عكست مسيرة فضيلة الإمام الأكبر الراحل د.محمد سيد طنطاوى عطاء مميزا سواء فى الفترة التى تولى فيها منصب مفتى الديار أو مسئولية الجامع الأزهر شيخا له.. وفى المرحلتين التى امتدتا إلى نحو 24 عامًا نجح الشيخ محمد سيد طنطاوى فى تقديم خدمات جليلة للإسلام خاصة الاسلام الوسطى وهو صاحب الفكر المستنير والمواقف الشجاعة ضد الإرهاب والتطرف تولى د.طنطاوى المنصبين فى ذروة تحرك جماعات التطرف والتعصب المذهبى والتشدد.. فقد تولى منصبه بعد سنوات قليلة من احداث التكفير والهجرة واستشهاد الدكتور محمد حسين الذهبى.. ونجح طنطاوى الإمام فى أن يحمل لقب الامام المجدد والاصلاحى المستنير.. قدم فى مسيرة التجديد الفتاوى الجريئة وطوَّر التعليم الأزهرى بتخفيض سنوات الدراسة فى أعرق وأقدم مؤسسة علمية اسلامية أقامها الانسان بإيمانه العميق بالفكر والعلم حمل طنطاوى رسالة من سبقوه منذ تأسيس المشيخة مع أول شيخ الشيخ محمد الخراشى.. ومرورا بمن جاءوا بعده وكانت محطته رقم 43 وفى بعض المراجع 49 لكن هو شيخ الأزهر رقم «43» وتأثر كثيرا بمن سبقوه خاصة الامام محمد عبده والإمام المراغى والشيخ محمود شلتوت والشيخ جاد الحق على جاد الحق الذى كان يعتبره الأب الروحى له.. طنطاوى الذى يمر على ميلاده 96 عاماً، رفض التشدد والتطرف والخلافات المذهبية ودافع عن وسطية الاسلام وسماحته.. كان اجتهاده واضحا ومؤثرا فى التجديد بالتوفيق بين النص والعقل وكان حديثه الدائم حول توظيف الدين لبناء الدولة والمجتمع والانسان وكان مؤمنا بالحوار مع الأديان وغير الأديان وعمل على ذلك منذ توليه دار الافتاء فى 28 أكتوبر 1986 ثم بعد ذلك مشيخة الأزهر الشريف فى 27 مارس 1996 خلفا للشيخ جاد الحق على جاد الحق.. واتسمت آراؤه وفتاواه بمساحة من الاجتهاد وحافظ طوال توليه المنصبين على مسافة التوازن بين رؤيته كعالم دين باعتبار ان الدين رمانة الميزان لخدمة المجتمع.. سخر من البعض الذين وصفوه بـ «شيخ السلطة» ولم يبخل الإمام المجدد المستنير عن سعة الصدر والتسامح حتى مع خصومه وتنازل عن كثير من القضايا المرفوعة ضدهم ووقف ضد الفتنة الطائفية باعتبارها تدمر المجتمعات وكان له وجهة نظر فى الحوار مع الأديان خلاصتها أنه من المهم ألا نقفل الأبواب وشارك فى معظم مؤتمرات الحوار بين الأديان ولم تفتر همة الشيخ طنطاوى طيلة حياته «82 عاما» فى المواجهة والمشاركة فى الحوار بالرأى الوسطى الذى يعكس سماحة الاسلام ومواجهة الغلو والتطرف وكان حريصا على التقارب بين السنة والشيعة وارتبط بعلاقة قوية مع البابا شنودة الثالث بابا الأقباط الأرثوذكس ويحسب له انه ادخل التطوير والبحث من مناهج الأزهر وحذف منها الجمل المعقدة واهتم بالتطوير وحذف الحشو من المناهج.
