ما تقوم به محكمة العدل الدولية فيما يخص الغطرسة الإسرائيلية اللامحدودة يعطى بصيصا من الامل ويطفئ بعضا من نيران الغضب فى مواجهة التوحش الموحش والاختلال المهين والمحزن فى موازين العدالة التى دهستها القوى الدولية الكبرى دون اعتبار لاى من قواعد قانونية أو أخلاقية أو حتى إنسانية .. وبعد أن طفح الكيل من السلبية والعجز المفرط من جانب المؤسسات الدولية والإقليمية على حد سواء وعدم القدرة على فعل أى شيء يكبح جماح الانتهاكات المتواصلة صباح مساء من العدو الصهيونى واستباحة كل شيء بما فيه المقدسات الدينية والوطنية والحرمات الإنسانية بشكل فاق كل الحدود ولم يعد يحتمله اى عقل ولا يقبله صاحب ضمير حي..
من هنا تأتى أهمية المذكرة المصرية والمرافعة الشفهية أمام محكمة العدل الدولية بالأمس عن أثار العدوان وجرائم الاحتلال وانتهاكاته المستمرة والمتواصلة للحقوق العربية والفلسطينية تحديدا منذ بداية الاحتلال الصهيونى على مدى ٧٥ عاما ..
أهمية الورقة المصرية أنها تنطلق من ارض الواقع أنها شهادة ووثائق من لحم ودم لا يمكن أن تخطؤها عين مراقب حصيف فما بالك بقضاة محكمة العدل الدولية.. مصر أحد الأطراف الرئيسة فى صناعة السلام ومواجهة الصلف والغرور والتعنت الصهيوني فى مختلف ساحات الصراع..ومصر تمتلك رؤية قوية وقدرة ايضا للدفاع عن الحقوق العربية عموما والفلسطينية خصوصاً ودحض اكاذيب وافتراءات الاحتلال وكذا مواجهة أساليبه ومراوغاته المعهودة سواء فى الحرب أو فى السلام..التى يتبجح العدو الان ويعلن بكل وقاحة رفضه للسلام إذا كان يسمح بإقامة دولة فلسطينية أو يعيد الأرض التى احتلها واغتصبها الكيان الصهيونى أو يعطى الحق فى العودة للاجئين الفلسطينين وغيرهم إلى ديارهم واوطانهم.. المواجهة القانونية وأمام المحافل الدولية عموما أحد أهم محاور الصراع والمواجهة مع العدو ليس فقط حماية للحقوق ولكن أيضا ضمانا حتى لا يفلت المجرم من العقاب أو أن يهرب بجريمته ويظل يخرج لسانه للعالم والعدالة الإنسانية وهو يختال غرورا ..
ايضا لايمكن إغفال أهمية الجانب الإعلامى لفضح كل الممارسات والانتهاكات التى يقوم بها العدو مع سبق الاصرار والترصد..التغطية الإعلامية المستمرة والمتواصلة إحدى الركائز المهمة ليس فقط لفضح العدو أمام العالم ولكن لحماية العدالة والتأكيد على الحقوق..
ولعل هذا ما يفسر إصرار العدو الصهيونى على استهداف الصحافة والصحفيين وتعمد اغتيال اصوات الحق والحقيقة فى كل مكان ليس فى أرض المعركة والواقع فقط ولكن على كل منصات الاعلام والتواصل الاجتماعى واتباع كل الطرق لارهابها واخراسها ومنعها من قول الحقيقة وارغامها على تبنى رؤيته وسرديته للأحداث ومنع أى محاولة لبيان الحقيقة أو تقديم تفسير موضوعى أو شرح لاسبابها ولتذهب كل قواعد الحرية والشفافية والحق فى المعرفة وما إلى ذلك من شعارات ثبت زيفها إلى الجحيم..
اذا كان الإعلام هو صوت الحق والحقيقة فإنه أيضا من يملك وثائق الإدانة الصارمة والتى لا تقبل اى شك مهما تقادمت الأحداث وتوالت السنون..ولا يخفى على احد انه احد اهم الأدلة امام محكمة العدل الدولية وأيضا المحكمة الجنائية فى اثبات جريمة الإبادة الجماعية مع سبق الإصرار والترصد سواء بتسجيل الاحداث وقت وقوعوها او اثبات وإذاعة احاديث واعترافات قادة الكيان ومجرمى الحرب وتعبيرهم الصريح هن أهدافهم من العدوان واستمراره واستهداف المدينيين والمنشات المختلفة والمساجد والكنائس والمستشفيات ومراكز الخدمة المدنية والمقرات الحكومية المدنية وكل سبل الاعانة على الحياة للمواطنين فى كل مكان..
والحمد لله يمتلك العرب عشرات بل مئات القنوات والمحطات الفضائية تلفزيونية واذاعية تعمل على مدار الساعة ويقع على عاتقها أو بعضها على الأقل دورا كبيرا فى فضح جرائم الاحتلال والانتهاكات الفظيعة والاعتداءات المتواصلة على الحقوق العربية ومحاولا طمس الهوية وإزالة أى آثار للوجود العربى والعبث بالوقائع على الارض فضلا عن محاولات التضليل والحرب الدعائية لتزييف الحقائق ونشر الأكاذيب والعبث بالعقول معتمدا على ركائز احترافية للكذب والخداع والتضليل للجماهير فى كل مكان .. ولدى المنظمات الدولية وغيرها.
