القصة الكاملة لفيلم نادر
أرسل لى صديق فيلم نادر لم أراه فى احتفالات اكتوبر التى ما زالت مستمرة على قناة (الوثائقية) وعلى كافة القنوات، الفيلم أنتجته قناة النيل للأخبار عام 2003 وبأمر من الأستاذة سميحة دحروج رئيسة القناة وقتها، وفيه القصة الكاملة لإنشاء سلاح مصرى جديد، هو سلاح الصواريخ (سطح :سطح) المحمولة على لنشات، فى النصف الاول من عام 1960، وحيث تكون السرب الاول منه من لانشين يحملان ارقام 501 و504، وكانت القوات البحرية قد خرجت من عدوان اسرائيل عام 67 بدون اشتباكات مع العدو، وبالتالى بدون خسائر، ومع ذلك كان الموقف صعبا على أفرادها بعد هزيمة سميت بالنكسة وهو ما عبر عنه بعض أفرادها فى الفيلم (الملازم اول حسن حسني) قائلا (كنا مش قادرين نواجه الناس فى كل مكان وشعرنا بالخجل من النزول للشارع ومواجهة نظرات الناس) اما الملازم ممدوح منيع فقد شرح حالة الإحباط التى طالت الجميع وقتها، وحالة الذهول كما اكد هذا النقيب لطفى جاد الله قائد اللنش 504، وتبدأ الاحداث بعد النكسة بصدور قرار فورى من قيادة القوات البحرية لفريق السلاح الجديد بالعودة الى قاعدة بور سعيد البحرية، (كانوا يتظاهرون بأنهم صيادون سمك) وفى الاستراحة التى أقاموا بها وجدوا مجموعة اخرى هم ضباط سرب لانشات الطوربيد بقيادة النقيب عونى عازر، وكانت اجهزة العدو تراقب المنطقة، وبدأت مدمرته (إيلات) تتحرك وتقترب من السواحل المصرية فى بورسعيد وعلى ظهرها وقف الضباط الاسرائيليون بغرور يستعرضون انفسهم، وعندئذ صدرت التعليمات للنقيب عونى بالخروج لتحذير الهدف، وعدم الاشتباك إلا فى حالة الدفاع الشرعى عن النفس (اعترافات العميد محمود فهمى رئيس شعبة عمليات القوات المسلحة فى الفيلم) وخرجت لانشات الطوربيد لتواجه سوء احوال جوية، وتقنية، وحينئذ خرجت مدمرات و لانشات العدو، وفتحت النيران على لنش الطوربيد الثانى بقيادة النقيب ممدوح شميس ليغرق ويستشهد كل أفراده، ويبقى اللنش الاول فى مواجهة غير متكافئة مع المدمرة ايلات، فيأمر النقيب عونى عازر فريقه بالقفز فى المياه، ويبقى وحده فى مواجهتها وقد قرر ان يصطدم بها ويصيبها، لكن القصف عليه تضاعف حتى انفجر وهو على بعد 30 مترا منها، وتناثرت شظاياه عليها، (قالت شقيقته فى الفيلم ان والدتها لم تصدق فى البداية ولكنها وزعت حلويات على المعزين فى الكنيسة وقالت لهم ان ابنها ذهب الى السماء وهو عريس).
