قيمة تاريخية عظيمة حظيت بها مدينة سانت كاترين بجانب مكانتها الروحانية وطبيعتها الجغرافية الساحرة حيث تقع فى قلب محمية طبيعية ببقعة مقدسة وهو ما جعل منها مدينة عالمية ذات طابع خاص ومزاراً سياحياً فريداً يجذب السائحين من كافة بقاع الأرض لما تذخر به من أماكن ومزارات ذات طابع دينى وتاريخى بجانب ما تضمه من جبال تعد الأعلى ارتفاعاً فى مصر الأمر الذى يتيح رياضات التسلق بجانب سياحة السفاري.
وتستمد مدينة سانت كاترين مكانتها الروحانية عندما تجلى الله سبحانه وتعالى لسيدنا موسى وكلمه أثناء عودته إلى مصر من مدين على جبل التجلى وهو ما جعل للمدينة بعداً دينياً عظيماً بجانب ما تضمه من أماكن دينية أثرية جعلها ملتقى للديانات السماوية الثلاث حيث يوجد بالمدينة جبل كاترين وعليه يقع دير سانت كاترين الأثرى والذى يُعد أحد أقدم الأديرة على مستوى العالم بما يضمه من كنائس تاريخية ومسجد الحاكم بأمر الله والمسجد القديم الذى بنى فى عهد الفاطميين والمكتبة التى تضم العديد من المخطوطات أشهرها ما يقال بأنه وثيقة من الرسول صلى الله عليه وسلم يعطى فيها الأمان للدير والرهبان والتى يرجح أن من كتبها عمر بن الخطاب.
وفى ظل تلك المكانة التاريخية والدينية جاءت تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية بتطوير مدينة سانت كاترين ووضعها بمكانتها اللائقة التى تستحقها هذه البقعة الطاهرة المقدسة وإقامة مدينة سانت كاترين الجديدة مع تعظيم الاستفادة من المقومات السياحية لهذه المدينة ذات الطابع الأثرى والدينى والبيئى والتراثى معاً تماشياً مع اتجاهات التنمية المستدامة فكان مشروع التجلى الأعظم فوق أرض السلام بمحافظة جنوب سيناء.
ولهذا كانت زيارات الدكتور مصطفى مدبولى للموقع، واجتماعاته المتواصلة لمتابعة تنفيذ المشروع والتأكيد على ضرورة أن يخرج بالشكل الذى يليق بمكانة وقدسية «التجلى الأعظم» وتوفير كل الامكانات اللازمة لذلك.
آخر اجتماعات المتابعة التى عقدها رئيس الوزراء كانت الأسبوع قبل الماضى وأكد فيه ضرورة أن تصبح المنطقة مزاراً سياحياً عالمياً يستوعب ويجذب مليون سائح على الأقل سنوياً مع سرعة الانتهاء من المشروع.
رئيس الوزراء أكد أيضاً أن يكون تطوير المناطق المحيطة تتناسب مع تاريخيتها، وأن يكون المشروع هدية مصر للإنسانية.
مخطط متكامل
وانطلاقاً من هذه التوجيهات قامت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية بوضع مخطط متكامل لمشروع «التجلى الأعظم» فوق أرض السلام بمدينة سانت كاترين يهدف إلى إنشاء مزار روحانى على الجبال المحيطة بالوادى المقدس لتكون مقصداً للسياحة الروحانية والجبلية والاستشفائية والبيئية على مستوى العالم، بجانب توفير جميع الخدمات السياحية والترفيهية للزوار وتنمية المدينة ومحيطها مع الحفاظ على الطابع البيئى والبصرى والتراثى للطبيعة البكر وتوفير أماكن لتسكين العاملين بمشروعات مدينة سانت كاترين.
ويأتى المشروع الذى تم تخطيطه على مساحة 1500 فدان لاستيعاب 12 ألف نسمة من خلال 22 مشروعاً رئيسياً تتولى وزارة الإسكان تنفيذها من خلال الجهاز المركزى للتعمير بتمويل من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة حيث تبلغ التكلفة التقديرية 10.5 مليار جنيه وقد قارب على الإنتهاء ومن المقرر افتتاحه فى عيد تحرير سيناء فى أبريل القادم فى حدث عالمى سيحظى باهتمام كبير نظراً لمكانة وأهمية المدينة من ناحية وعظمة المشروع من ناحية أخري.
