الندوة التثقيفية.. واحدة من أهم منابر ومنصات بناء الوعى الحقيقى وشحن بطاريات الولاء والانتماء، ورفع ترمومتر الوطنية، خاصة أنها تحوى مضمونًا استثنائيًا.. حيث تعرض قصصًا وروايات حول أمجاد وبطولات وتضحيات وانتصارات وإنسانيات لا حصر لها، كفيلة أن تضخ دماء الوعى والفهم وعمق الانتماء لهذا الوطن، وتؤكد على معانٍ سامية ونبيلة أن سلسال البطولة والتضحيات دفاعًا عن هذا الوطن.
الندوة التثقيفية تؤكد أن المؤسسة العسكرية المصرية كانت ومازالت، هى رمز الإبداع فى كل شيء.. سواء كونها بيت الوطنية المصرية أو فى تسطير أعظم الانتصارات والأمجاد أو الإبداع فى بناء الوطن، ودعم المصريين الذين لطالما وقفوا صفًا واحدًا خلف جيشهم العظيم، وتحملوا الكثير من أجل تحقيق النصر وبلوغ الأهداف، وأيضًا فى استعادة زخم وتوهج القوى الناعمة المصرية من فنون وغناء ورسائل الإبداع من الشعر عشقًا فى هذا الوطن، كما أنها تجسد معانى الوفاء لكل من أعطى وضحي، وقدم لمصر، وليس أعظم من حرص القائد الأعلى للقوات المسلحة على تكريم أبطال أكتوبر، وأسماء الشهداء وأسرهم، فنحن نعيش فى عهد الوفاء الذى يعلى من قيم الفداء والعطاء والتضحية ومن يستحقون بكل قناعة التكريم والتخليد.. ولولا تضحيات وعطاء هؤلاء الرجال ما حققت مصر وشعبها أهدافها وغاياتها فى استرداد الأرض والكرامة وترسيخ السلام والأمن والاستقرار، وبناء القوة والقدرة، ونشر التنمية، والتطلع إلى المستقبل، بعد أن فرض المقاتل المصرى واقعًا جديدًا على العدو.
الندوات التثقيفية التى نظمتها القوات المسلحة من خلال إدارة الشئون المعنوية انطلقت وبدأت قبل سنوات فى أوقات وفترات شديدة الدقة وعصيبة تعرضت مصر لموجات عنيفة من الإرهاب والمؤامرات، ومحاولات نشر الفوضي، وحملات لقوى الشر سعت إلى تركيع الدولة المصرية، وهنا كان الوعى والفهم لما يجرى هدفاً ومطلباً استراتيجياً ما أحوج الدولة المصرية إليه، وهو ما حققته الندوات التثقيفية، التى أطلعت المصريين بالتقصى والربط، والشرح وبقصص وروايات الأبطال ومشاعر الآباء والأمهات والزوجات والأبناء من أسر الشهداء يدور على أرض الواقع وفى ساحة القتال وهزيمة قوى الشر، وحجم التضحيات التى يقدمها أبطال قواتنا المسلحة الباسلة، من أجل أن تبقى مصر مرفوعة الهامة، وأرضها طاهرة، وأمنها القومى خط أحمر، لا تركع إلا لربها، كانت الدموع تنهمر من عيون الحاضرين من فرط التأثر بملاحم الرجال وهو الأمر الذى يجسد ذروة الوعي، والتجلى الإنسان، وأيضًا عمق وشرف الانتماء لهذا الوطن.
أبدعت الشئون المعنوية على مدار سنوات فى تنظيم الندوات التثقيفية بلغت ذروة التجلى والإبداع، فى سنوات صعبة واجهت الدولة المصرية من إرهاب، ومحاولات نشر الفوضى واستهداف لأبطال الجيش والشرطة ومؤسسات الدولة وحققت أهدافها بجدارة، فى بناء الوعى الحقيقى وبث الروح الوطنية والمعنوية، ودعم الاصطفاف الوطني، لدرجة أننى قلت فى هذه السنوات الصعبة عن الندوة التثقيفية إنها أهم منبر ومنصة لبناء الوعي، لأن الندوات التثقيفية مزجت بين الواقع والإنسانية، والإبداع، فكانت الرسائل شديدة القوة وسريعة الوصول.
