ماذا وراء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة؟! وهل إسرائيل تعيش حالة من الانكسار الاستراتيجى بعد هجوم حماس فى 7 أكتوبر الماضي؟!
وهل يخطط يهود العالم لاشعال حرب عالمية ثالثة إذا لم يتمكن يهود العالم من الانفراد بالسيطرة على كوكب الأرض فى القرن الحادى والعشرين؟!
ويواجه اليهود دائما الاتهام بأنهم كانوا وراء اشتعال الحربين العالميتين الأولى والثانية فى القرن العشرين!!
اليوم هناك حقائق وتحولات استراتيجية عالمية واقليمية واسعة ظاهرة وواضحة فى كل مكان من العالم امام عيوننا.
على المستوى العالمى هناك قوى تتراجع وقوى اخرى تصعد وتتقدم وعلى المستويات الاقليمية هناك حقائق جديدة تفرض نفسها على جميع الاطراف ويتردد بقوة فى واشنطن ان القوى الاقليمية المتوسطة الصاعدة فى العالم هى مصر والبرازيل و تركيا وحتى الهند سوف يكون لها تأثيرها ونفوذها ومصالحها المستقلة تماما.
ومن الواضح أن كل الأزمات والصراعات والحروب الدموية الاقليمية والدولية لا تشتعل من فراغ وبطبيعتها نجد دائما أن هذه الحروب والصراعات تؤدى لظهور حقائق جديدة تماما تفرض نفسها على جميع الاطراف اقليميا ودوليا والصورة واضحة تماما فى منطقة الشرق الاوسط وهناك خارطة جيواستراتيجية جديدة تفرض نفسها حاليا وفى المستقبل.
واشنطن بوست تطالب بكشف أسرار أسلحة إسرائيل النووية
صحف العالم:خطوط مصر الحمراء.. واضحة تماما
تراجع الأوهام
وظهرت القوة والقيمة الحقيقية للدول المركزية فى المنطقة وتراجعت القوة المزعومة دولة مفتعلة ومصطنعة نعم ظهرت حقائق القوة الاصلية والطبيعية وظهرت الاسس والقواعد الجيواستراتيجية والجيوسكانية التى لا يمكن ويستحيل استبعادها.
فقد حدث بكل تأكيد تحول استراتيجى مهم فى الشرق الاوسط وبدأت اوهام وأكاذيب الصهيونية العالمية تتراجع بقوة امام حقائق التاريخ والجغرافيا الاقليمية التى يستحيل على اى أحد تغييرها ويعترف الامريكيون دائما بالعجز امام حقائق الجغرافيا.
فقد حدثت مفاجأة حقيقية كبرى منذ أيام ترددت اصداؤها فى مختلف انحاء عواصم الشرق الاوسط والعالم حيث قامت القوات المسلحة المصرية بنشر الآلاف من الوثائق الجديدة الخاصة بحرب اكتوبر .
ومنذ ايام اعترف رئيس الوزراء الاسرائيلى نتنياهو بأن الازمة فى الشرق الاوسط لم تكن ابدا بسبب عدم وجود دولة فلسطينية ولكن الازمة تكمن فى وجود دولة اسرائيل وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية ان نتنياهو يكاد يعترف بانعدام شرعية وجود دولة اسرائيل!!
وحين تزعم اسرائيل انها تقاتل من اجل البقاء والوجود نجد من يتساءل فى واشنطن فى دهشة وهو يقول إن اسرائيل قد لا تسلم من ايدى القدر والزمن.
فقد اتضح بالتجربة وبالتاريخ ان كل مؤامرات الصهيونية التوسعية مجرد اوهام تسقط من ذاكرة التاريخ مثل أوراق الخريف.
اسرائيل بطبيعتها لا تعرف سوى لغة القوة وتفرض وجودها الاقليمى بالقوة المسلحة لكن الواقع الاستراتيجى الجديد اقليميا وعالميا يؤكد ان الواقع الاستراتيجى لإسرائيل يتآكل.
الفشل الإسرائيلي
وبعد هجوم حماس التاريخى على اسرائيل فى 7 اكتوبر الماضى اتضح كما يقولون فى تل ابيب أن اسرائيل فشلت فى احتواء تهديدات حماس لها فى الجنوب بقطاع غزة وفى الشمال اتضح ان اسرائيل عاجزة عن احتواء خطر ميليشيات حزب الله اللبنانى وفى جنوب البحر الاحمر اتضح ان ميليشيات الحوثى تبدو أبعد واصعب من ان تصل اليها اسرائيل واضطرت امريكا وبريطانيا للتدخل المباشر.
