جميعنا – وأعنى جميعنا – فى أمس الحاجة لنوبة صحيان عاجلة، لن استغرق فى مقدمات شارحة، فما يجرى أمامنا وحولنا وبيننا غير مسبوق على مر التاريخ، فحتى مقدمات الحربين العالميتين الأولى والثانية لم يكن فيها العالم كما هو الآن، الوضع الحالى شديد التعقيد ويصعب التنبؤ بمساراته المدمرة، النظام العالمى عاجز عن الحركة ومؤسساته عاجزة عن التحرك، مجلس الأمن والأمم المتحدة يجلسان على كراس متحركة تسوقهم أمريكا وإسرائيل فى اتجاهات سوداوية سحيقة، وما يجرى فى إقليمنا البائس لا يحتاج إلى شرح أو إشارة، إذن وطالما الأمر هكذا فليس لدينا إلا الانتباه والحذر والاستعداد بكل أدواتنا لكل السيناريوهات المتوقعة وغير المتوقعة، علينا ان تكون أعيننا على الجبهة الداخلية، فليس صحيحاً ان صورة مصر فى الخارج هى بيت القصيد فصورة مصر فى أعين أبنائها هى الأهم والذى يرتقى لكى يكون فرض عين علينا جميعاً، علينا أن نتوقف عن الفلسفات الفارعة والمصطلحات والعبارات الفخمة التى لا تقود إلا إلى الهلاك والفوضي، وحتى لا يكون الكلام مرسلاً علينا بالآتي:
– إعلان حالة الطوارئ الإعلامية والثقافية والفكرية والبحثية حتى تتحول تلك المؤسسات إلى جزء من خطة شاملة لمواجهة تلك التحديات التى اطلق عليها الرئيس «التحديات المركبة» وهذا النوع من الطوارئ بمثابة استنهاض للهمم ومنحها الفرصة الكاملة لتفعل أدواتها بمنتهى الحرية فى إطار الخطة التوعوية وفقه الانتباه.
– خلق حالة اصطفاف وطنى حقيقى ويبدأ من الأرض وليس من الفضائيات من خلال خطة لإعادة بناء الثقة مع الشارع، وهذا سيكون دور القيادات الطبيعية المنتشرة بطول البلاد وعرضها وكذلك نواب الشعب السابقون والحاليون والمستقبليون وكذلك رجال المجالس الشعبية المحلية القديمة والمحتملة.
– تنظيم مؤتمرات جماهيرية حاشدة فى الجامعات والأندية والنقابات تقوم عليها وزارات الشباب والتعليم العالى والأوقاف والتواصل السياسى تهدف إلى شرح معمق للتحديات والمخاطر المحتملة ودور المواطن فى كل السيناريوهات.
– هذه المرحلة وتحدياتها تمثل اختباراً لكل الأحزاب والقوى السياسية المصرية، هى مرحلة فرز حقيقية لمن يعمد لحساب مصر ومن يعمد على مصر لحساب نفسه.
– لابد من فضح المزايدين والمرتزقة وفئران السفينة الذين يقتاتون على الأزمات والمتاجرة بالوطن فى بورصة الخيانة والحماقة.
– التوقف عن الأحاديث الرمادية والخروج من الخط الرمادى بأقصى سرعة فاللحظة الراهنة ليست لحظة الرماديين وإنما لحظة الرجال الحقيقيين بيد ان البعض ممن يقرأ هذا المقال قد تساوره بعض الشكوك حول المغزى من هذا القلق ودلالة هذه الكلمات الآن، وربما يتساءل البعض هل هذا تخويف للناس – معاذ الله – وهل هذه تعليمات مثلاً – معاذ الله – ويمكن أن تجد احدهم ويقول إن الوضع مستقر والعالم فى أفضل حالاته والإعلام والصحافة دورهم البحث عن شماعة تبرر الخطوات الاقتصادية، أقول لكل هؤلاء سأشعر بالاطمئنان حينما يشيع بين الناس «فقه الانتباه».