بعد الانتشار الرهيب للعديد من منصات التواصل الاجتماعى خلال الـ 20 عاماً الماضية وظهور منصات جديدة كل فترة بدأت المفوضية الأوروبية فى الشهور الاخيرة فى اتخاذ إجراءات رسمية ضد بعض تلك المنصات بموجب قانون جديد للخدمات الرقمية للتحقق فيما إذا كانت تلك المنصات توفر ما يكفى من حماية للأطفال من البيانات غير المرغوب فيها.
وبالفعل اعلنت المفوضية أنها سوف تبدأ خلال الأسابيع المقبلة بإجراء تحقيقات ضد إحدى المنصات للبحث حول عدم التزامها وفقاً لقانون الخدمات الرقمية الجديد من الحد من المخاطر التى قد يتعرض لها القاصرون من استخدامها كأحد منصات التواصل الاجتماعي.
ونقلت وكالات الانباء مؤخراً عن تيرى بريتون مفوض الاتحاد الأوروبى لشئون السوق الداخلية قوله إن «حماية القاصرين هى أولوية قصوى لتطبيق قانون الخدمات الرقمية وباعتبار تلك المنصة تصل إلى ملايين الأطفال والمراهقين يجب عليها الامتثال الكامل للقانون ولعب دور خاص فى حماية القاصرين.
حيث أرسلت المفوضية الأوروبية طلباً إلى تلك المنصة تطالب فيه بالإبلاغ عن التدابير المتخذة لمكافحة المعلومات المضللة وانتشار المحتوى غير القانونى عبر الإنترنت وأتى هذا الطلب وسط بيانات من المفوضية تظهر زيادة فى مستوى التضليل والدعوات للعنف عبر الإنترنت بسبب التصعيد الحاد للصراعات والحروب فى بعض المناطق وفى وقت لاحق ذكرت المفوضية أنها تلقت ردوداً من منصات الإنترنت على الطلبات المتعلقة بمكافحة المعلومات المضللة عبر الإنترنت وتقوم بدراستها.
وهناك بالفعل العديد من منصات الإنترنت الشهيرة التى بدأت المفوضية الأوروبية التحقيقات بشأنها بموجب القوانين الجديدة منها ما هو عالمى ويصل روادها إلى ملايين المستخدمين بل وتزداد اتساعاً فى الانتشار بشكل كبير وهو ما يثير المخاوف من تأثيرها المباشر على صغار السن.
وتجدر الإشارة إلى أن قانون الخدمات الرقمية الجديد دخل حيّز التنفيذ فى الاتحاد الأوروبى فى 25 أغسطس 2023 وبموجبه يتعين على المنصات الرقمية مكافحة العنصرية وبيع المخدرات والمنتجات المقلّدة ومحاربة انتشار المواد الإباحية والمعلومات المضللة المتعلقة بالأطفال عبر الإنترنت كما يتعيّن على المنصات شرح عمل خوارزمياتها وإصدار التوصيات بشأن الأمور المذكورة.
واستجابت منصات التواصل الاجتماعى بل خضعت للمراجعة وبدأت فعلاً فى اتخاذ التدابير اللازمة وكما أعلنت إحدى منصات الفيديوهات الشهيرة فإنها كانت من أوائل المنصات التى ابتكرت خصائص وإعدادات حصرية لحماية المراهقين ووضعت قواعد صارمة بعدم السماح لمن هم دون 13 عامًا بإنشاء حسابات على المنصة وهى التحديات ذاتها التى تواجهها الصناعة بأكملها.
وأكدت منصة الفيديوهات الشهيرة أنها ملتزمة بمواصلة العمل مع الخبراء والمسئولين عن المنصات الإلكترونية لتوفير مساحة آمنة للشباب وتطمح فى أن تتاح لها الفرصة لشرح آلية العمل بالتفصيل للمفوضية، هذا ما جاء على لسان المتحدث الرسمى لتلك المنصة.
وإذا كان المجتمع الغربى قد بدأ فعلا فنحن فى مجتمعاتنا العربية فى أشد الحاجة إلى مراجعة جميع منصات التواصل الاجتماعى والتأكد دائما من التزامها بالمعايير الدولية فى التعامل مع مختلف القضايا وخاصة فيما يخص صغار السن الذين من السهل إمدادهم بمعلومات مغلوطة بل وتضللهم.
وكما تقدم تلك المنصات محتوى هادفاً فى كثير من الأوقات فإن عليها مراعاة أى محتوى ضار أو يقدم سلوكاً عدوانياً يستهدف إثارة الفتن وعلينا نحن اتخاذ التدابير اللازمة نحو حماية النشء من أى محتوى أو فيديوهات لا تتلاءم مع مجتمعنا العربي.