الحقيقة أن نجاح الندوة التثقيفية مازال حاضرًا، وينتظرها الجميع، لكسب المزيد من الدروس والرسائل المهمة، ومازالت تحتفظ بحالة التوهج، فى معانيها النبيلة، لكن قفزت إلى ذهنى بعض الاقتراحات التى أراها مهمة لتطوير الندوة التثقيفية، خاصة أن من أهم أسرار وأسباب نجاحها الاستثنائى فى السنوات السابقة حتى وقتنا هذا هو «المواكبة»، بمعنى أنها واكبت التحديات والتهديدات والمخاطر التى تواجه الوطن فى مختلف الأوقات التى تمر على هذا الوطن، وبما أن الظروف والمتغيرات باتت مختلفة فى نوعيتها، خاصة فى ظل ما يدور فى المنطقة من صراعات وتوترات واضطرابات، وما تشهده حدود مصر ولأول مرة فى التاريخ على كافة الاتجاهات الاستراتيجية بل فى عمق وامتدادات هذه الاتجاهات، وفى البر والبحر خاصة فى ظل ما يشهده البحر الأحمر، وتأثر قناة السويس، وانعكاس ذلك على الدولة المصرية وما يدور فى رحى المشهد الدولى من صراع عميق بين نظامين عالميين، قائم يحاول استمرار البقاء والهيمنة، ومتطلع يسعى إلى الظهور وما يدور من صراعات بين القوى الكبرى فى العالم تجسدها الحرب الروسية-الأوكرانية، وأيضًا حالة الاستقطاب، والتحالفات الجديدة فى العالم التى تشكل فى هذا التوقيت، وما يواجه مصر من تهديدات ومحاولات للعبث فى مواردها الوجودية.
من هنا أرى بعض الإضافات على مضمون ومحتوى الندوة التثقيفية فيما هو قادم، للربط بين تحديات الماضي، جيل أكتوبر العظيم، وكيف كان مستقبل المنطقة، وكيف استطاعت مصر بإرادة صلبة تجاوز ما حدث فى 1967، وتحقيق النصر فى ملحمة العبور العظيم، بطبيعة الحال ما حدث فى يناير 2011 وكيف عبرت مصر المؤامرة ومحاولات الإسقاط، ثم عزل المصريين لنظام الإخوان الفاشي، ودخول مصر فى مواجهة حرب الإرهاب الشرسة ثم مرحلة أكبر ملحمة للبناء والتنمية فى كافة المجالات والقطاعات.. لذلك أقترح الآتي:
أولاً: تضمين الندوة التثقيفية جلسات حوارية ونقاشية لا تزيد على جلستين، الأولى يشارك فيها بعض من جيل أكتوبر العظيم، والخبراء والمتخصصين أو الباحثين فى هذه الفترة الفارقة من تاريخ مصر لعرض طبيعة المشهد والتحديات التى واجهت الدولة المصرية، وكيف تحقق النصر، ثم خبراء من الفترة من 2011 وحتى 2014 ثم الفترة التى يعيشها الآن بتحدياتها وتهديداتها ومخاطرها، ودقتها والمتغيرات الجيوسياسية التى طرأت على المنطقة وأبرز محددات الأمن القومى المصرى وما يواجه هذا الأمن من تحديات مستجدة وممتدة وكيف تواجه الدولة المصرية هذه التحديات.
هذه الجلسة تضم قادة وخبراء ومفكرين يمثلون كل المرحلة التى مرت على مصر منذ أكتوبر 1973 وحتى وقتنا هذا.
ثانيًا: التحديات الداخلية التى تواجه الدولة المصرية سواء الاقتصادية، منذ أكتوبر 1973 وكيف اصطف الشعب المصرى وتحمل من أجل تحقيق النصر، وصولاً إلى طبيعة وقوة ما تحقق خلال الـ 11 عامًا الأخيرة، من بناء وتنمية أنقذت الدولة المصرية من تداعيات مؤلمة للصراعات والأزمات الإقليمية والدولية، وطبيعة التحديات الاقتصادية التى تواجه مصر.
أيضًا، رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن تطهير سيناء من الإرهاب، ثم إطلاق أكبر عملية بناء وتنمية وتعمير وهو ما لم يتحقق فى عهد آخر، ولم يقدم عليه أى رئيس جمهورية، خاصة أن حلم تعمير سيناء ظل عالقًا لم يراوح الأوراق، والمخططات ولم ير الواقع حتى جاء الرئيس السيسي، وبالتالى توفير أعلى درجات التأمين والحماية لسيناء لمنع تكرار ما حدث من تهديدات وأطماع.
البعد الثقافى والتوعوى فى الندوة التثقيفية هو أصل الفكرة لأهم منبر ومنصة، أكد جدارته خلال السنوات الماضية، والحديث بالمعلومات.
أرى هنا أيضًا، أنه لابد من إيجاد حوار، أو عمل أو فقرة تجمع الأجيال المختلفة من أبطال قواتنا المسلحة من جيل أكتوبر، حتى وقتنا هذا، نهاية بعدد من الدفعات التى تخرجت مؤخرًا، لنعرف ما هى رسائل الجميع، وسر عظمة قواتنا المسلحة فى تواصل أجيالها من الأبطال والرجال وبنفس العقيدة والإيمان بقدسية تراب الوطن، والاستعداد الدائم للفداء والتضحية.