وفى اقصى الشرق فى الخليج العربى تبقى ايران هناك تمثل الخطر الاكبر الذى يهدد اسرائيل كما يقولون دائما فى تل ابيب.
مبادرة إسرائيلية
هذه هى الصورة الاقليمية فى الشرق الاوسط كما تتحدث عنها صحف اسرائيل هذه الايام.
وكانت مفاجأة حقيقية حين تحدثت صحيفة جيروز اليم بوست الاسرائيلية عن امكانية قيام اسرائيل بمبادرة سلام مفاجئة تجاه لبنان.
ويؤكد الاسرائيلى دان بيرى انه يمكن لاسرائيل من خلال هذه المبادرة ان تنتزع المبادرة الدبلوماسية فى الشرق الاوسط وتعرض على لبنان الانسحاب من مزارع شبعا اللبنانية وتلالها التى لا تزيد مساحتها على تسعة أميال مربعة فى مقابل السلام مع لبنان ومع ميليشيات حزب الله اللبنانى حتى لو احتفل حزب الله بالنصر.
فقد ادت المعارك الاخيرة بين الجيش الإسرائيلى وميليشيات حزب الله إلى تهجير مائة ألف من سكان المستوطنات الاسرائيلية فى الشمال ويؤكد دان بيرى ان كلام اسرائيل بالتصعيد العسكرى ضد ميليشيات حزب الله فى لبنان سوف يؤدى لتعرض اسرائيل لهجوم هائل بالصواريخ يدمر أجزاء واسعة من تل ابيب حيث سوف تكون الخسائر فادحة فى الارواح والممتلكات وسوف يتصاعد الخوف والفزع بين ابناء الشعب الاسرائيلي.
اسرائيل يمكنها تدمير بيروت ويمكنها تدمير البنية التحتية فى لبنان لكن بطاريات الدفاع الجوى الاسرائيلية تبقى عاجزة عن مواجهة صواريخ حزب الله اللبنانى وهذا يؤكد ان التصعيد العسكرى مع حزب الله اللبنانى لا يخدم مصالح اسرائيل حاليا على الاقل.
تقاليد المفاجأة
ويبدو أن من تقاليد الشرق الاوسط ان كل الحروب والصراعات تحدث فيه فجأة ولذلك وجدنا صحيفة الواشنطن بوست الامريكية تلقى بورقة جديدة متوحشة تؤكد فيها ان الوقت قد حان لتقوم الولايات المتحدة الامريكية بكشف جميع الحقائق الخاصة بأسلحة اسرائيل النووية.
وقد جاء ذلك فى مقال كتبه ثلاثة من خبراء الأمن القومى والمخابرات الأمريكية هم ويليام بور وريتشارد لوليس وهنرى سوكولسكي.
لعبة الحرب النووية
اشار الثلاثة إلى تصريحات بعض المسئولين الإسرائيليين الذين طالبوا بضرب قطاع غزة بالأسلحة النووية الاسرائيلية بعد هجوم حماس التاريخى على اسرائيل.
اشار الأمريكيون الثلاثة إلى وجود قانون امريكى يحظر على اى مسئول امريكى الإعلان عن حقائق اسلحة اسرائيل النووية لكن كبار المسئولين فى اسرائيل اعترفوا مؤخرا بامتلاك اسرائيل للأسلحة النووية.
وينص القانون الامريكى على طرد أى مسئول امريكى من منصبه إذا حدث وكشف اسرار اسلحة اسرائيل النووية لكن احد مراكز ابحاث الامن القومى الامريكى اجرى مؤخرا ما يطلقون عليه »لعبة الحرب«.. من خلال سيناريو خيالى بالكمبيوتر لقيام حرب نووية بين اسرائيل وإيران وهذه نوعية من سيناريوهات الحرب التى تقوم بها احيانا مؤسسات وزارة الدفاع الامريكية علنا وسرا فى أحيان كثيرة.
فى سيناريو الحرب النووية التخيلية فى الشرق الاوسط قامت اسرائيل بتوجيه ضربتين بالأسلحة النووية لايران القت خلالها 51 قنبلة نووية على مختلف المواقع والمنشآت النووية الايرانية.
وردت ايران بضربة نووية على اسرائيل وتردد ايران دائما انه يمكن تدمير اسرائيل بقنبلة نووية واحدة.
