كانت وستظل سيناء دوماً فى قلب كل المصريين، وذلك لأنها ليست مجرد رقعة جغرافية عادية تبلغ 6,1 ٪ من مساحة مصر، ولكنها مدخل قارة بأكملها، فهى حلقة الوصل بين قارتى أفريقيا وآسيا، أيضاً هى حلقة الوصل بين الأديان السماوية كلها، ولا نتجاوز إذا قلنا أنها حلقة الإتصال بين الأرض والسماء، ففيها تجلى الخالق سبحانه وتعالى لسيدنا موسي، ونحن إذ نحتفل بذكرى نصر أكتوبر المجيدة، تلك الحرب الرابعة بين العرب وإسرائيل، ولكنها على أرض الواقع تمثل نقطة تحول إستراتيجى فى دائرة الصراع الأبدى بينهما، لأن أكتوبر 1973 كانت بدعم عربى إقتصادى وسياسى وعسكرى لا مثيل له، وكانت نتيجة لحرب الأيام الستة، وجاءت أيضاً نتيجة الرفض الإسرائيلى لمبادرة روجرز 1970 برعاية أمريكية، وأيضا جاءت حرب أكتوبر نتيجة المماطلة الإسرائيلية فى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر فى 22 نوفمبر 1967، انتصارنا فى أكتوبر 73 كان تجسيداً لإرادة ووعى الشعب المصرى بخطورة المرحلة التالية لحرب يونيو 67، وهو ما يتسق ويتشابه تماماً مع المرحلة الحالية المعبرة عن إرادة ووعى المصريين بضرورة تنمية وتعمير سيناء وهو ما تجلى عند الدعوة لحفر قناة السويس الجديدة عام 2015، هذا الوعى يعبر عن يقين ثابت وراسخ بأنه اذا كانت مصر هى صاحبة أطول تاريخ حضارى فى العالم، فإن سيناء هى صاحبة أطول سجل عسكرى فى التاريخ، فهى المدخل الذى يحاول به الأعداء دائماً النيل من مصر، لذلك كان وعى القيادة السياسية المبنى على الولاء، والعلم، واليقين بضرورة تحقيق التنمية الشاملة فى سيناء وإعتبارها قضية أمن قومي، لذلك كان عام 2014 هو الشرارة التى أطلق فيها الرئيس السيسى المشروع القومى المتكامل لحماية وتنمية سيناء على كل المستويات، فهذا المشروع يرتكز على ركائز مخطط التنمية العمرانية لمصر 2052 والتى تقوم على ستة محاور، المحور الأول هو تغيير وجه الحياة فى مصر عبر توسيع شرايين تنمية الإقتصاد، والتوجه نحو التنمية الشاملة، وهو ما يترتب عليه السعى نحو جعل سيناء منطقة جاذبة للإستثمار، والسكان، عبر ربطها بالدلتا، ودعم تنمية محافظات القناة التى تمثل حلقة الوصل الحقيقية بين سيناء والدلتا والوادي. أما الركيزة الثانية فهى ضمان بنية تحتية متطوره تكون قادرة على جذب الإستثمارات الأجنبية، لذا أحدثت مشروعات البنية التحتية التى نفذت بسيناء ومدن القناة فى العشر سنوات الأخيرة، تغييرًا كبيرًا فى هذه المحافظات، فقد تم إنشاء طرق بإجمالى أطوال تبلغ 2400 كم، وإنشاء ستة أنفاق أسفل قناة السويس، لربط سيناء بمدن القناة، كما تم تطوير ورفع كفاءة 6 موانئ بسيناء. أما الركيزة الثالثة فهى السعى نحو الإندماج فى الإقتصاد العالمى ويرتبط ذلك بضرورة توطين الصناعات للمساهمة فى زيادة حصيلة الصادرات وتنظيم عملية الإستيراد، أما الركيزة الرابعة فهى ضرورة التحوط من الأزمات العالمية المقبلة، بالعمل على تعزيز الأمن الغذائى فى ظل أزمات عالمية متوقعة ستؤثر حتماً فى زيادة معدلات التضخم. ولا يجب أن نغفل أن التحدى الأساسى لتحقيق التنمية الزراعية هو كيفية توفير المياه لإستصلاح الأراضى فى سيناء، لذلك قامت الدولة بزيادة عدد محطات المياه، وهو ما عمل على زيادة الرقعة الزراعية داخل سيناء.الركيزة الخامسة توفير الإحتياجات الأساسية وتعزيز مظلة الحياة الكريمة فى مصر. أما الركيزة الأخيرة فهى العمل على إعداد برنامج طموح لإصلاح الهيكل الإقتصادى يكون قادراً على جذب 30 مليون سائح وهو ما تسعى إليه القيادة السياسية بالعمل على تغيير مفهوم السياحة فى مصر الى صناعة السياحة، وبذلك يكون مشروع التجلى الأعظم هو عنوان لمرحلة جديدة فى تاريخ مصر الحديث.وإيماناً بأن تنمية سيناء ضرورة ملحة، لنهضة الإقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة،لذا تعد سيناء منطقة جاذبة للاستثمارات، وكان ذلك نتيجة لتنفيذ العديد من المشروعات القومية التى تضمنت إنشاء مناطق صناعية وزراعية، وتطور الأمر ليشمل تنمية المواطن السيناوى بإعتباره أهم عناصر نجاح التجربة التنموية، فبهذا تحولت سيناء إلى واحة معمورة بها كل المقومات التى تؤهلها لتكون منطقة متكاملة إقتصاديا، ومع الإنجازات التى تحققت على أرض سيناء، أصبحت سيناء منطقة عمرانية مستقرة يشيع الأمن فى جوانبها، وهو ما سينعكس على تحقيق معدلات مرتفعة من النمو الإقتصادي، وجذب العديد من الاستثمارات داخل الأراضى المصرية.