عمر محمد عبد اللطيف طالب بالصف الثالث الثانوى.. يدرس فى معهد مدينة الطور الأزهرى بجنوب سيناء..فاز عمر بلقب بطل تحدى القراءة العربى فى موسمه الثامن متفوقا على آلاف المتسابقين.. اليوم يغادر عمر القاهرة متوجها إلى الإمارات العربية المتحدة ممثلا لمصر فى التصفيات الختامية التى يشارك فيها ممثلون لجميع دول العالم العربى ، المتسابق المصرى يبلغ من العمر 17 عامًا ويدرس بالصف الثالث الأزهرى .
> هل تطمع فى تحقيق فوز وسط تلك المشاركة العالمية؟
>> إذا لم يكن عندى طموح لما تحركت من منزلى ودخلت معتركا شديدا حتى اعتليت القمة بين آلاف الطلاب الذين شاركوا فى تلك المسابقة، وللعلم كلهم على مستوى متميز من الفكر والنضوج، ولذلك فأنا اعتبر نفسى جنديا مصريا فى مهمة الدفاع عن تاريخ وطنى الذى أشرقت شمس علمائه على العالم فأدرك حقائق الحياة والاحياء، لذلك فإننى أسعى لبلوغ قمة العالم العربي، ولو هناك مسابقة عالمية فإننى لن أرضى سوى بالمركز الأول، وهذا ليس غرورا بل يقين بأن خلفى يسندنى تاريخ مصرى وأزهرى وكلاهما يدعوان إلى الفخر، فمن كان عنده مثل تاريخى فلينافسنى، والأهم من ذلك أننى احترم جميع المنافسين الذين يحملون نفس الرغبة فى تحقيق الفوز، ولا أخفى سرا أن أسعد لحظات حياتى حينما أرفع علم مصر وسط تلك الجموع، حينها سأشعر أننى أديت جزءا من حق مصر.
> وسط تلك الكلمات الجميلة عن مصر ماذا تقول فيمن يتنكر لوطنه؟
>> العلماء كتبوا فى محبة الأوطان مؤلفات ضخمة لدرجة أنهم ذكروا محبة الحيوانات والطيور لأوطانها، وجميع شرائع السماء تؤكد أن فطرة الإنسان تألف وطنه حيث الأمن والعيش وسط الأهل والأصدقاء، وجميعنا يعلم مدى إشفاق النبى صلى الله عليه وسلم على وطنه مكة حينما غادرها مهاجرا وقد بلغت محبته وطنه أنه كان يعرف أحجارها ويسلم عليها، ولذلك فإن تلك النماذج التى تتنكر لوطنها بها خلل فى السلوك نتيجة تأثرها بالكتائب الإليكترونية على صفحات السوشيال ميديا والتى تديرها لجان هدفها تشويه صورة الأوطان فى عيون أبنائها حتى يسهل استهدافها بعد فقدان الانتماء للوطن، وهذا يستدعى ضرورة التحرك الثقافى والفكرى الفاعل بهدف حماية انتماء الشباب من تلك المغاليط التى تسعى لتفخيخ العقول بالكراهية.
> من الذى غرس فيك محبة القراءة؟
>> والدى اكتشف محبتى للقراءة فبدأ تنمية موهبتى من خلال توفير الدعم المالى دون تقييد لى بقراءة ثقافة معينة.. وكان يشترى لى كتبًا علمية وأديبة وروايات ومجموعات قصصية.. ووصل لدرجة أنه كان يخصص جزءا من راتبه للكتب والمجلات والصحف التى احرص على قراءتها خاصة وان الصحف المصرية بها مقالات معينة تمثل وجبة دسمة من الأفكار، إضافة إلى المجلات الثقافية والفكرية والرياضية والعلمية والتكنولوجية، وظلت الموهبة تنمو بداخلى لدرجة أننى أصبحت أرى القراءة إدمانا فلا استطيع النوم دون أن أكون قد قرأت قدرا مشبعا من مختلف الثقافات، واسعد لحظات نومى عندما يغلبنى النوم وبيدى كتاب، وإذا اعجبنى كتاب فلا أنام حتى انتهى من قراءته مهما بلغت عدد صفحاته، وهناك جندى منافس فى عملية القراءة وهى والدتى التى كانت تقرأ الكتب معى فى بداية الأمر بهدف التشجيع لكنها عشقت القراءة أكثر منى فكنا نتنافس فى القراءة درجة التحدي، ولو هناك مجال لمشاركة والدتى فى تلك المسابقات فأنا على يقين أنها ستتفوق على الجميع .