أسئلة بلا إجابات
وفى سيناريو الضربات النووية الاسرائيلية التخيلية لإيران تزايدت الشكوك وبقيت اسئلة كثيرة بلا اجابات فقد تعرضت إيران للضرب بـ 51 سلاحاً نووياً اسرائيلياً ولم يتأكد احد من دمار المنشآت النووية الايرانية الموجودة تحت الاعماق فى باطن الارض ولم يتضح موقف امريكا والصين وروسيا وكيف يمكن لأى منهما التدخل فى هذه الحرب النووية؟!
وفى النهاية مازالت امريكا ترفض الضغط على اسرائيل للتنازل عن اسلحتها النووية بدعوى انها مازالت تواجه مخاطر كبرى تهدد بقاءها ووجودها.
وفى النهاية تساءلت واشنطن بوست الامريكية وقالت لقد فوجئ العالم بتهديدات اسرائيل مؤخرا بقصف غزة بالقنابل النووية فهل يمكننا القول إن الاحتفاظ بأسلحة اسرائيل النووية سرا محفوظ لا يتحدث عنه احد يحترم مصالح الامن القومى الأمريكي؟!
الإغراء النووي
اكدت واشنطن بوست انه حتى لو ادعت امريكا كذبا انها لا تعلم شيئا عن اسلحة اسرائيل النووية فإن ذلك لن يمنع ايران والسعودية ومصر وتركيا وكوريا الجنوبية وحتى اليابان من السعى لامتلاك اسلحة نووية.
وما هى جدوى الاحتفاظ بأسرار الترسانة النووية الاسرائيلية وهى الاسرار التى يعرفها العالم كله واليوم اسرائيل ذاتها اعترفت وهددت بضرب غزة بالسلاح النووى لكن امريكا مازالت تلتزم بالصمت!!
وقف المذبحة
ووسط هذه السيناريوهات الصعبة للحرب والصراع فى الشرق الاوسط تتصاعد الدعوات فى العالم تطالب بوقف المذبحة التى ترتكبها اسرائيل فى قطاع غزة ضد الشعب الفلسطينى بعد سقوط اكثر من 30 الف شهيد واكثر من مائة الف مصاب ومفقود بعد 4 شهور عن الحرب الدموية.
وذكرت لوموند الفرنسية انه لم يبق من الزمن سوى القليل جدا حتى يتجنب العالم مخاطر ان تتحول مدينة رفح الفلسطينية فى غزة إلى جحيم يموت فيه الآلاف ويتعرض فيه مئات الآلاف للتهجير القسرى من اراضيهم فى غزة.
وتلوح اسرائيل بتهديداتها الدموية ضد مدينة رفح الفلسطينية ويؤكد الاسرائيليون انه لا يمكن وقف اطلاق النار فى غزة بدون الافراج عن الرهائن وبدون هزيمة حماس وهناك يكتشف العالم ابعاد الهزيمة الاستراتيجية التى تعرضت لها اسرائيل فى غزة.
مخاطر إقليمية كبري
وبعد اربعة شهور من حرب الابادة ضد الشعب الفلسطينى فى غزة فشلت اسرائيل فى الافراج عن الرهائن بالقوة المسلحة وفشلت فى الحرب ضد حماس.
لكن التهديدات الاسرائيلية باقتحام رفح بالقوة المسلحة يثير اسئلة كبرى فى امريكا وهى اكبر حلفاء اسرائيل فى العالم.
ويعترف الامريكيون بأن قيام الجيش الاسرائيلى باقتحام مدينة رفح فى جنوب غزة سوف يؤدى لكارثة انسانية رهيبة يمكن ان يذهب ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى من ابناء الشعب الفلسطيني.
لكن اقتحام رفح ينطوى ايضا على مخاطر اقليمية كبرى لان هذه المدينة تقع على الحدود المباشرة للقوة الاقليمية العربية الاولى وهى مصر.
وقد اكدت مصر من جانبها أنها تتابع الموقف فى رفح لحظة بلحظة وهى مستعدة لكل السيناريوهات ولكن التهديدات الاسرائيلية المتصاعدة ضد رفح لا تسقط فوق آذان مغلقة فى واشنطن.
الامريكيون يتساءلون الآن بوضوح ويقولون هل يمكن ان تقوم مصر بتعليق العمل باتفاقيات السلام مع اسرائيل إذا قامت باقتحام مدينة رفح بالدبابات والطائرات؟!
ويؤكد الامريكى جورجيو كافيرو ان الخبراء مازالوا حتى الان يستبعدون هذا الاحتمال لكن التداعيات المحتملة لقيام اسرائيل بغزو رفح بالدبابات تجعل كل شيء واردا ومحتملا ومن الصعب تصور ردود الفعل المصرية وموقف القاهرة المبدئى الثابت الرافض للتهجير القسرى لابناء الشعب الفلسطينى من ارضهم فى غزة.