النشأة فى سوهاج
ولد الإمام الأكبر د.محمد سيد طنطاوى رحمه الله فى سوهاج بقرية سليم الشرقية وهى القرية التى تبرع لها بقيمة جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام لبناء مجمع أزهرى ووضع وقفاً لخدمة القرية التى ولد بها وعاش فيها فترة مع اسرته.. وفى القرية التى ولد بها فى 28 أكتوبر 1928 عاش بين دروبها طفلا يحفظ القرآن وبعد أن أتم حفظه القرآن وتعليمه الأساسى أرسلته اسرته إلى الاسكندرية حيث التحق بالمعهد الأزهرى وحصل على الثانوية الأزهرية عام 1944 وعاد إلى القاهرة ليلتحق بكلية اصول الدين التى تخرج فيها عام 1958 وكان متفوقا والتحق بالتدريس ليحصل على الدكتوراه بتقدير ممتاز فى سبتمبر 1966 وعين مدرسا بالكلية عام 1968 كما اعير إلى الجامعة الاسلامية بليبيا عام 72 حتى 1976 وعاد منها ليترقى استاذا بقسم التفسير ثم عميدا لكلية أصول الدين فى أسيوط وسافر إلى العراق لمدة 4 سنوات ثم السعودية رئيساً لقسم التفسير فى الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة من سنة 80 حتى 1984 وعاد منها ليتسلم منصبه عميدا لكلية الدراسات الاسلامية والعربية عام 85.
تولى دار الإفتاء
رشحه شيخ الجامع الأزهر الراحل فضيلة الامام جاد الحق على جاد الحق لتولى منصب مفتى الديار المصرية وكان الشيخ سيد طنطاوى عندما فاتحه الشيخ جاد قال له انها «مسألة صعبة» وتم تعيينه لتولى المنصب فى 26 أكتوبر 1986 وظل فى منصبه قرابة العقد أصدر خلالها أكثر من 7557 فتوى مسجلة فى كافة القضايا فى كافة مجالات الحياة وكان تعيينه مفتيا بداية جديدة ومهمة للفتوى لرجل قادم من كلية أصول الدين وأكاديمى وله باعه الكبير فى التفسير الذى قاده لمشروعه الأكبر وهو التنوير والاستنارة وتنقية الفتوى من الشوائب والغلو والتطرف اضافة إلى التفرغ للكتابة فى الأمور التى تهم المواطنين ومن هذه المؤلفات التى أثرت المكتبة الاسلامية حول العالم التفسير الوسيط «15 مجلدا» والقصة فى القرآن الكريم وأدب الحوار فى الاسلام.. والاجتهاد فى الأحكام الشرعية.. ومعاملات البنوك واحكامها الشرعية وجوامع الدعاء فى الكتاب والسنة واحكام الحج والعمرة والحكم الشرعى فى احداث الخليج واحكام الصيام والمرأة فى الاسلام وكتابه المهم هو الشائعات الكاذبة فى الاسلام وعشرون سؤالا وجوبا وكيف حارب الاسلام الشائعات وجاء من أعماله المميزة الفقه الميسر بأجزائه.
التايمز اللندنية
قالت عنه الصنداى تايمز فى 31 أكتوبر 1991 بعد سنوات قليلة من تعيينه مفتيا ان الشيخ محمد سيد طنطاوى من بين 13 شخصية دينية على مستوى العالم لهم سمة خاصة وقالت فى عنوانها «الشخصيات التى اختارها الله» أنه الشيخ الذى يقدم الرأى والفتوى فى مصر لعموم المسلمين مشيرة إلى أن مصر بلد الأزهر الشريف ذات المكانة المميزة فى العالم الاسلامى.. وان الشيخ محمد سيد طنطاوى شخصية رئيسية فى الاسلام وانه المرجع الأساسى فى المسائل الفقهية، فهو أساس فى الفتاوى والصوت الرسمى للعقيدة.. وأشارت فى نبذة عنه انه أى الشيخ طنطاوى يعتقد ان واجب المؤمنين بالأديان السماوية هو التلاقى وان دعامة الدين كل دين هى الوحدة وليست الفرقة والاخوة وليست الصراع وان الفتاوى التلفازية أخطر ما يواجه المجتمعات الاسلامية.
شيخاً للأزهر
جاء اختياره شيخا للأزهر فى فترة دقيقة وشديدة الحساسية فقد تولى المنصب عام 1996 بعد فترة مهمة تولى فيها منصب المفتى وخلالها كانت مؤلفاته وخاصة «بنو اسرائيل فى القرآن الكريم» وهو نفسه موضوعه لنيل درجة الدكتوراة وكتابه التفسير الوسيط للقرآن الكريم ومعاملات البنوك موضوع يلقى ردود فعل مهمة فى الشارع.
