الاقتصاد العالمى يواجه تقلبات حادة وتغيرات غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة لعدة أسباب أولها عدم التعافى التام عقب الأزمة المالية العالمية عام 2008، ثم تداعيات جائحة كورونا فى الربع الأخير من عام 2019 وصولاً إلى الحرب الأوكرانية – الروسية التى مازالت مستمرة ومن ثم زيادة التوترات والصراعات الجيوسياسية غير المسبوقة، مما دفع العديد من الدول وخاصة الناشئة الى تدشين استراتيجيات لاحتواء الآثار الحالية والمستقبلية التى تهدد الاقتصاد العالمى وايجاد حلول وآليات لامتصاص الصدمات الاقتصادية الحالية والحفاظ على الامن والسلم الاجتماعى وحماية اقتصاداتها والسعى لتحقيق معدلات نمو للتغلب على الآثار السلبية للازمات المتعاقبة واحتواء الزيادة السكانية لديها.
تداعيات الاحداث وتطوراتها دفعت مصر الى البحث عن سبل بديلة تمكنها من تحقيق النمو الاقتصادى المطلوب والاستغلال الاكثر فاعلية لمقومات الاقتصاد المصرى واحتواء التحول الاقتصادى العالمى والحد من الآثار والتقلبات الاقتصادية العالمية وكان من احد واهم هذه الحلول هو الانضمام لمجموعة «البريكس» كقوة اقتصادية تمثل 46 ٪ من سكان العالم و32 ٪ من الناتج المحلى الاجمالى العالمي.
على الرغم من التحديات التى يواجهها الاقتصاد المصرى نتيجة الازمات العالمية والتوترات الجيوسياسية، والمتمثلة فى فجوة التمويل، والحفاظ على معدلات نمو مرتفعة، وارتفاع اسعار السلع الاساسية، والتضخم والدين الخارجي، وعجز الميزان التجارى جاء انضمام مصر رسميا فى يناير الماضى الى تجمع بريكس الذى يضم قوى اقتصادية كبرى روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب افريقيا وبما تملكه من عوامل للانطلاق وقدرات كقوة اقليمية مؤثرة، لكى تمثل إضافة لأى تكتل اقتصادى اوتجمع قارى عالمي، مما دفع «مجموعة بريكس» إلى دعوة مصر للانضمام اليها من بين أكثر من 20 دولة طلبت ذلك قبل قمة العام الماضى فى جنوب افريقيا، وبالتالى خطوة مهمة للاقتصاد المصرى سوف تؤثر تاثيرًا إيجابيًا على الاقتصاد.
والحقيقة ان مكاسب مصر بعد انضمامها لمجموعة البريكس عديدة وتتمثل فى تعزيز تواجدها على الساحة العالمية وقدرتها على تنويع علاقاتها الدولية، وتنشيط التعاون الاقتصادى مع دول المجموعة، وزيادة حجم التجارة وفتح اسواق جديدة لتصدير منتجاتها وفتح قنوات استثمارية جديدة، والاستفادة من الخبرات والامكانيات المالية والتقنية والاستشارية للمؤسسات التابعة للمجموعة، وتعزيز الشراكات فى مجالات الطاقة المتجددة والتكنولولجيا الحيوية مما سيساهم فى تعزيز معدلات الانتاج والتصنيع من خلال تبادل الخبرات، واتاحة المجال لخلق سوق مشتركة لترويج السلع والمنتجات، وتحقيق تنمية اقتصادية تعود بالنفع علينا، بالاضافة الى خفض الطلب على الدولار تدريجيا وهو امر حيوى لتطوير الاقتصاد سوف يؤثر بشكل متدرج على اسعار السلع وكبح جماح التضخم، وكذلك تعظيم القيمة المضافة للموقع الجغرافى لمصر والاستفادة من موقعها كأفضل الواجهات اللوجستية اقليميًا، وكذلك زيادة الاستثمارات الموجهة من دول البريكس الى مصر وايجاد آلية تمويل دون التدخل فى شئون الدول وتراعى البعد الاقتصادى الاجتماعي.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. «البريكس» هو تجمع اقتصادى صاعد يمثل اقتصادات مؤثرة فى العالم وخطى خطوات سريعة جدا فى عشر سنوات، واصبح يمثل ربع الناتج الاجمالى للعالم كله ووصلت الصادرات السلعية لهذا التجمع الى خمس الصادرات العالمية، ويسعى ايضا لزيادة القوى الشرائية والتبادل التجارى للدول المشاركة فى ظل اختلاف الميزات النسبية لكل دولة ومشاركة وتعزيز الاعتماد على العملات المحلية وتقليل الاعتماد على الدولار فى التجارة بين الدول الاعضاء مما يساهم بشكل كبير فى تخفيف الضغط على الجنيه المصرى وتقليل تأثير تقلبات الدولار على الاقتصاد.. حفظ الله مصر وأهلها.