هناك فرق
ويقول جورجيو كافيرو إن مصر طالبت ومعها كل دول العالم بوقف اطلاق النار فورا فى غزة لكن هناك فارق هائل وهو ان مصر هى الدولة العربية الوحيدة التى لها حدود مشتركة مع قطاع غزة وهذا يجعل المخاطر عالية جدا بالنسبة لمصر وكلما طالت الحرب الإسرائيلية على غزة تزايدت المخاطر على اقتصاد مصر وامنها القومى ومدينة رفح بطبيعتها تقع على الحدود المباشرة مع مصر وهى مدينة لا تزيد مساحتها على 25 كيلو متراً مربعاً ويقيم فيها 300 الف فلسطينى اضيف اليهم 1.4 مليون لاجئ بسبب الحرب.
تحذيرات واضحة
اليوم تدعى اسرائيل وجود 4 كتائب لحركة حماس فى رفح ويهدد نتنياهو باقتحام المدينة وتستعد القوات الاسرائيلية لاقتحام رفح فعلا.
وقد وجهت مصر تحذيرات واضحة لاسرائيل أمام العالم كله من ان اقتحام رفح يمكن ان يؤدى إلى نزوح أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين إلى سيناء فى كارثة انسانية ونكبة فلسطينية ثانية لا توصف بأية كلمات.
الخط الأحمر
وحذر الاتحاد الاوروبى رسميا من ان اقتحام رفح لن يؤدى لكارثة انسانية كبرى فقط بل سوف يؤدى إلى توتر شديد بين مصر واسرائيل.
وقد اكدت مصر ان مثل هذه الخطوة تشكل خطا احمر لا يمكن السماح لاسرائيل بتجاوزه تحت اى ظرف.
ويؤكد الخبير الاستراتيجى الايطالى جوزيب دينتس من ان اقتحام الجيش الاسرائيلى لمدينة رفح من شأنه ان يعرض علاقات اسرائيل مع مصر للخطر ويعرض اتفاقيات كامب ديفيد للخطر.
وذكرت الصحف الامريكية ان سامح شكرى وزير الخارجية قد نفى ما تردد من انباء حول قيام مصر بتجميد اتفاقية السلام مع اسرائيل لكنه اكد ان استمرار مصر فى الالتزام باتفاقية السلام يعتمد ايضا على مدى التزام اسرائيل بها وهذا يؤكد ان مصر على حق فى الشعور بالقلق تجاه تصريحات نتنياهو ورغبته فى انتهاك بنود اتفاقية السلام بفرض السيطرة الاسرائيلية على محور فلادليفيا على حدود مصر مع غزة.
لعبة الصقور
وفى النهاية تقف واشنطن على اطراف اصابعها خوفا من مخاطر وتداعيات قيام اسرائيل باقتحام مدينة رفح فقد اثبتت الاحداث ان اسرائيل لا تعبأ بقانون او مبادئ كما ان رئيس الوزراء الاسرائيلى نتنياهو يجد فى حرب الابادة على غزة قارب النجاة الوحيد لحياته السياسية.
الاسئلة الصعبة تطرح نفسها على كل الاطراف ولا توجد اجابات واضحة رغم ان الانكسار الاستراتيجى الاسرائيلى اصبح واضح الابعاد وهذا هو السر فى تصاعد شهوة الانتقام العسكرى الاسرائيلى لدى نتنياهو وجنرالات تل ابيب.
وكان الرئيس الراحل انور السادات يقول دائما إنه لا يوجد فى اسرائيل حمائم وصقور كما يتردد فى تل ابيب لانه لا يوجد فى اسرائيل سوى الصقور والسوبر صقور وهم الاغليبة الصهيونية.
هكذا تبقى كل الاسئلة بلا اجابات ولا احد يدرى ماذا وراء حرب الابادة الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة؟! لكن الواضح امام العالم ان اسرائيل تعيش حاليا فى حالة من الانكسار الاستراتيجى لم يسبق لها مثيل على مدى 75 عاما هى كل تاريخ وجودها.
ويبقى اليهود الصهاينة موضع الاتهام فى عيون العالم دائما بأنهم كانوا وراء اشتعال الحرب العالمية مرتين خلال القرن العشرين فى 1914 وفى 1939.
ويخشى العالم اليوم ان يخطط اليهود لحرب عالمية ثالثة فى القرن الحادى والعشرين لضمان استمرارهم فى السيطرة على كوكب الارض وضمان بقاء دولة اسرائيل