تخطئ إسرائيل إذا ظنت أن سياسة الاغتيالات التى تمارسها وأخرها مقتل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسى لحركة حماس ستضمن لها وأد وتصفية القضية الفلسطينية ويفترض أن إسرائيل تعلم ذلك جيدا بدءا من اغتيال الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس قبل عشرون عاما ومروا بإغتيال العديد من قيادات حماس وانتهاء بإغتيال إسماعيل هنية ثم السنوار هل توقفت أعمال المقاومة نتيجة هذه الاغتيالات؟ إسرائيل تعلم تماما أن هذه المقاومة تزداد يوما بعد يوم وتصبح أكثر قوة وصلابة وأن اغتيال قاداتها لن يوقفها بل على العكس من ذلك يجعلها أكثر عزما وإصرارا على مقاومة هذا الاحتلال وماحدث لحزب الله اللبنانى مؤخرا بإغتيال العديد من قيادته وعلى رأسهم حسن نصرالله أمين عام الحزب دليل ساطع على أن المقاومة تنتفض وتشعلها نارا وهو ماحدث بالفعل حيث زادت وتيرة هجمات حزب الله وصارت أكثر فاعلية عقب هذه الاغتيالات.
إذن إذا كانت هذه الاغتيالات لاتمثل لإسرائيل سوى نصر زائف ولم توفر لها الأمن والأمان ذات يوم فإلى متى يمكن لهذا الكيان الصهيونى أن يتحمل الدخول فى حروب على خمس جبهات فى وقت واحد فى غزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن؟.. هذا السؤال يفترض أن يكون قد دار فى أذهان حكام صهيون ..وسؤال إفتراضى أخر إلى متى يمكن أن تتحمل الدول الداعمة للكيان الصهيونى عسكريا وماليا وسياسيا همجية وجنون هذا الكيان؟.. وإلى متى سيتحمل الإسرائيليون أنفسهم حياة الملاجئ التى يهرعون إليها كلما دوت صافرات الإنذار مع كل رشقة صاروخية أو اختراق مسيرة؟.
إسرائيل وضعت نفسها فى حروب لن تنتهى لا بالاغتيالات ولا بالنصر وخسائرها ليست عسكرية فقط سواء كانت فى الأفراد أو المعدات بل خسائر اقتصادية واجتماعية ونفسية فالاقتصاد الإسرائيلى يترنح رغم الدعم المالى والعسكرى الذى تقدمه واشنطن للكيان الصهيونى الذى كلفته الحرب حتى الأن ما يقرب من سبعين مليار دولار والتقارير تشير إلى أن ستين ألف شركة إسرائيلية أغلقت أبوابها حتى الأن وأن اقتصاد إسرائيل لن يعود إلى ماكان عليه قبل عملية «طوفان الأقصي» حيث من المتوقع أن تعانى إسرائيل من أضرار اقتصادية طويلة الأجل بغض النظر عن نتيجة الحروب التى تخوضها.
وكثيرة هى الأضرار التى يعانى منها المجتمع الإسرائيلى حاليا من شعور بالخوف وعدم الإحساس بالأمان واللجوء إلى الملاجئ فى كثير من الأوقات وهجرة عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى خارج إسرائيل وأغلبهم من المناطق الأكثر ثراء وأغلب أعمارهم بين العشرينات والثلاثينات وهم الفئة التى من الممكن أن تشارك فى الحروب وبناء الاقتصاد.
الغريب أن إسرائيل تشغل نفسها فى التفكير فى اليوم التالى بعد حرب غزة فى حين أنها فى الواقع تخوض حروبا لاتعرف متى وكيف تنتهي.. ربما هى التى ستنتهي.