رحلات السفر يفترض خلوها مما يعكر الصفو.. ويكفيها الارهاق والمشقة لوقت طويل حتى لو كانت للفسحة والترفية وهى غالبا لا تكون كذلك.. المسافر على الارجح مضطر ومجهد خاصة اذا ما كان على طريق العودة فى سفريات اليوم الواحد.. تفضل فئة كبيرة من المسافرين الاستسلام للنوم أو الاسترخاء فى صمت أو القراءة فى سكون أو التأمل فى فضول لملامح الطريق أو الاستماع للموسيقى أو مشاهدة فيلم وربما ممارسة عمل ما.. الا ان هناك فئة من الناس لا تسمح بذلك للآخرين.. فئة باتت هى الغالبة فى زمن التليفون المحمول وحواراته التى تطول فى سلوك فاضح وغير مسئول يثير العجب ويشير إلى شيوع العبط واضمحلال الحياء.
.. اسرار خاصة جدا والفاظ غيرلائقة تتضمنها حكايات المحمول فى الشوارع ووسائل المواصلات العامة ومن سوء الطالع التى لا يمكن أغماض الاذن عنها لكى لا نسمعها تعففا وتجنبا للتلوث السمعى والحرج الانساني.
.. فى اتوبيسات السفر بين الاقاليم ومعظمها تابع للدولة تجد على التذكرة العديد من الضوابط والمحانير.. منها نظام الاسترداد والاستبدال والمواد المحظور نقلها لامان الركاب مثل السوائل الخطرة والحيوانات الاليفة فضلا عن التدخين الممنوع بحكم القانون.. الا ان التذاكر لا تتضمن حظر ملوثات السمع بالازعاج وهتك الحياء أوشم الروائح الكريهة.. فمثلا لاتحذير ولا رقابة ولا قانون يمنع الرغى فى التليفون أو زن الاطفال صحبة ذويهم أو عقابا لاصحاب الجوارب العفنة أو من امتلأت بطونهم وغطوا فى نوم عميق لا يشعرون فيه بانبعاثاتهم السامة لتصبح رحلة عذاب مدفوعة الاجر ولاسبيل للفرار من الخنقة والمرار.
.. ثانى رحلات السفرالاحد قبل الماضى من بورسعيد للقاهرة عبر واحد من احدث اتوبيسات اسطول القابضة للنقل اختلطت اصوات الاعتراض بصرخات القئ بسبب رائحة التواليت رغم انه مغلق ولا يستعمل حسب تأكيد السائق الذى استمر فى المسير دون توقف طوال 3 ساعات بدعوى انه لايملك حلول غير الاسراع تقليلا لزمن الرحلة والعذاب.. ليس هذا فحسب بل احتكرت سيدة فى العقد السادس مسامع الركاب طوال الطريق بحواراتها عبر المحمول مع مالا يقل عن 6 أشخاص فى موضوع واحد تكرره دون ملل وبكل حماس يتضمن تفاصيل دقيقة وخطيرة وخاصة لنزاع ابنها مع زوجته ابنة المسئول المهم وكيف انه هدد بالانتحار بسلاحه الشخصى وكيف تدخل الجيران.. وحكايات محرجة للغاية عن علاقات خاصة لايصح لعاقل تناولها علانية على مسمع من الناس ومنهم اطفال ومراهقين.
.. ضياع اللائق والمقبول فى زمن اللامعقول ظاهرة يجب الا تدوم للابد سواء بعقوبات القانون اوبالتربية والعلام والتوجيه والاعلام.. ان الرقى والتحضر وكل مفردات التطور لامعنى لها مع اهمال سلوكيات الناس وهى صناعة ثقيلة يتحتم توطينها من جديد بخطط تتولاها المؤسسات فى مجتمع هو الاول من نوعه بشريا فى التنظيم والتخطيط والادارة.
الجهات المعنية بتحقيق معايير الأمن والسلامة على الطرق يتحتم الا تطرح من حساباتها وسائل المواصلات العامة التابعة للحكومة وعلى وزارتى النقل والسياحة أعادة النظر فى ضوابط السفر بالشركات التابعة لها لتقدم القدوة والمثل ومنافسة القطاع الخاص بكفاءة على راحة الركاب.. ولولا المبالغة لكان حتميا على المسافر الحصول على شهادة بالرشد والاهلية لصلاحية وجوده بين عامة الناس فى مركبة مغلقة لمدة زمنية قد تطول لنحو نصف يوم فى الرحلات الطويلة إلى الاقاليم البعيدة.
.. اما المحمول فهو كارثة حقيقية ابتليت به البشرية ولاجدال بات فى حاجة لبروتوكول استخدام وميثاق شرف محصن بتشريعات حاسمة وفعالة ضد اساءة الاستخدام بالازعاج وانتهاك الخصوصية وهى محظورات يجرمها القانون فى الاساس.