الثأر الكبير
اصبح الثأر واجبا، وانتظاره صعبا، وبدأ الفريق يجهز نفسه وسريعا ما عادت إيلات، ومعها قطع بحرية اسرائيلية اخرى للتسكع على حدود المياه الإقليمية لمصر، وبعدها دخلت باخرتان إسرائيليتان لمساحة اكثر لتصلا الى بعد 40 مترا شرق الميناء، ثم تخترق ايلات الميناء لميل ونصف قبل ان تعود للمياه الدولية، وهنا يطلب الفريق محمد فوزى القائد العام للقوات المسلحة من الرئيس عبد الناصر التصديق على مواجهة العدو وتبدأ صواريخ السطح/سطح والفريق فى الخروج بقوة دفع هائلة، ويصطدم اولها بالمدمرة، اما الثانى فقد نتج عنه عمود دخان كبير وتأكيد على إصابة الهدف، والذى تبين بعده من خلال اعادة تشغيل الرادار مفاجأة كبرى هى ان مدمرة اخرى غرقت مع ايلات،وبذلك اغرق لاسرائيل مركبان فى ساعة واحدة،، (قال الرئيس عبد الناصر حين ابلغوه أنه هو اسعد خبر سمعه منذ الحرب). وفورا تلقت الخارجية المصرية رسالة من الجنرال اوتيول كبير مراقبى الأمم المتحدة تطلب إيقاف النار حتى تتمكن البحرية الإسرائيلية من تنفيذ عمليات الإنقاذ لمن كانوا فى المدمرتين،، ووافقت مصر للدوافع الانسانية، بينما عايش ابطال العمليتين استقبالات كبيرة بعد عودتهم للاسكندرية، ووصولهم قبل الفجر، ليجدوا كل السفن تعلى سواريها تحية لهم، وفرق شعبية تحييهم على الشاطئ، وبدأ الناس يعطوننا حقنا،
يكمل الابطال من خلال الفيلم المفاجات السريعة بعد العودة للاسكندرية، فقد ركبوا بعدها فورا طائرة خاصة أرسلها الفريق محمد فوزى لتحضرهم ووجدوه ينتظرهم على باب مكتبه، ثم وصل بعدها الكاتب محمد حسنين هيكل ليقول لهم انه متشوق لمعرفة الذين قاموا بهذا العمل البطولي، وحين لاحظ انهم فى مرحلة الشباب قال (لن تشعروا الان بما قدمتم، وماذا فعلتم)، وظهرت الصحف المصرية تحمل عناوين اغراق قطعتين بحريتين للعدو الذى حاول الادعاء أنهما هدف واحد ، وليعرف المصريون تفاصيل خسائر العدو التى وصلت الى 47 قتيلاً، و90 جريحا منهم قائد المدمرة ايلات، بينما جاءت رسائل الصحافة الإسرائيلية ملخصة فى ان (هناك جولات اخرى قادمة)، وهى تهديدات لا تخيف بلد بحجم مصر، ولا ابطال بحجم هؤلاء الأبطال الذين استحقوا وسام النجمة العسكرية وخطاب تقدير من الرئيس عبد الناصر، اما الناس فى الشوارع وفى كل مكان، فلم يتخيل ابطال البحرية ردود افعالهم، فقد كانوا يوقفونهم فى الشوارع، ويقدمون لهم التحية والكازوزة وهو ما عبر عنه الملازم حسن حسنى قائلا (بدأ الناس وقتها يعطوننا حقنا، ويقدرون جهدنا بعد الشماتة فينا) ولعل اكثر ما تأثر به هو الخطابات التى تلقاها من طلبة فى الصفوف الابتدائية وغيرها، ومن الدول العربية،وخطابات لشعراء. وزجالين، فقد تحولت البطولة الى أسطورة شعبية رفعت معنويات الجميع، واصبح يوم المعركة (21 اكتوبر) هو عيد البحرية المصرية منذ عام 1970.
وبرغم انتاج فيلم روائى هو (يوم الكرامة ) للمخرج على عبد الخالق ،، يبقى هذا الفيلم الوثائقى من اهم وأروع الافلام عن هذه المعركة بكل ما أضافه من معلومات وتفاصيل دقيقة، وهو ما تستحق عليه قناة النيل للأخبار كل الاحترام والتقدير بكامل فريقها من رئيستها سميحة دحروج (التى تحولت هنا الى منتج فنى للفيلم) وكانت سيناريو الفيلم ومخرجه حسين الرزاز والسيدة نجوى ابو النجا التى أشرفت على انتاجه، ويبقى ان يعرض علينا وان يراه الناس، ابناء واحفاد هؤلاء الأبطال ليدركوا معانى اكبر وأعمق عما تعرضت له مصر، وواجهته .