طفرة فى التعليم الأزهرى
الحقيقة أن الشيخ طنطاوى أحدث طفرة فى التعليم الأزهرى، بما أسهمه من العمل على نشر المعاهد الأزهرية، لما يفوق فى عهده نحو ٩ آلاف معهد، وصلت كل القرى.
يذكر علماء الأزهر له أنه وراء إنشاء رابطة خريجى جامعة الأزهر لخدمة الطلاب الوافدين والتواصل معهم، ونجح فى تقديم حلول كثيرة للقضايا الشائكة التى كانت محل جدل والتباس عند البعض.
كانت للشيخ فتاوى جريئة ومهمة، فقد حرّم احتكار السلع ووصفه بأنه غش وخداع، وحرم كل المعاملات التى تنطوى على تخزين السلع واستغلال السوق.
تطوير كتب الأزهر
ساهم بجهد كبير فى تحسين الكتاب الأزهرى وأزال من كتب الأزهر كل التعقيدات اللغوية وجميع القضايا التى تدعو للتشدد والتعصب والاحتقان الطائفى فى رؤية وبصيرة نادرة سابقة لعصره وزمنه، وكان شديد الغيرة على الأزهر الشريف والعاملين فيه والمنتسبين إليه، ومؤمن بأهمية العمل والإنتاج، لدرجة أنه كان منقطعاً لعمله، ويقول: العمل مقدس ولابد أن نجود بما نقوم به من أعمال، ودعا رجال الأعمال إلى مزيد من أعمال الخير لخدمة المواطنين، ببناء مدارس ومستشفيات، وقال إن زكاة مالى أقدمها لصندوق الزكاة بالأزهر لصرفها فى أعمال الخير.
يمكن القول إن الفترة التى تولى فيها دار الإفتاء ومشيخة الأزهر، 10 سنوات للأولى و14 عاماً للثانية، رغم الفترة الحرجة لتوليه، إلا أنه كان بأدائه الوسطى المستنير ووسط تجاذبات مذهبية وظهور الإرهاب بصورة واضحة ليس فى مصر، لكن فى كل العالم، وما بعد حرب الأفغان.. استطاع «طنطاوى» أن يقدم عبر منارة الأزهر صورة الاسلام الوسطى، وكان له صدى كبيراً فى جنوب شرق آسيا، حيث كانت الجماعات الإرهابية تنتشر أمثال جماعة باعشير قبل داعش بعقود، والجميع كان يتصدى لها بأحاديث الشيخ محمد سيد طنطاوى.. فقد كان فى نظر عموم المسلمين شيخاً منفتحاً ومشاركاً بروح العصر فى حركة التقدم التقنى لتوعية عموم المسلمين، ولم يزج بالأزهر فى أى من التيارات المضطربة، بل جعله جامعاً وجامعة لخدمة الدين.
الإرهابيون نكبة
كان الشيخ نفسه يعى تماماً أنه جاء بعد ألفية الأزهر وخلفاً للشيخ جاد الحق على جاد الحق، وأن للأزهر دوراً حيوياً لرفع راية الدين الوسطى وعكس سماحة الاسلام، ونشر ثقافته بين أهل الأرض وكان يرى أن الارهابيين نكبة على الدين والدنيا، وأنه يجب ألا نكف عن محاربتهم، ونجح فى نشر ما يمكن تسميته لدى العوام الفقه الميسر وكان مؤمناً بأن الخلاف بين الأئمة منحة وليس محنة.
فوزه بجائزة الملك فيصل
فاز بجائزة الملك فيصل العالمية، التى تديرها مؤسسة الملك فيصل العالمية، وهى واحدة من أرفع الجوائز فى العالم الاسلامى وتقدم فى فروع خدمة الإسلام والدراسات الاسلامية والعلوم والطب وكثير من الفائزين بها فازوا بجائزة «نوبل» وبينهم الراحل المرحوم د.أحمد زويل، لكن الشيخ تبرع بالجائزة لبناء معاهد أزهرية، خاصة فى قرية سليم بمركز طما- سوهاج.