> ما هو أول كتاب قرأته؟
>> قصة الملك أرثر داخل مكتبة المعهد، جذبنى عالم الخيال وبعدها اتجهت للكتب الدينية باعتبار تخصص الدراسى فى الأزهر الشريف، فقرأت رياض الصالحين، وصحيح البخارى ومسلم، وكتب الإمام ابن القيم وابن الجوزي، ثم انتقلت للأدب والثقافة واستهوانى كتابات العقاد وعميد الأدب العربى د. طه حسين ويحيى حقى وإحسان عبد القدوس، إضافة إلى الأدب الإنجليزي، وكتابات السيرة الذاتية للعظماء التى كانت بمثابة المفتاح السحرى لمعرفة الطموح وتنمية القدرات الذاتية، حتى اننى قرأت قرابة 3 آلاف كتاب متنوعة.
> ماذا استفدت من القراءة؟
>> السؤال الصحيح ماذا لم تستفد من القراءة، لقد أفادتنى القراءة فى شخصيتى وفى بنيتى العقلية وتركيبتى الفكرية ورؤيتى لواقعى ومستقبلي، لذلك فإننى أرى إحياء القراءة بمثابة بناء مستقبل حقيقي، لأنه بدون بناء معرفى وثقافى فإننا نترك شبابنا لكتائب السوشيال ميديا الذين يبيعون أنفسهم للشياطين طالما أنهم سيحصلون على مقابل.
> اشرح لنا خطوات الاشتراك بمسابقة تحدى القراءة؟
>> كان عندى دافع وحافز كبير وتقدمت بأوراقى فور الإعلان عن المسابقة فى صفحات التواصل الاجتماعى بالمعهد، وقام المشرف على الجروب بالمعهد بتسليمى خمسة، جوازات كل جواز بعشرة كتب ويطلق عليها جوازات التحدى بألوان أحمر وأخضر وأزرق وفضى وذهبى يتم فيها كتابة أسماء الكتب والمعلومات المكتبية الخاصة بها مثل: اسم المؤلف، ودار النشر، وعدد صفحات الكتاب، ونبذة بسيطة عن كل كتاب، يُسهل ويوضح للجنة التحكيم كيف قرأت وأسلوبى فى التخليص، وفكرة التحدى قائمة على قراءة 50 كتابًا وتلخيصها وتكون الأسئلة عنهم وحصلت على المركز الأول على مستوى منطقة جنوب سيناء، ومنها إلى الحفلة الختامية فى مركز المؤتمرات بالقاهرة، حيث سافرت مع أخى للمسابقة، وهو من بشرنى بالمركز الأول قبل النداء على اسمى واعلان فوزى بالمركز الأول، ولقد بكت والدتى فرحا وأهدانى والدى زَيَّا أزهريا جديدا، وأتمنى أن أرى فى دبى تلك الدموع الفارحة مرة ثانية.
> سبقت وذكرت أن والدك يوفر جزءا من راتبه لشراء الكتب لك.. ما هى وظيفته؟
>> والدى موظف بمجلس مدينة الطور، ووالدتى مدرسة علوم شرعية، وكلاهما يؤمنان بقضية العلم لدرجة أنهما يفضلانه على الأكل والشرب واللبس، وقد أعطى الله تعالى والدى بصيرة وحكمة جعلته يقول: إن الستر الحقيقى للإنسان فى عقله، وأن العقل يستره الثقافة والمعرفة، أما اخوتى فشقيقى عبد الرحمن فى الصف الثالث الإعدادى وشقيقتى جنا فى الصف الخامس الابتدائى ونحن جميعا من حفظة القرآن الكريم، وهما يسيران فى طريق تحدى القراءة وبالفعل شاركا فى تحدى القراءة وحصل أخى على المركز الرابع على المنطقة هذا العام وأختى حصلت على المركز الحادى عشر.
