161 مليار جنيه أنفقتها الدولة على فحص 30 مليون طالب للكشف عن أمراض التقزم والسمنة والنحافة هذا ما أعلنته وزارة الصحة مؤكدة ان سوء التغذية هى المشكلة التى تهدد أطفالنا من الحضانة حتى المرحلة الثانوية. . كشفت الدراسة أن 18٪ من أطفالنا مصابون بالسمنة بكل ما ينتج عن ذلك من أمراض السكر والضغط والقلب وفرط الحركة وسوء الاستيعاب.. الغريب ان كل هذه المليارات لا تعنى أننا وصلنا لحلول جذرية للمشكلة فالمنابع لم تجف والدائرة لم تغلق والأسباب لم تعالج من الجذور. أمام المدارس يقف عشرات الباعة الجائلين الذين يبيعون أطعمة مجهولة المصدر وسيئة الصلاحية وفى «كانتين» المدرسة يباع الشيبسى والعصائر المصنعة وعشرات الأنواع من «الأندومي» والبرجر والسوسيس المليئة بالدهون المهدرجة. . أما «اللانش بوكس» فحدث ولا حرج تحول إلى وسيلة للتفاخر فتسابقت الأمهات لملئه بسندوتشات مصنعات اللحوم والحلوى وغيرها من الأطعمة التى تزيد من سمنة الطفل ولا تقدم له التغذية السليمة. لذا وقف خبراء التغذية محذرين من أننا سنظل نلف فى نفس الدائرة دون أن نحصل على نتائج حقيقية تنعكس على صحة أطفالنا وأجيالنا المستقبلية.
فحص 15 مليون طالب فى 30 ألف مدرسة عبر 1800 فريق طبى
18
%
من أطفالنا
فى «دائرة الخطر»
مع ارتفاع معدلات السمنة وزيادة الوزن بين الطلاب والأطفال اطلقت اجهزة الانذار بأننا أمام مؤشر خطير حيث اجمع الاطباء على ان السمنة هى بوابة للكثير من الامراض وقد اهتم الرئيس السيسى بذلك.. واطلقت عدة مبادرات لتعزيز نظام ترصد قوى لفحص الأطفال والكشف المبكر عن السمنة وزيادة الوعى العام بالغذاء الصحى والنشاط البدنى وخطورة البدانة. . أولى هذه المبادرات كانت للكشف المبكر عن «الانيميا والتقزم والسمنة» واستهدفت فحص 15 مليون طالب بالمدارس المختلفة سواء الخاصة او الحكومية فى 30 الف مدرسة وتم من خلالها اجراء المسح الطبى للطلاب ويشمل قياس الوزن والطول ونسبة الهيموجلوبين فى الدم.
المبادرة انطلقت فى يناير 2019 بهدف إجراء المسح الطبى للطلاب ، وتم تحويل الحالات المكتشفة عيادات التأمين الصحى لاستكمال الفحوصات اللازمة وصرف العلاج بالمجان و تسليم هؤلاء الطلاب كروتاً للمتابعة تحتوى على البيانات الخاصة بهم لمتابعتهم دوريا والاطمئنان على حالتهم الصحية باستمرار من خلال 250 عيادة تأمين صحى بجميع محافظات الجمهورية وقد تم الانتهاء من فحص 11 ونصف مليون وقد تبين اصابة 18٪ من الاطفال بالسمنة.
يرى الدكتور عاطف دنيا استشارى طب الاطفال ان المبادرة الرئاسية للكشف عن الانيماوالتقزم والسمنة من اهم المبادرات فهى تهتم بفئة الاطفال فى سن النمو ومهم جدا سرعة اكتشاف وعلاج هذه الأمراض خاصة السمنة لأنها احد واكبر المشكلات والتحديات الكبيرة حيث يسبب ارتفاع نسبتها لدى الأطفال الدخول فى مضاعفات صحية اكثر خطورة مثل احتمالية الاصابة بامراض الضغط والسكر وامراض الشرايين بالاضافة الى التأثير النفسى الذى يلحق بالطفل نتيجة صعوبة الحركة واللعب مثل باقى اصدقائه، كذلك ضعف التحصيل الدراسى لذا يعد الاكتشاف المبكر للسمنة امر مهماً ويسهل علاجه قبل الاصابة بامراض اكثر خطورة، موضحا ان اهم اسباب الاصابة بالسمنة هو عدم اتباع نظام غذائى صحى وعدم تنظيم الوجبات الغذائية على مدار اليوم كما ان من ضمن الاسباب قد تكون الغدد او سبباً ورائياً لذا يجب معرفة السبب الحقيقى مبكرا وعلاجه حتى لايكون عبئاً كبيراً على الاسرة وعلى الدولة التى تتحمل تكاليف علاج الأمراض التى تسببها السمنة والاهم من ذلك حتى لا توثر عليه نفسيا.