رجل الفتاوى الصعبة والمواقف الجريئة
أطلقوا عليه رجل المواقف الصعبة الواضحة، ودخل مساحات لم يدخلها شيوخ للأزهر قبله، وهو ما جعل علماء بالأزهر والعالم يعتبرونه إمام التجديد وأنه أعاد للأذهان عصر الإمام محمد عبده بفتوحاته الفقهية والإصلاحية، وامتداداً لعصر المراغى بما فيه من الإصلاح، ففى عصر «طنطاوى» وواكب الثورة التقنية والتكنولوجية.
ويحسب للشيخ سيد طنطاوى أنه فتح الأبواب للقضايا المسكوت عنها، خاصة فى وضع الأموال فى البنوك وحكم مريض «الإيدز» ورفض تماماً بعض الآراء التى تطالب بالتخلص منه، وأيضا دخل قضايا مثل فض غشاء البكارة وإجهاض المغتصبة، وكثير من القضايا التى كان الاقتراب منها يفتح النار على صاحبها، لكنه تعامل معها بجرأة العالم الواثق وقال إننى أخذت من حيث أخذ الفقهاء الكبار، معتمداً على الكتاب والسُنة.
لقاءات مثيرة للجدل
خلال توليه المشيخة، استقبل عدداً من الضيوف الزائرين لمصر، التى فتحت عليه باب الصحافة وبينها لقاء آل جور نائب الرئيس الأمريكى، ولقاء الحاخام مائير لاو وقدم تفسيره للقاءات التى أجراها، بأنه شيخ للأزهر بمنهجه الدائم للتنوير ورده أيضا معركة فيلم «حليف الشيطان» وقضية الرسوم المسيئة فى الدنمارك كان بيانه واضحاً ومعبراً عن موقف الأزهر، وطالب الأمم المتحدة بقانون دولى لتجريم ازدراء الأديان، وصدر للغرب صورة الإسلام الوسطى المتسامح.
رسالته للدكتوراه
الرسالة التى أعدها الشيخ محمد سيد طنطاوى للدكتوراه، تحدث فيها عام 1969 عن جذور العنف فى التاريخ الصهيونى، وأن تأسيس دولتهم قام على مبدأ الإبادة وفيها كشف حقيقة بنى اسرائيل وتاريخهم وأخلاقهم وأكاذيبهم، ورصد أشهر عمليات الاغتيالات التى نفذوها وقتلهم الأنبياء وبينهم زكريا ويحيى عليهما السلام، وحاولوا قتل سيدنا عيسى وسيدنا محمد وفشلوا، وقتلهم الأب توما عام 1840 وتناول فى أطروحته التى صدرت فى كتاب جرائم اسرائيل فى فلسطين وقراها، التى دمروها وأقاموا مكانها مستعمرات.
من دفتر حياته الخاصة
الشيخ طنطاوي- بحسب كلام وحديث لابنه المستشار عمرو فى الصحف- أن والده كان بسيطاً.
يقول الشيخ نفسه فى أحد أحاديثه الصحفية إنه يحب رياضة المشى وكان فى شبابه يلعب كرة قدم وسلة وكان يلعب حارس مرمى وأحياناً هجوم ويشجع اللعب النظيف، كما أنه يهوى الشطرنج والقراءة فى كل المجالات، خصوصاً القضايا الشرعية.
رحيل الشيخ المستنير
يشاء القدر أن التقى الشيخ محمد سيد طنطاوى ومجموعة من الزملاء الصحفيين قبل وفاته بنحو 14 ساعة فى مأدبة عشاء مختصرة فى منزل السفير المصرى بالرياض محمود عوف – رحمه الله – وتحدث ليلتها كمن يتحدث حديث وداع بحضور ستة من الزملاء مع عدد من رؤساء المكاتب التابعة للسفارة.. كان يتحدث بسعة صدر كبيرة وأشار ليلتها إلى احفاده ومداعبته لهم وأحاديث أخرى فرعية.. وفى الصباح تواعدت مع صديقى حسين الذى كان دائما يرتب لى مواعيد مع الشيخ وهو من المصريين العاملين فى مؤسسة الملك فيصل الخيرية ومدير لفندق الحزامى والقنصلية أن نذهب فى وداعه بمطار الملك خالد.