أهداف المشروع
اللواء محمود نصار رئيس الجهاز المركزى للتعمير كشف لـ «الجمهورية» عن الأسس التخطيطية والتصميمية العامة لمشروع التجلى الأعظم فوق أرض السلام والتى تهدف إلى الحفاظ على الصورة والطبيعة الروحانية للمكان بشكلها الطبيعى البكر من خلال الحفاظ على الغطاء النباتى الطبيعى باستعمال نباتات من نفس البيئة مثل أشجار الزيتون واستخدام نباتات ملائمة للبيئة المحلية فى جميع أعمال اللاندسكيب بجانب الحفاظ على الرؤية البانورامية للطبيعة التى تتميز بها سانت كاترين.
أضاف أن المشروع يستهدف أن تكون مدينة سانت كاترين مدينة خضراء ولذا تم إصدار قرار بتحويل كافة مركبات النقل العام إلى مركبات كهربائية وعمل 3 محطات للشحن الكهربائى وعمل أكثر من 11 كم مسارات للمشاة والدراجات ،بجانب تحويل وادى الأربعين إلى ممشى سياحى بيئى طبيعي.
مركز الزوار
وأوضح رئيس الجهاز المركزى للتعمير أن المخطط العام للمشروع يشتمل على تنفيذ عدة مشروعات لتصبح مساحة المدينة بعد التطوير 1500 فدان، ويأتى فى مقدمتها إنشاء مركز الزوار الجديد بمدخل المدينة بموقع ميدان الوادى المقدس على مساحة 3170 م2 ويمثل نقطة استقبال وتوجيه محورية للسائح والزائر من خلال مبنى حديث يتكون من دورين أرضى وأول وروف مشاة ويضم المبنى قاعة استقبال ومعلومات، محلات هدايا تذكارية، مكاتب إدارية، مكاتب حجز رحلات وطيران، مطعم وكافيتريا، صيدلية قبة سماوية لمشاهدة أفلام ثلاثية الأبعاد عن التاريخ التراثى والروحانى لسانت كاترين وجبل سيناء، بحيرة صغيرة، حديقة تضم نقطة وصول ومناطق انتظار مُنظمة للسيارات والأتوبيسات والعربات الكهربائية ومنطقة أخرى للاستجمام تضم مقاعد للجلوس فى الطبيعة وبحيرة صغيرة مع استخدام المكونات والألوان المحلية المتماشية مع الطبيعة المحيطة.
ساحة السلام
ويتمثل المكون الثانى للمشروع فى ساحة ومبنى السلام والتى تمتد على مساحة 12 ألف م2 حيث مبانى بمساحة 7300 م2 وتشمل ساحة للاحتفالات الخارجية، مبنى عرض متحفى متنوع ،مسرح وقاعة مؤتمرات، كافيتريا وغرف اجتماعات لتستوعب مختلف الفعاليات مع إخفاء خدماتها الضرورية فى مبنى تحت الأرض غير ظاهر وغير مؤثر على البيئة الطبيعية.
ويأتى الفندق الجبلى المتكامل كمكون ثالث فى مشروع التجلى الأعظم فوق أرض السلام على مساحة 12900 م2 حيث يتكون من 144 غرفة متنوعة وأجنحة من خلال مبنى بارتفاع أرضى و4 طوابق ،حمامات سباحة ،وكبائن إقامة ويتمتع الفندق بإطلالات متعددة على دير سانت كاترين وهضبة التجلى ووادى الراحة مع حديقة جبلية خلفية ذات تكوينات صخرية نادرة ويقوم المشروع على استغلال التجويف الكبير الموجود فى الجبل بوادى الراحة لإنشاء الفندق الجبلي، ليضم كافة المقومات التى تجعله فندقا عالميا يتمتع بإطلالات متعددة.
