من حكمة الله.. ان خلقنا ولكل منا تركيبة نفسية مميزة ومختلفة عن الآخر.. هذه التركيبة تتحكم فى علاقتنا ببعض.. سواء بين افراد الأسرة الواحدة.. أو بين زملاء العمل.. بل وبين كل الناس.. ولكل منا طريقة تعامل معينة مع الآخر.. وهذه الطريقة هى عنوان واضح للشخصية.. والأكثر من ذلك انها تعبر بصدق ووضوح عن حقيقة الشخصية.. أى انها كاشفة بدقة لما فى داخل الإنسان.. فالعلاقات الإنسانية.. هى التى تقود للوصول إلى مفتاح كل شخصية ومن هنا يمكن قراءة الإنسان بسهولة.. ومنذ بدء التاريخ يوجد أقوياء وضعفاء.. ولكل منهما مبرراته ومصالحه.. وان كانت الأنانية وراء الضعف.. والحق والعدل وراء القوة.. وهناك أشياء استثنائية قد تتحكم فى ضعف او قوة الإنسان.. وبالرغم من اننا جميعا نؤكد انه لا يوجد فى كل حياتنا ضمان لأى شيء.. إلا ان الله وحده هو الضمان الأكيد لنا.. فى مسيرتنا فى هذه الحياة.. ويبقى السؤال.. مما تتألف التركيبة النفسية للإنسان؟! من البيت.. مما يحصل عليه من الأب والأم والأخوة.. ثم الأهل الأقرب فالأقرب.. ثم المدرسة.. فالجامعة.. وبديلها الحياة اليومية «التعامل الحياتي».. ثم الدين حيث المبادئ النبيلة.. ويقظة الضمير.. ولابد ان نعترف بأن المؤمن له تركيبة نفسية مختلفة.. من المفترض انها تتحكم فى كل علاقاته.. تصديقاًً لقول الحق: وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم.. وأنتم لا تعلمون «216 – البقرة».. من هذا المنطلق فإن المؤمن.. يعلم جيدا أن الناس لا يضروه.. ولا ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له.. وأيضاً قول الحق: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. فالعلاقات الإنسانية بالنسبة للمؤمن مختلفة.. تغلفها الثقة فى عدل الله ورحمته.. وبعض العلاقات الإنسانية.. يسيطر عليها العقل ويحسبها أصحابها بالورقة والقلم.. وبعضها بالعاطفة وبعضها بالحب.. اما الذين يحسبونها بالعقل فهى علاقات باردة ولكنها مريحة من وجهة نظرهم.. لا تتطلب أى أعباء.. اما التى بالعاطفة فهى الأقوى والأعظم أثرا.. ومن بين كل هذه العلاقات.. يجب أن يسود العدل قدر الإمكان.. وان نبتعد عن الأنانية وحب الذات.. التى تفسد كل علاقة.. وهناك علاقات عميقة.. يشعر أصحابها ببعضهم البعض.. لدرجة انه عندما يتصل أحدهم بالآخر.. يبادره بقوله: لسه كنت بافكر فيك.. ويرد عليه: القلوب عند بعضها.. وهذا يحدث فعلاً.. فالعلاقات البريئة التى بلا هدف أو مصلحة.. هى الأقوي.. خاصة إذا كانت محبة فى الله.. ولابد ان نعترف بان بعض العلاقات الإنسانية قد تكون بدون أسباب.. فالبعض يجد نفسه مشدودا.. لآخر حريص على التواصل معه.. لمجرد انه يرتاح نفسياً عندما يراه ويتحدث معه.. فالأرواح جنود مجندة من تقابل منها ائتلف.. وهكذا.. وامامنا علاقات قد تنتهى لأتفه الأسباب.. وأيضاً علاقات تعيش العمر كله.. وبعض الناس تجد وجوههم مشرقة بنور الصدق.. لا يعرفون التلون أو الخبث أو الإساءة.. أو التطلع لما فى ايدى غيرهم.. نرى طيبة قلوبهم.. لا يحملون كراهية أو حقداً.. يؤمنون بالصفح والتسامح.. تصديقاً لقول الحق سبحانه: فاعفوا واصفحوا « 109 – البقرة « – وقوله: فاصفح الصفح الجميل «85 – الحجر» – وقوله سبحانه: وان تعفوا أقرب للتقوى « 247 – البقرة «.. اعرف أصدقاء يقدسون الصداقة.. ويهبون أنفسهم لصالح هؤلاء الأصدقاء.. ولا ينتظرون مقابلاً.. ولا أريد أن أتحدث عن العلاقات الزوجية.. فهى سنة الله فى خلقه.. وكلنا عشناها بحلوها ومرها.. ويبقى الأبناء اعظم ثمارها.. والعلاقات الإنسانية كالود والعشم والتضحية والتنازل.. ضمانات استمرارها.. ولابد ان أقول.. إن السلام النفسي.. هو اقوى طريق لعلاقات إنسانية جيدة.. وان التواضع والبساطة سلاح الأقوياء لمختلف العلاقات.. ولا يوجد أقوى من الإيمان.. وان سر الحياة وجمالها.. بل وسحرها.. لا يوجد إلا فى القرب من الله.. أقول: لا أحد يستطيع أن يعرف أسرار تآلف القلوب أو قسوتها.. إنما هى حكمة الله فى خلقه.. لتبقى العلاقات الإنسانية محيرة.