وفى الصباح كعادة الشيخ يصحو مبكرا مع صلاة الفجر اتصل بى الصديق حسين وأبلغنى أنه قرر الذهاب مبكرا وان سيارة السفارة وصلت فقلت له نلتقى على خير.. وبعد حوالى ساعة تقريبا المسافة بين الفندق والمطار 60 كيلو مترا جاء صوت حسين يبكى الشيخ فى ذمة الله.. توفى بينما يدخل الطائرة من البوابة 25 وان السفير ذهب إلى المستشفى حيث نقل بطائرة إخلاء طبى.. كانت لحظة قاسية لم تذهب من ذهنى حتى الآن.. وتم حمل الشيخ إلى المستشفى بالعاصمة الرياض.. وعلمنا بعد ذلك ان رغبته الدفن فى مقابر البقيع.. وهذه الأمنية تمناها أيضاً الشيخ محمد الغزالى الذى توفى فى قاعة الملك فيصل بفندق الانتركونتيننتتال بالسعودية فى ندوة بالجنادرية كان يتحدث فيها الأمير متعب بن عبدالله فى افتتاح المهرجان الثقافى بحضور قادة الفكر والرأى من العالم العربى وعدد من المستشرقين وكان يجلس أمامى وإذا بصوت غريب عرفنا انه أيضا توفى ونقل إلى المستشفى ودفن فى البقيع بعد حضور اسرته إلى الرياض.. كذلك الامام الشيخ سيد طنطاوى فى المساء دعانا السفير لوداع الجثمان على طائرة خاصة إلى المدينة المنورة فى لحظة لم أنسها حتى الآن بعد 14 ساعة من حواره وعشاؤه معنا فى منزل السفير.. رحمه الله.
وأمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز بطائرة خاصة حملت جثمان الشيخ المستنير إلى المدينة المنورة ليدفن بعد الصلاة عليه فى مسجد الرسول الحرم المدنى الشريف فى البقيع بين مقبرة ابراهيم بن الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام وضريح الامام مالك.
وبوفاة الإمام محمد سيد طنطاوى أنهى 14 عاما فى كرسى مشيخة الأزهر خاتما رحلة حياة بدأت فى قريته بسوهاج مركز طما ثم فى الإسكندرية حيث واصل تعليمه الأزهرى قبل أن يعود إلى القاهرة ويلتحق بكلية أصول الدين وحصوله على الدكتوراه فى رحلة حياة أثمرت العديد من الكتب التى قدم فيها الإسلام الوسطى.. وبرغم المعارك التى خاضها ضد معارضيه إلا السماحة لم تغرب عنه كإمام وسطى يدعو لسماحة الإسلام حيث قدم الاسلام الوسطى فى جولاته إلى آسيا وأوروبا وروسيا وكل العالم.. فقد رحل الإمام عن عمر يناهز 82 عاما لكن أعماله باقية لا تموت.
عاش فضيلة الإمام محمد سيد طنطاوى 24 عاما ما بين مفتى الديار المصرية «دار الافتاء» وشيخا للأزهر التى استمر بها 14 عاما وجاءت وفاته وكأن الله يرسل له هدية ليدفن فى البقيع ودفن فى البقيع بين قبر إبراهيم ابن رسولنا الكريم محمد بن عبدالله والإمام مالك.
قالوا عن الشيخ طنطاوى
الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، قال إن د.سيد طنطاوى كان شديد التواضع، يمكن لأى مواطن مقابلته زاهداً فى الدنيا، حيث رفض أن تدفع له الجامعة تكاليف علاجه فى مستشفى وادى النيل، بعدما أجرى جراحة بقلبه، ودفع التكاليف من ماله الخاص، رغم أنه أستاذ غير متفرغ يحق له العلاج من ميزانية الجامعة.
البابا شنودة
وصف قداسة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الإمام محمد سيد طنطاوى بأن وفاته خسارة كبيرة وفقدان لشخصية عظيمة يقدرها العالم الاسلامى بصفة عامة والشعب المصرى والعربى بصفة خاصة.
الدكتور محمود حمدى زقزوق:
إنه أدى رسالته حتى اللحظة الأخيرة على خير وجه، فقد عاش طوال حياته مجاهداً على نشر قيم الاسلام الرفيعة كالاعتدال والوسطية والتسامح.
د.على جمعة:
لقد فقدت الأمة الاسلامية شيخاً مفسراً فقيهاً كبيراً علماً من أعلامها وكوكباً من كواكب الهداية ورمزاً شامخاً من رموزها العظماء.