يتحدث الدكتور الشربينى محمد الشربينى أخصائى الاطفال وحساسية صدر الأطفال عن مبادرة مكملة سميت 1000 يوم ذهبية تركز على أول 1000 يوم فى حياة الإنسان منذ تواجده جنينا فى بطن أمه، لذلك سميت بـ» الألف يوم الذهبية» فهى من اهم مبادرات بناء الإنسان المصرى والتى تهدف الى رفع الوعى بأهم فترة فى حياة الانسان حيث أن 85٪ من قدرات الإنسان تتشكل فى الألف يوم الأولى من حياته سواء على مستوى الصحة الجسمية والنفسية والذكاء والأداء الذهنى ، موضحا انه يبدأ الاهتمام بالأم خلال فترة الحمل والمتابعة المستمرة والتغذية السليمة وضرورة الولادة فى مكان آمن ورعاية الطفل بعد الولادة مباشرة للاكتشاف المبكر للأمراض وفحص الامراض الوراثية والغدد كما تم التوعية بأهمية الرضاعة الطبيعية والتطعيمات فى أوقاتها للوقاية من الـ6 أمراض المعدية، مع اهمية إعطاء الطفل الفيتامينات والعناصر الغذائية والنظام الغذائى المتوازن والمتكامل خلال اول سنتين بعد الولادة وهى اهم فترة لبناء الطفل وذلك لضمان حياة صحية متكاملة، مضيفا ان العناية الجيدة بالطفل فى هذه الفترة المهمة من حياته تحميه من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض، مثل السمنة والتقزم والتوحد والخلل فى القدرات الذهنية والنفسية والإبداعية، ولذلك من المهم التوعية السليمة لكل أم كى تستطيع الاعتناء بطفلها ورعايته بشكل صحى وسليم.
**
«اللانش بوكس» و«الكانتين»
سموم متحركة
رغم النصائح التى تطالب الامهات بوضع وجبة صحية خالية من مصنعات اللحوم والوجبات الجاهزة والعصائر المعلبة «اللانش بوكس» أو «وجبات الكانتين» إلا أنهن اعربن عن حيرتهن امام تحول المدارس لساحات من التفاخر والتباهى بافضل وأغلى الوجبات وما يشاهدونه على مواقع التواصل الاجتماعى من طرق مبتكرة لتحضير «اللانش بوكس» بالاضافة إلى رفض ابنائهن تناول الوجبات التقليدية من الجبن والبيض والاصرار على تناول البرجر والبانيه والبطاطس المقلية.
البداية مع دعاء صلاح معلمة باحدى المدارس الخاصة والتى بدأت حديثها قائلة «اللانش بوكس» اصبح من المستلزمات الاساسية مثل المقلمة والزمزمية ومن هنا تبدأ مشكلة جميع الامهات وهى ان الوجبة التى توضع فى البوكس ليست لتقديم غذاء صحى لاطفالنا بل للتباهى والتفاخر بها امام باقى الزملاء.
ساندوتشات الجبن مع الطماطم والخيار او البيض وتطورت الوجبات لتكون اكثر دسامة فنجد الفراخ البانيه المقلية والبرجر والكبدة بل وصل الامر إلى وجود اطباق من الارز والمكرونة حتى انا تعرضت للحرج وأضطر لتقديم نفس الوجبات حتى لا يشعر ابنائى انهم اقل من زملائهم.