النزل البيئى
وجاء إنشاء النزل البيئى الجديد «الإمتداد» بمنطقة وادى الراحة كمكون رابع على مساحة 39500 م2 حيث يتكون من 7 مبانى بإجمالى 192 غرفة فندقية بيئية، و56 جناحاً بالإضافة إلى إنشاء الحديقة الصحراوية بمحاذاة سفح الجبل وتربط النُزل البيئى الجديد بالفندق الجبلى وإنشاء ممشى «درب موسي» ليحاكى المسار التاريخى لسيدنا موسى عبر وادى الراحة وصولاً لجبل التجلى بالإضافة إلى تطوير عدد 74 شاليه بالنزل البيئى القائم وتطوير مطعم الصفصافة لاستيعاب وخدمة عدد النزلاء بالنزل البيئى الجديد والقائم.
وفى إطار حرص الدولة على استيعاب الكثافة السكانية المتوقعة للمدينة بعد خطة التطوير الشامل جاء مشروع إنشاء الحى السكنى الجديد بالزيتونة من خلال إضافة وحدات سكنية وخدمات و21 مجمعاً فندقياً ويوفر المشروع 546 وحدة سكنية بتشطيب فوق المتوسط وفاخر بمساحات 100 م2 و 230 م2 بجانب خدمات متكاملة حيث مدرسة، مسجد، كنيسة ومحلات تجارية.
منتجع سياحى
وقال اللواء محمود نصار رئيس الجهاز المركزى للتعمير إن الأعمال تضمنت مشروع تطوير المنطقة السياحية وتشمل الأعمال إنشاء المنتجع السياحى الجبلى ويضم 4 فيلات على مساحة 520م2 ،
و17 شاليهاً على مساحة 3660 م2، ومنطقة تجارية «بازارات» تضم 16 بازاراً على مساحة 1500 م2 تدعم القاعدة الاقتصادية بالمدينة وتوفر متنفساً خدميا مع الحفاظ على الصورة البصرية الطبيعية والروحانية للمكان، وإنشاء ناد اجتماعى جديد على مساحة 1600 م2 لتوفير متنفس خدمى رياضى ترفيهى لأهالى المدينة، بالإضافة إلى مشروع المنتجع السياحى الجبلى الذى يقوم على استغلال الهضبة المميزة المطلة على المدينة بالكامل وعلى وادى الأربعين لإقامة مشروع صحى استشفائى عالمي، والاستفادة من الكوادر المحلية التى تتميز بها سانت كاترين فى العلاج بالأعشاب الطبيعية.
ويأتى ضمن المخطط العام لمشروع التجلى الأعظم فوق أرض السلام مشروع تطوير منطقة وادى الدير والذى يعد من أهم مناطق سانت كاترين لكونه الوادى المقدس الذى ذكرته كل الأديان السماوية، وبه أنشئ دير سانت كاترين الذى يظل مزاراً روحانياً وأثرياً على المستوى العالمي، ويشمل المشروع تنفيذ مسار للمشاة، ومسار للجمال، واستبدال الأرضيات بالتدبيش بالجرانيت المتماشى مع البيئة، وكذلك تطوير مبرك الجمال القديم وإنشاء مبرك جديد لخدمة رحلة جبل موسى ودير سانت كاترين، وينتهى مسار وادى الدير بمركز الزوار والطريق الرئيسي.
استراحة السادات
ويشتمل مشروع التجلى الأعظم فوق أرض السلام على مشروع تطوير استراحة السادات التاريخية والتى تعد استراحة لكبار الزوار أقامها الرئيس الراحل فى وادى الراحة وقد تم وضع خطة تصميمية لإحياء وترميم الاستراحة وأعمال اللاندسكيب البيئى من حولها وإنشاء استراحة تليق باسم الرئيس الراحل محمد أنور السادات تستخدم لكبار الزوار وتشمل دوراً أرضياً وجناحاً علوياً يضم استراحة السادات وحديقة متحفية ومدرجات مشاهدة.