ولم يعد خافيا على احد الان الجهود الجبارة لآلات صناعة الكذب الرهيبة التى تقوم بها وتعتمدها حكومات الاحتلال ومن يساندها فى امريكا والغرب .
السنوات الأخيرة خطط على صعيد التهويد وابتلاع الأراضى العربية وطرد سكانها وتفجير مساكنهم وإقامة مستوطنات بطريقة سمحت للعدو أن يتمدد ويتمدد ويبسط سلطانه بأريحية ليفرض سياسة الأمر الواقع. ولم يحرك أحد ساكنا أمام الانتهاكات المتواصلة لجحافل المستوطنين الذين تم جلبهم من بقاع الأرض واشتاتها ليستولوا على أراضى ومنازل الفلسطينيين بالقوة وتحت رعاية وحماية ما يسمى شرطة الاحتلال وبالفعل نجحوا فى تغيير ليس فقط جغرافيا المكان ولكن الديموغرافيا أيضا.. حتى ارتفع عدد المستوطنين فى الضفة والقدس مثلا من خمسين ألف يهودى إلى ثمانمائة ألف خلال سنوات قليلة..ولا يزال مسلسل الانتهاكات مستمر ويتم استغلال الحرب فى غزة لتسريع وتيرة الاستيطان وفرض وقائع جديدة على الأرض فى البلدان والقرى الفلسطينية فى الداخل المحتل وفى القدس ايضا..
الانتهاكات فى القدس وحول الأقصى وحتى داخله لها وضع خاص فسعار وحمى الهوس الصهيونى على هذا الصعيد لا تهدأ ابدا..فالأقصى هو الصيد الثمين الذى تحوم حوله جحافل الصهيونية الدينية المتطرفة.. ويتفنون فى كل يوم لابتداع وسائل ومناسبات وتلكيكات للعدوان على الأقصى واقتحام ساحاته والعبث فى باحاته والقيام بهلوسات يسمونها طقوس تلمودية ورقصات لعتاة المتطرفين وتراتيل ومزامير وغير ذلك من أعمال استفزازية للمسلمين وللاسف يتم ذلك تحت حماية وتأمين جيش الاحتلال وشرطته النازية..
آخر افتكاسات المتطرفين من المستوطنين ما اقترحه بن غفير وزير الأمن والمستوطنات الصهيونى حامل لواء رغبات وأوهام المتطرفين لمنع وصول المسلمين من خارج القدس إلى المسجد الأقصى المبارك فى شهر رمضان الكريم وتقييد وصول مسلمى القدس وحصر الدخول فى فئات عمرية معينة..ورغم تحذير الشاباك وأجهزة الأمن الصهيونية من خطورة مثل هذه الأفكار إلا أن نتنياهو وعد المتطرفين بتحقيق مطالبهم..
سلسلة طويلة ومتواصلة ولن تتوقف يتعرض لها الأقصى على مر التاريخ..ما يحدث فى القدس وحول الأقصى وداخله أمور بالغة الخطورة ولاتحتمل أى تهاون أو استرخاء فى مواجهة أى محاولة للاقتراب ومن الان يجب ردعها بكل السبل بعد ان كشفت إسرائيل عن نواياها واعترفت بكل بجاحة بحقيقة ما تضمره من شر ضد الإسلام والمسلمين ومشروعها الاستعمارى المهين وفى القلب منها الأقصى المبارك قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين ومسرى رسوالله صلى الله عليه وسلم..
نسائم ليلة النصف من شعبان المباركة على الأبواب فاللهم اجعل لنا فيها دعوات لا ترد يا ارحم الرحمين..
«اللهمَّ انى نسألُك العفوَ والعافيةَ فى الدنيا والآخرةِ وناسألُك العفوَ والعافيةَ فى دِينى ودنيايَ وأهلى ومالى اللهمَّ استُرْ عوراتى وآمِنْ روعاتى واحفظنى من بين يدى ومن خلفى وعن يمينى وعن شمالى ومن فوقى وأعوذُ بك أن أُغْتَالَ من تحتي..
اللهم بشرنى بالخير فى تلك الليلة الطيبة كما بشرت يعقوب بيوسف، وبشرنى بالفرح كما بشرت زكريا بيحيي. عليهم جميعا أفضل الصلوات وأتم التسليمات.
اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمَنِّ وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، يَا ذَا الطَّوْلِ وَالإِنْعَامِ. لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ظَهْرَ اللَّاجِئينَ، وَجَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ، وَأَمَانَ الْخَائِفِينَ.
اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِى عِنْدَكَ فِى أُمِّ الْكِتَابِ شَقِيًّا أَوْ مَحْرُومًا أَوْ مَطْرُودًا أَوْ مُقَتَّرًا عَلَيَّ فِى الرِّزْقِ، فَامْحُ اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ شَقَاوَتِى وَحِرْمَانِى وَطَرْدِى وَإِقْتَارَ رِزْقِي، وَأَثْبِتْنِى عِنْدَكَ فِى أُمِّ الْكِتَابِ سَعِيدًا مَرْزُوقًا مُوَفَّقًا لِلْخَيْرَاتِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ فِى كِتَابِكَ الْمُنَزَّلِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ(الرعد39).
إِلَهِى بِالتَّجَلِّى الْأَعْظَمِ فِى لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ الْمُكَرَّمِ الَّتِى يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَيُبْرَمُ، أَنْ تَكْشِفَ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا نَعْلَمُ وَمَا لَا نَعْلَمُ وَمَا أَنْتَ بِهِ أَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
والله المستعان ..