> هل ترى أن التكنولوجيا أخذت مكان الكتاب الورقى؟
>> ذلك زعم باطل الكتاب الورقى سيبقى ما بقيت السماء والأرض، ونحن عندما نشارك فى تلك المسابقة يكون التحدى دقيقا فى تفاصيل القراءة وذلك لا يمكن الوثوق فيه سوى لكتاب ورقى اما الكتب الإليكترونية فقليل ما نطمئن إليها، ويمكن بصورة سهلة تدليس معلوماتها وأفكارها، وهذا لا يعنى معاداة التكنولوجيا وإنما وضع الأمور فى نصابها الصحيح، ولنضرب مثلا بالصحافة الورقية والتكنولوجية، الولايات المتحدة الأمريكية تعتلى قمة التكنولوجيا عالميا لديها صحيفة الواشنطن بوست تطبع ملايين النسخ الورقية، مثال آخر جائزة نوبل يتم منحها لأكثر الروايات مبيعا، وهذا الحصر يكون للروايات الورقية فى المقام الأول، والسر فى ذلك أن الوسائل التكنولوجيا فى المعلومات يسهل تزييفها وتضليلها بالأباطيل والمغالطات ولقد نجحوا بالفعل فى خلق صفحات يتابعها الملايين تمتلئ بمغالطات ضد الوطن والعقيدة وتنشر الانحلال والإلحاد والكراهية، لذلك فإننى أدعو إلى إطلاق مشروع قومى يحمى الكتاب الورقى من محاولات تغييبه عن الواقع عمدا حتى يسهل افتراس العقول من ذئاب السوشيال ميديا.
> هناك سؤال بخصوص الدراسة بالأزهر وهل ساعدتك على النمو الفكري؟
>> الأزهر جامع وجامعة فقد جمع العقول والقلوب على المعرفة الشاملة فى مختلف العلوم والمعارف وتلك سنة السابقين من علماء الأزهر الذين كانوا جامعات متنقلة فى علوم الزمان والمكان، فالتعليم فى الأزهر ينتج طالبا ذا وعي، كما أن منظومة الفكر الأزهرى عالمية التأثير، وأذكر أن أحد أسباب محفزات القراءة والاطلاع أساتذتى فى المعهد الأزهرى بالطور فقد ساعدونى على تطوير موهبتى فى إلقاء الشعر والخطابة وأمداونى بكتب عن كيفية مخاطبة الجمهور وجذب الانتباه والتعريف بالنفس وتطوير مهارات الإلقاء وهو مادفعنى للمشاركة فى الحفلات والإذاعة المدرسية، وحتى عندما عرفوا بحبى للقراءة أهدونى الكتب تساعدنى فى التفوق وقدموا لى النصيحة بمطالعة كتب أخري.
> هل سبق وفزت فى مسابقات أخري؟
>> نعم فزت فى مسابقات لحفظ القرآن الكريم وحصدت المركز الثانى على مستوى الجمهورية فى إحدى المسابقات، وحصلت على المركز الاول على منطقة جنوب سيناء فى إلقاء الشعر والخطابة وكنت الطالب المثالى عامين متتاليين على مستوى الجمهورية والفضل فى ذلك للقرآن الكريم الذى أقام عقلى ولسانى وأسهم فى تنمية موهبة الحفظ والادراك والاستيعاب عندى وأعطانى أساس التفكير والقياس لكل الظواهر المجتمعية بما جعلنى مطمئنا، ففوائده لا تعد ولاتحصي، وإننى أعشق سماع القرآن بصوت الشيخ مصطفى اسماعيل.
> ماذا تفعل فى الإجازة؟
>> أمارس الرياضة فى كرة القدم وكرة السلة وحصلت مع فريق منطقة جنوب سيناء على مراكز جيدة على مستوى الجمهورية كما حصلت على مركز أول محافظة فى لعبة تنس الطاولة، وفى كرة اليد وألعاب القوى حصلت فيها على مركز رابع وخامس على مستوى الجمهورية،كما أحب التأمل والتفكير والجلوس على البحر، مقتديا بالمجاهد الليبى عمر المختار حيث تعجبنى طريقته فى التأثير على البيئة المحيطة به وعدم اليأس واستغلال كل الطاقات فى الدفاع عن وطنه.
> بما تنصح زملاءك؟
>> أنصحهم دائما بتغيير تفكيرهم للأفضل والبعد عن أى أفعال مسيئة وأن يكون لهم هدف فى الحياة ويسعوا لتحقيقه بتطوير ذاتهم ويريد أن يصبح فى المستقبل شخصًا ذا تأثير فى المجتمع المحيط به ويحقق النجاح فى حياته العملية فلم يحدد هدفًا معين بالتحاقه بكلية معينة ولكن أى مجال يوفقه له الله سوف يكون متفوقًا ومؤثر فيه.