وبمنتهى الاحباط تقول ولاء فيصل اعمل ايه اولادى لا يأكلون سندوتشات البيض والجبنة ولا حتى الخيار والفاكهة ويرفضون اى بدائل لهم حتى الجبن الرومى والشيدر والبطاطس بل يصرون على تناول مصنعات اللحوم مثل التركى المدخن والعيش التوست والشيكولاته سهلة الفرد والكورن فليكس ومهما حاولت ادخال بدائل تكون النتيجة عدم تناولهم اى طعام طوال اليوم الدراسى لذلك لم يكن امامى سوى الاستسلام لطلباتهم والا تعرضوا للهبوط الحاد بسبب الاجهاد فاى شئ افضل من لا شيء
بينما تقول نورا سيد: أنا غير مقتنعة انى لازم أحرم ابنى عشان شعور طفل اخر فابنى لا يأكل أى نوع من السندوتشات وأضطر أن أضع له ناجتس وأومليت وبطاطس محمرة وبالتاكيد لا يمكننى التحكم فى سلوك كل الناس لكن كل ما استطيع فعله هو ان أوجه تصرفات أولادى وأعرفهم إن الناس مختلفة ومش كلنا زى بعض ولا نقدر نكون زى بعض واحاول تعليمهم ما يبصوش للى فى يد غيرهم مهما يكون. . منى صابر: يعانى ابنى من حساسية البروتين لذلك فالامر بالنسبة لى فى غاية المشقة فلا يوجد بدائل بشكل كبير بل اننى فى بعض الاحيان لا يكون امامى سوى العصائر الجاهزة والالبان المعلبة المخصصة مثل لبن جوز الهند واللوز وللاسف لا يوجد اى اهتمام او حملات تقدم التوعية للامهات التى تعانى مع اطفالها مثل الاطفال مرضى السكر وانيميا الفول وغيرهم لذلك يجب قبل محاسبة الام التى لا حول لها امام مرض ابنها لابد ان تقدم لها بدائل امنة ومناسبة لطفلها.
***
مقرمشات وعصائر وآيس كريم
مجهولة المصدر .. أمام المدارس !
مع نهاية اليوم الدراسى وفور خروج التلاميذ من مدارسهم يلتفون حول عربات الباعة الجائلين أمام أبواب المدارس لشراء المقرمشات بالكاتشاب والجبنة والملح مجهولة المصدر ومعرضة للتلوث والاتربة وعربات أخرى تبيع الآيس كريم بمذاقات مختلفة بألوان صناعية علاوة على عربات الكسكسى المكشوفة فى الهواء وعوادم السيارات وعربات العصائر من تمر هندى ومانجو وبرتقال تشاهدها عبارة عن ماء وثلج يختلط فيه اللون بالمكسب للطعم بأسعار تبدأ من ٣ جنيهات وتعبأ لهم فى اكياس بلاستيكية أو أكواب كرتون بخلاف الفيشار والاندومي. . جولة «جريدة الجمهورية» رصدت الباعة الجائلين أمام أبواب المدارس بالسيدة زينب والمنيرة والحلمية التى يتجمع حول محيطها العديد من المدارس بجميع المراحل التعليمية من اعدادى وثانوى وابتدائى وسجلتها بالصور واستمعت لرأى أولياء الامور والمدرسين..فى البداية تقول هبة أحمد – ولية أمر – لدى ابنتان بالمرحلة الابتدائية احب ان اجهز لهما يومياً الاكلات الصحية والشهية ياخذونها من المنزل حتى لا يجذبهم ما يبيعه الباعة الجائلون وفى نفس الوقت الأم ليس لديها السيطرة الكاملة على ابنائها حتى وصولهم للمنزل فالاصدقاء يشجعون بعضهم للشراء والأطفال يجدون متعتهم فى شراء تلك الحلويات المكشوفة والخطرة.
وتحكى نادية عامر – ربة منزل قائلة: صديقة ابنتى شعرت العام الماضى بإعياء واسهال وقيء والأم لم تكن تعرف السبب فى ذلك ولكن الطبيب اخبرها بأنها تعرضت لتناول أكل ملوث وعلمت الأم ان ابنتها تناولت حمص الشام من احدى العربات المجهولة فظاهرة الباعة الجائلين أمام أبواب المدرسة بؤرة خطر على صحة وسلامة أبنائنا ولا بد من تكاتف الجميع للقضاء على تلك الظاهرة فهى مسئولية تقع على ولى الأمر من جهة والمحليات بعمل حملات يومية لمنع وقوفهم أمام المدارس من جهة أخري.
تشير هناء على – ربة منزل – إلى أن هذا الامر اعتدنا عليه كل عام نعانى الامرين من انتشار الباعة المتجولين أمام أبواب المدرسة.. ابنتى باحدى المدارس المتواجدة بمنطقة لاظوغلى ومع خروج التلاميذ يستقبلهم الباعة بغزل البنات والايس كريم والفيشار وكلها مكشوفة للهواء والاتربة فابنتى بالصف الثانى الابتدائى ويومياً إلحاح شديد وبكاء للشراء أرفض وانصحها خاصة ان الايس كريم المعروض لديهم عبارة عن دهون والوان صناعية لا يتم وضع لبن صحى بداخله..وتتحدث حنان حمدى – موظفة- عن احفادها بمدرسة فى المرج قائلة الباعة منتشرون بشكل سيئ والطفل يشترى منهم وللحد من تلك الظاهرة لا بد من ارشادات ونصائح من الأم للابن بعدم شراء كل ما هو معرض للاتربة والهواء الملوث ومدى ضرره عليهم والدور الأكبر على المحليات ومن وجهة نظرى المدرسة ليس لها أى سلطة على ذلك طالما التلميذ خرج من باب المدرسة.