كما يتضمن المشروع تطوير مركز البلدة التراثية وتشمل الأعمال رفع كفاءة وتطوير مسجد الوادى المقدس وتطوير المحلات القائمة وإنشاء بازارات جديدة وتحويل المنطقة إلى منطقة سياحية تراثية للمشاه فقط تناسب طابع المدينة.
إسكان البدو
ولم تغفل الدولة الاهتمام بأبناء سيناء من أهالى المنطقة حيث تم إطلاق مشروع تطوير منطقة إسكان البدو ويشمل تنسيق الموقع العام وإنشاء خدمات، مع الحفاظ على الصورة البصرية الطبيعية والروحانية للمكان بشكلها الطبيعى البكر وتشكيل الجبال والوديان.
ويأتى من ضمن المشروعات المجمع الشرطى الجديد والذى يقع على مساحة 14800 م2 على طابقين أرضى وأول، كذلك إنشاء المبانى الأمنية الجديدة وتقع على مساحة 9184 م2 وتشمل مبانى المخابرات العامة، مخابرات حرس الحدود، شئون القبائل والمخابرات الحربية، كما يتضمن مخطط التطوير إنشاء المجمع الحكومى الجديد والذى يقع على مساحة 16800م2 على طابقين أرضى وأول وتشمل المبانى مبنى مجلس المدينة، المدخل الرئيسى للمبني، مدخل فرعى من انتظار السيارات ،مناطق مفتوحة انتظار سيارات VIP، وانتظار سيارات.
وادى الأربعين
يكشف اللواء محمود نصار رئيس الجهاز المركزى للتعمير إن المخطط يشتمل على أعمال تنسيق الموقع بمسار المشاة الرئيسى بوادى الأربعين من مركز الزوار حتى مركز المدينة ليكون متنزهاً طبيعياً ومسارات مشاه ودراجات ومزارع أشجار زيتون، ومشروع تطوير وإنشاء شبكات الطرق للحركة الآلية وتطوير ورفع كفاءة البنية التحتية وشبكات المرافق إلى جانب تنفيذ أعمال الوقاية من السيول وتشمل معالجة مخرات السيول التى تم مراعاة مساراتها فى تصميم المخطط العام للمدينة، ومعالجتها، بحيث تصبح عنصرًا إيجابيًا ضمن شبكة المسارات وتنسيق الموقع بالمدينة، ويجرى حالياً الإنتهاء من أعمال رفع كفاءة وتوسعة وازدواج الطريق من كمين النبى صالح وحتى مبنى الزوار بطول 9كم، كذلك تنفيذ أعمال توسعة وازدواج ورفع كفاءة الطريق من مطار سانت كاترين حتى كمين النبى صالح بطول 9 كم.
مرافق متكاملة
وفى إطار حرص الدولة على توفير المرافق اللازمة للمشروع جاءت أعمال توصيل الكهرباء بالقدرة المناسبة لتشغيل التطوير والتوسع المستقبلى شاملة إنشاء محطة محولات سانت كاترين الجديدة قدرة 40 ميجا. ف.أ والتى تم رفع قدرتها إلى 75 ميجا.ف.أ طبقاً للدراسات المستقبلية، وتنفيذ خط الربط الهوائي، جهد 220 ك. ف من محطة نويبع القائمة إلى محطة محولات سانت كاترين بطول 100 كم، مع توسعة محطة محولات نويبع القائمة بإضافة عدد 2 خلية وعدد 2 ممانع قدرة 25 ميجا ف أ جهد 220 ك. ف للربط مع محطة سانت كاترين ، وإنشاء مبانى المحولات والموزعات ومد الكابلات الأرضية، ورفع كفاءة خط مياه أبورديس سانت كاترين شاملة مواسير HDPE بطول 5 كم وعدد 6 طلمبات ضغط 40 بار.
هنا على ارتفاع 1600 م فوق مستوى سطح البحر تطل مدينة سانت كاترين على العالم بثوب جديد فى عيد تحرير سيناء فى 25 أبريل القادم لتضيف لمكانتها التاريخية والدينية مكانة جديدة تجعلها قبلة السياحة العالمية.