> لم أزر قرية تونس فى الفيوم.. مع أنى زرت تونس الدولة نفسها مرات عديدة.. وربما جاء اسم هذه القرية من تخصصها فى صناعة الفخار الذى اشتهرت به تونس الدولة وأصبحت منتجاً رئيسياً يحرص كل زائرى تونس على شرائه مع نماذج أقفاص العصافير ذات الطابع التونسى والتمور التونسية الشهيرة والهريسة أو الشطة.. وهى كلها منتجات تونسية تصدرها تونس مع سياحها.
> وقرية تونس فى الفيوم مع إنى لم أزرها ألا أن شهرتها وما نشر عنها يكاد يجعلنى أعرف كل ما يدور فيها.. وقد أضيف إليها فى الآونة الأخيرة متحف لفن الكاريكاتير.. فضلاً عن توافر نزل أو فنادق صغيرة للإقامة بها.. وقرية تونس كقرية لها منتجها السياحى والبيئى هى مثال لقرى كثيرة فى مصر تعتبر من القرى المنتجة وفى نفس الوقت من القرى التى يمكن أن تجذب حركة سياحيه لمتابعة وشراء منتجها الذى اشتهرت به.
> وهذه القرى كلها فى حاجة إلى جهد وزارة السياحة والآثار والتنمية المحلية والمحافظات أيضاً فى الترويج لزيارة هذه القرى وايجاد مواقع لها تعرف بها وفرص زيارتها.. بل وربما فرص الإقامة بها مثل ما فى قرية تونس.. وربما يكون فى هذا أيضاً حافزا للاعداد بعض الأماكن الصالحة فى هذه القرى لاستضافة زوار.. سواء فى اقامات قصيرة أو أماكن لتقديم الوجبات الريفية لهؤلاء الزوار.
> وهذه القرى هى نموذج لأحد أنماط السياحة الريفية.. وهناك أنماط عديدة أخرى وكلها أصبحت الآن مرغوباً فيها.. وقد آن أوان الاهتمام بالسياحة الريفية فى مصر لأنها تشكل فرصا لأحد لها للنهوض بالريف المصرى من ناحية والاحتفاظ بما فيه من مبان تراثية من دور وقصور بنيت فى عصور سابقة.. ولا توجد فرصة للحفاظ عليها غير استغلالها فى أنماط سياحية متعددة.
>>>
> وقبل أن أتحدث عن فرص السياحة الريفية فى مصر أود أن أشرك القارئ معى فى تجربة شخصية لى فى زيارة منتجع ريفى للسياحة الريفية.. فى دولة استونيا التى تقع على بحر البلطيق.. وهى عبارة عن «ضيعة».. أو عزبة كما نعرفها نحن فى مصر.. حولها صاحبها إلى منتجع لاستقبال سياح من أنحاء العالم.. وهى نموذج يستطيعه الكثيرون فى مصر.. ويمكن أن تجذب العديد من الراغبين فى الاستمتاع بهذا اللون من السياحة.. ليس من الوافدين فحسب.. بل من المصريين أنفسهم.. وربما من السياح العرب.. إلى جانب السياح من غير الجنسيات العربية.
> وقد مررت بهذه التجربة فى عدة دول على رأسها انجلترا وفرنسا.. ولكنى اليوم اتحدث عن قرية فى ريف استونيا.. وهى إحدى دول البلطيق الثلاث ومعها لاتفيا ولتوانيا.. وقد خرجت هذه الدول من التبعية للاتحاد السوفيتى السابق فى عام 1990.
>>>
> فى دولة استونيا كان من حظى الاقامة ليومين فى هذه الضيعة أو القرية التى هيأها صاحبها لاستقبال سياحة محلية وعالمية.. وأصبح موقعها يستقبل حجوزات من أنحاء العالم لسنوات مقدما.. لشدة الاقبال عليها.. لقضاء اجازة فريدة وجديدة ايضا فى كل شيء.. ففيها الاستمتاع بالخضرة والطبيعة الجميلة.. وفيها الاستمتاع بأشجار الفاكهة.. وتناول الفاكهة طازجة بأيدى الزوار.. وفيها المشاركة فى رياضة ركوب الخيل والحمير ايضا داخل القرية.. وفيها المشاركة فى رياضات تحتاج مساحات صغيرة مثل الكرة الطائرة وكرة السلة.. وفيها مجرد الاسترخاء فى صالون القرية وقراءة الكتب والصحف المتاحة أو مشاهدة التليفزيون.. وفيها مكان معد للاطفال المرافقين لأسرهم يمارسون فيه ألعاب الطفولة المعروفة.. وفيها إتاحة الفرصة لإعداد الضيوف طعامهم بأنفسهم.. أو تناول الوجبات فى مطعم القرية.. وفيها أيضا فرص شراء منتجات ريفية من مشغولات الفلاحات أو ألعاب أطفال مصنوعة من خامات البيئة.. وفيها أيضا فرص القيام بجولات زيارة قرى مجاورة.. باختصار كل ما يشغل زوار القرية.. ويخرجهم عن طبيعة الحياة التى تعودوها فى بلادهم.
> ولكى تكون هذه القرية الريفية متفردة بكل ما فيها فإن وحدات الإقامة بها معدة من خامات البيئة من اخشاب اشجارها.. والمطعم الكبير أو المبنى متعدد الاستخدامات فهو كذلك من نفس الخامات.. وهو يستخدم كمبنى استقبال للسياح.. وبه قاعة الطعام وبه غرفة المعيشة والاسترخاء للقراءة أو مشاهدة التليفزيون.
> الحياة فى هذه القرية هى أقرب إلى الحياة البسيطة لأهل الريف.. مع بعض المواءمات لتتوافق مع السياحة.. فيستطيع الزائر أن يشرب اللبن مباشرة قادماً بعد حلبه من الأبقار.. ويستطيع أن يقطف الثمار من المزرعة ويتناولها.. ويستطيع أن يشارك فى أنشطة أهل الريف.. وهو يمارس تغيراً كلياً فى حياته.. ويعيش الهدوء الذى لا تسمع فيه إلا أصوات الطيور وحفيف أوراق الأشجار عندما تمر بها الرياح.. أو أصوات ديوك المزرعة أو أبقارها.. أما غير ذلك فالهدوء تام.. ولكن الأمسيات فيها أيضا ممتعة.. مع الفلكولور والموسيقى الشعبية تقدم فى المبنى الرئيسى الوحيد لمن يريد أن يستمتع بها.
> هل من الصعب علينا أن نجد مثل هذه القرية الصغيرة فى مصر؟.. لا.. بل من الممكن أن نجد مئات منها تصلح لأجازة صيف ريفي.. أو حتى اجازة ربيع.. أو اجازة آخر الاسبوع.. فى أماكن كثيرة من ريف مصر.. شمالاً وجنوباً.. ولكن من من ملاك الاراضى الزراعية فى مصر يستطيع أن يفعل كما فعل صاحب هذه القرية الصغيرة التى زرتها فى استونيا؟.. من على استعداد أن يقيم فى قريته نزلاً صغيراً مكوناً من جذوع الاشجار.. ومبنى متعدد الاغراض.. ودون أن يكسر قانون البناء على الاراضى الزراعية.. هذا مجال جديد للتنمية والاستثمار السياحى فى السياحة الريفية.. والحديث متصل.