خبراء التغذية:
وجبة الإفطار
قبل المدرسة .. الأهم
أجمع خبراء التغذية أنه مما لا شك فيه أن مبادرة وزارة الصحة للكشف المبكر عن أمراض الأنيميا والسمنة والتقزم لدى طلاب المدارس أتت فى إطار حرص الدولة على صحة وسلامة الطلاب مؤكدين أنها لن تؤتى ثمارها إلا بعد أن يتكاتف جميع أصحاب الشأن للوصول لأهدافها على الوجه الأمثل لأن تجفيف منابع هذه الأمراض لن يكتمل إلا لو تمت مراقبة غذاء الطفل طوال يومه الدراسى والعمل على إعطائه أصنافاً متنوعة من الأطعمة بين خضار وفواكه وبروتين وغيرها.
دكتور فتحى النواوى أستاذ الرقابة الصحية على منتجات اللحوم وسلامة الغذاء بكلية الطب البيطرى جامعة عين شمس: المبادرة التى اطلقتها وزارة الصحة من أهم وأخطر المبادرات لأنها تهتم فى المقام الأول بصحة النشء من شباب وقادة المستقبل لذلك يجب أن نقف جميعاً بجانب هذه المبادرة لتحقيق أهدافها بالشكل الأمثل ويجب أن تكون البداية مع الأم والتى تعد المسئول الأول عن صحة الطفل ويجب أن نمنحها حقها فى التعرف على أخطائها وتوعيتها بالقدر الكافى حيث من أكثر العادات الخاطئة المنتشرة بين الأمهات استخدام اللحوم المصنعة فى الوجبات المدرسية لأطفالهم مثل البسطرمة وشرائح الرومى المدخن والسلامى كمصدر أساسى للبروتين والتى حذرت منه منظمة الصحة العالمية بشدة نظراً لما تحتويه هذه المنتجات من دهون مشبعة ومكسبات طعم وألوان صناعية ومواد كيماوية تهدد صحة الطفل وهى أخطر من شرب السجائر والخمور للبالغين ورغم أن طعمها محبب لمعظم الأطفال ولكن فى المقابل تسبب مشاكل صحية على المدى البعيد .
وهنا يشير دكتور عبدالرحمن شمس اخصائى تغذية الرياضيين بالإدارة المركزية للطب الرياضى بوزارة الشباب إلى أن صحة الطفل مسئولية مشتركة بين الأسرة والدولة متمثلة فى المدرسة والنادى ووسائل الإعلام لتوفير بيئة آمنة تمنح الطفل الفرصة الكاملة لتناول طعام صحى وممارسة الرياضة بشكل منتظم.
جميع منتجات الألبان والجبن يحتاجها الجسم ضمن فترة النمو ويمكن استبدالها بحبة واحدة أو حبتين كحد أقصى من البيض المسلوق، مع وجود علبة واحدة من العصير الطبيعى الخالية من السكر أو علبة صغيرة من الزبادى ويمكن استبدالها أيضا بالألبان المخفوقة بالفواكه .
دكتور تامر سعيد خبير التغذية العلاجية يشير إلى أن فكرة علبة الغذاء المزينة بالألوان والأشكال الجذابة تشجع الأطفال على تناول طعامهم بالمشاركة مع زملائهم بالمدرسة بالإضافة أن تنويع الألوان والأشكال داخل اللانش بوكس له دور كبير فى فتح شهية الطفل ولكن الأهم من ذلك هو ما تحتويه هذه العلبة من طعام ويكفى تناول الأطفال للساندوتش العادى الذى يحتوى على الألبان أو الأجبان مع وجبة خفيفة أخرى مثل حبة من الفاكهة وأخرى من الخضار والتى تكون كافية لهم لتجاوز يومهم الدراسى وأن الاهمية الغذائية تتمثل فى ضرورة تناول الطفل الفطور قبل الذهاب للمدرسة حيث تعد محركاً أساسياً فى رفع مستوى التركيز لدى الطفل مع بداية يومه الدراسى .