات والتمسك بأخرى وهل ما حدث فى قازان الروسية سيكون أيضا عنصرًا ضاغطًا على الأمريكان لدعم وقف العدوان واطلاق النار ومحاولات اصلاح الذات فى ظل التمدد الدولى نحو تجمع «بريكس».. لذلك اطرح السؤال من جديد هل كانت «النهاية» أم أن الأمور سوف تتصاعد، وهل يوقف الهجوم الإسرائيلى على إيران الضربات المتبادلة بين تل أبيب وطهران هل جرى اتفاق على السيناريو والمشهد الأخير للمشهد فى المنطقة فى ظل ما ظهر عليه الهجوم الإسرائيلى وبدأ أنه مرسوم ومتفق عليه وبالتالى انتظر وصولاً لرد أو تأثير إيرانى إلى مشهد الختام فى عدوان وتصعيد على مدار اكثر من عام.. هل باتت حسابات واشنطن مختلفة بعد حالة القوة والزخم والتعملق الذى بدا عليه تجمع «بريكس» على طريق بناء نظام عالمى جديد وبدأت أمريكا تعيد حساباتها وتراجع علاقاتها واستراتيجياتها بالمنطقة.
تحيا مصر